شعار قسم مدونات

عطش إنسان اليوم للإنسانية

يتعطش الإنسان اليوم للإنسانية ويحلم بها منتظرا الليالي تلو الأخرى (الجزيرة)

"ومن أكبر جهاد الإنسان اليوم أن يعيش إنسانا" شيخ مراد.

والد يقتل ولده، وولد يقتل أباه، زوج يغدر بزوجته، وزوجة تخون زوجها، أم تخنق جنينها، معلم يستغل طلابه باسم الطائفية والكراهية، وطالب يستخف بمعلميه، والقطط والكلاب تقتل بأياد سوداء، هذا ما تتناقله الجرائد والأنباء يوما بعد يوم، وتأتي الأخبار بطراز جديد في عناوين لافتة لا تقدر أذهان الإنسان أن تستوعبها منذ أن وجد العالم.

الإنسان اليوم يعيش في جب عميق تندر فيه مياه الإنسانية والكرامة، وقيم الإنسانية بالكاد تبوأت مكانها في المستنقع، فهي لا تحتل مكانا في حياة الإنسان جمعاء.

لقد نسي الإنسان أن يتحلى بحلية تميزه عن سائر المخلوقات ألا وهي الإنسانية والكرامة

الإنسان اليوم يلهث خلف جمع الأموال وتبوئ المناصب مهما يكن وراءها من عدم الكرامة وسلب صفة الإنسانية.

قد يصعد الإنسان لدرجة الملائكة إذا ارتقى، ويمكنه أيضا أن ينحدر لدرجة البهائم، بل لأسفل من هذه الدرجة إذا تردى، وهذا ما أعلنه القرآن بكل صراحة.

يتعطش الإنسان اليوم للإنسانية ويحلم بها منتظرا الليالي تلو الليالي، في هذا الزمن الذي استئصلت فيه من جذور الناس جذوة الإنسانية والكرامة وتوطنت فيهم معاني الأنانية والنفعية.

كم هو مؤسف وكم هو محزن، ولقد نشرت وقائع عدة توحي بعدم الكرامة والإنسانية في مختلف أصقاع المعمورة، فقد نسي الإنسان أن يتحلى بحلية تميزه عن سائر المخلوقات ألا وهي الإنسانية والكرامة.

خير وثيقة نستند عليها لاكتشاف عناوين الإنسانية الغزيرة ونطبقها في كتابة وصناعة حياتنا الدائمة ليكون كل منا إنسانا حقيقيا هي سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

ومن جهة أخرى، تتكاتف الأيادي وتتراص المناكب لتوطيد بناء الإنسانية عندما تحل بهم النكبات والمصائب، وليس أدل على ذلك من مشاهد المغاربة وأهل ليبيا وغيرهما من الأقطار التي وقعت فيها النكبات، كتب الله لهم الرحمة والسلامة، ومن عادة الإنسان أن يتشابك أحيانا قلبا وقالبا لمواجهة حالكات الليالي ونائبات الدهور.

فأمامنا خير وثيقة نستند عليها لاكتشاف عناوين الإنسانية الغزيرة ونطبقها في كتابة وصناعة حياتنا الدائمة ليكون كل منا إنسانا حقيقيا، وهي سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكان هو النموذج الأعلى للإنسانية والكرامة حيث سطر لنا بصور متعددة مساوئ الابتعاد عن القيم الإنسانية، ولا بد من العودة إليها والتمسك بها، وحينها يمكن لنا أن نحلم بعالم مليء بمشاعر الإنسانية والكرامة والحلم بمستقبل مشرق غير بعيد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.