شعار قسم مدونات

كيف نوظف شراكاتنا المؤسسية بشكل فاعل؟

تحليل الأعمال يساعدون  المؤسسات على التكيف مع الإستراتيجيات بفعالية وكفاءة
العقول عندما تجتمع تثمر والكفاءات عندما تفكر بصورة عقلانية تبدع وهذا يتطلب بيئة محفزة وداعمة (غيتي)

تنشط كثير من مؤسسات المجتمع المدني في بناء خطوط اتصال مباشرة مع نظيراتها من المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية محليا وإقليميا ودوليا، في صورة من التفاعل المدني والنشاط الاجتماعي والإداري، الذي يحاول من خلاله مديرو الشركات والمنشآت الصناعية، بناء قدراتهم وتطويرها وتعزيزها، وتفعيل حضورهم في بيئة العمل ومجالاتها.

إن النجاح في التخطيط لشبكة العلاقات المؤسسية والعلاقات الفردية ذات الجدوى الفعلية يعدّ سمة مميزة لعقلانية الإدارات العليا في المؤسسات الاقتصادية على اختلاف مجالات عملها

الحديث عن "التشبيك" المؤسسي حديث يتناول العمل الحقيقي لمعنى الوعي الإداري العصري، وهو إشارة واضحة على قدرة الإدارة العليا في كل شركة ومصنع ومنشأة على فهم الواقع وتحليله، إضافة إلى استيعابها لمنطلقات استشراف المستقبل، وهو معنى حقيقي لتوجه هذه الإدارات نحو تخطيط عملها المستقبلي، وبُعدها عن الارتجال والعشوائية في العمل، وهي دلالة على أن هذه الإدارات تسعى لتعزيز حضورها، وتطوير كادرها البشري، وانتقالها التدريجي من مرحلة إلى أخرى، من خلال استثمار مجالات "التشبيك" مع المؤسسات والشركات ذات العلاقة، في مجال أو أكثر من مجالات التلاقي والتعاون.

نحن اليوم –بلا ريب- في زمن التقنية العصرية، في زمن القدرة على بناء الشكل الجديد للتواصل، والتفاعل البشري على البُعد التقني، وهذا معناه أن التشبيك المؤسسي أخذ شكلا جديدا، يجمع ما بين السهولة والسرعة والإنتاجية، وهو بهذا المعنى يتطلب نموذج فهم متجدد لدى الإدارات في المنشآت المختلفة، لاستيعاب هذه المتغيرات والتفاعل معها بصورة منتجة، وبصورة تختصر عليها الوقت والجهد والمال من خلال بناء شبكات العلاقات والاتصالات والتعويل عليها، بصورة منهجية تراكمية تقود إلى تشبيك منتج في المجال الذي تهتم به هذه المؤسسات، حكومية كانت أو أهلية.

إن النجاح في التخطيط لشبكة العلاقات المؤسسية والعلاقات الفردية ذات الجدوى الفعلية يعدّ سمة مميزة لعقلانية الإدارات العليا في المؤسسات الاقتصادية على اختلاف مجالات عملها، وهو علامة على قدرتها على الاستمرارية والتطور والتوسع ومواجهة تحديات الواقع والمستقبل، فالجهد التكاملي منتج لا شك، فكيف بنا إذا وظّفنا هذه العلاقات في مجالاتها الرئيسة، وفي التفاعل في مجال التطور الإداري، وتقوية الوعي التسويقي، وتطوير الكادر البشري، والتبادل المعرفي، والاستفادة من الخبرات الفنية لكل طرف من أطراف هذه العلاقات؟

رسالة لكل مسؤول وصاحب سلطة على امتداد جغرافيا العالم العربي الذي تكويه الأزمات؛ بأن يشمر عن سواعد الجد والاجتهاد في معرفة توجهاته المستقبلية، وكيفية استثمار العلاقات الممكنة ليختزل وقته وجهده في القفز نحو المستقبل بخطوات واثقة

ومع جدية الحديث عن التشبيك المؤسسي المعاصر وأثره في المؤسسات وفي المجتمع وحيويته بشكل عام، إلا أن التشديد على تطوير القوانين العامة والتحفيزية من طرف الحكومات له أهمية خاصة، فوجود قوانين تحفيزية للمؤسسات والشركات في مجال التشبيك العقلاني المثمر من طرف الحكومات لهذه الشركات؛ يدفعها للنظر بجدية لمعنى ومفهوم التشبيك المؤسسي الناجح، وبه تتحقق حالة من التدافع الإيجابي في بناء الشراكات الجدية، بعيدا عن المظاهر الفارغة، والحرص على الصور الفوتوغرافية، والشعارات والحضور على وسائل التواصل الاجتماعي، دون أن يكون لهذه الاتفاقيات والتفاهمات أثر حقيقي في المؤسسات والمجتمع بشكل عام.

إن رسالتي في هذه المدونة هي رسالة لكل مسؤول وصاحب سلطة على امتداد جغرافيا العالم العربي الذي تكويه الأزمات؛ بأن يشمر عن سواعد الجد والاجتهاد في معرفة توجهاته المستقبلية، وكيفية استثمار العلاقات الممكنة ليختزل وقته وجهده في القفز نحو المستقبل بخطوات واثقة، وبخطة واضحة يتكامل من خلالها مع من يتقاطع معه في مجالات عطائه المستقبلية، في مجال أو أكثر من مجالات التلاقي والتفاعل، فالعقول عندما تجتمع تثمر، والكفاءات عندما تفكر بصورة عقلانية تبدع، وهذا يتطلب بيئة محفزة وداعمة لكل تشبيك ينعكس إيجابا على المجتمع، في مجالات تشغيل الأيدي العاملة، وضرب النماذج المؤسسية الريادية، وتكوين أنماط جديدة من العمل التجاري والصناعي والاستثماري، التي يكون من شأنها أن تكون باعث أمل في كل مجتمع تنشط فيه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.