شعار قسم مدونات

الإسراء والمعراج.. ما بين نصرة المظلوم ومساندة الجبار!

https://www.youtube.com/watch?v=2gmZa4esaVY
الدمار الذي سببه العدوان الإسرائيلي على غزة (الجزيرة)

كلما حلت علينا ذكرى حادثة الإسراء والمعراج، عادت الآراء المختلفة حول ثبوتها ونفيها رغم إجماع العلماء على ثبوتها للنبي روحا وجسدا وهو في يقظة. إلا أن الجدال لا يتوقف بين مشكك ومؤمن. وهذا أمر طبيعي، فالخلاف قائم في كل شيء حتى في تفاصيل ما يُرى رأي العين، كيف بالغيب أو كلام الله الذي يؤول ويفسر. وأيّن كان زمن وتاريخ حادثة الإسراء والمعراج، إلا أننا كمؤمنين مسلمين نؤمن بحدوثها بالكيفية التي أراد الله لها أن تكون.

أصطفى الله بشرا واصطفى أمكنة. وبيت المقدس اصطفاها الله لتكون أول القبلتين ومسرى النبي، هكذا كنا نظن. لكن الأيام أثبتت لنا أن فلسطين ببيت المقدس هي بوصلة البشرية التي تحيي الضمير في قلوب البشر

إن القول بإسراء النبي، هو سفر عبر الزمن أقرب للتفسير المصدق؛ فالسفر عبر الزمن وضعت له نظريات حديثة وإن ما زالت خيالية التطبيق. ونحن نؤمن أن كل أمر عند الله منوط بقوله كن فيكون؛ ومن ضمنها قوانين الزمان والمكان والحدث. ولعل الله سبحانه وتعالى حين يصنع أحداثا من الخوارق تفوق فهم عقول البشر فإنه لا يصنعها إلا وفق قوانين فيزيائية للكون، يكتشفها البشر في الوقت الذي يشاء الله لهم؛ ليؤمن من أمن على بينه ويكفر من كفر على جحود. فكل آيات الكون الخارقة هي حلقات تعزز إيماننا بالعلي القدير.

هذا لمن يقول إنها خرق لنواميس وقوانين الكون. فالذي خرقها هو الذي خلقها وأوجد النواميس والقوانين؛ (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) لا يعلم البشر إلا جزء من واحد بالمائة من أسرار الكون ولم يكتشف كامل قوانينه ونواميسه. أما بالنسبة لنا فإيماننا بالغيب هو جزء من إيماننا بالله. ثم إن التطور التكنلوجي اللافت كان ليصبح من المعجزات الشبيهة بالإسراء والمعراج في زمن الأقدمين، لكنه الآن مبرر ومفهوم يدرس للطلبة في المدارس كتقنيات وصل إليها الإنسان.

نأتي إلى الذين يسخرون من حادثة الإسراء والمعراج، وهم يحاولون طمس حقيقة أن بيت المقدس هي محطة بين السماء والأرض كانت ولا زالت يرتقي منها الأنبياء والشهداء. فلن تكف حروب الشبهات مثلما لن تكف مصانع أسلحة الدمار في الانتاج. ومثلما أن البلدان لها جيوش مسلحة تحمي الأرض. على الإنسان أن يتسلح بالفهم والوعي حول دينه ومعتقده، كي لا يسقط محتلا من أفكار الآخرين أو على الأقل مستسلما للباطل، ومسالما عن ضعف حجة وعدم معرفة.

أصطفى الله بشرا واصطفى أمكنة. وبيت المقدس اصطفاها الله لتكون أول القبلتين ومسرى النبي، هكذا كنا نظن. لكن الأيام أثبتت لنا أن فلسطين ببيت المقدس هي بوصلة البشرية التي تحيي الضمير في قلوب البشر، وهي معراج الشهداء ومهبط الوحي الأول وأرض الرباط لجند الله المخلصين.

ما يحدث في غزة من تسديد وتوفيق للمقاومة هو سند سماوي يتنزل من السماء إلى أرض المعراج. وأن الباب إلى السماء ما يزال مفتوحا حتى الساعة.

لقد وقعت حادثة الإسراء والمعراج والنبي في أشد حالات ضعفه وحزنه أمام قريش، فكانت تسلية لقلبه ودعما نفسيا هائلا ليرى أي قدرة باهرة يستند إليها في دعوته. وهذا لمن يرى عبثية حادثة الإسراء والمعراج فتوقيتها ينفي هذا الاستهتار في الظن، فالنبي كان في أشد مراحل دعوته حزنا وضعفا فكانت رحمة الله ولطفه ومساندته قوية جلية.

وما يحدث في غزة من تسديد وتوفيق للمقاومة هو سند سماوي يتنزل من السماء إلى أرض المعراج. وأن الباب إلى السماء ما يزال مفتوحا حتى الساعة. له ذات الهدف الأسمى وهو سند الله للضعفاء ونصرتهم فهم الغالبون.

إن اختيار الله أرض المسرى لتكون منطلق المعراج لم يكن سوى إشارة إلى بقاء اتصال الأرض بالسماء، ومن أرض الرباط والصمود والصبر الطويل سيأتي النصر والحرية لكل أهل الأرض.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.