شعار قسم مدونات

الذكاء الاصطناعي والسرطان.. هل تنتهي الحقبة المظلمة؟

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تخفيض معدلات الأخطاء الطبية وتوقع نتائج العلاج، اقتراح الرعاية الشخصية المناسبة لكل فرد (غيتي)
بعض الدراسات العلمية المنشورة مؤخرا تشير إلى إمكانية بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنواع معينة من السرطان (غيتي)

مما لا يخفى على أحد أننا نعيش في ظل تطور علمي وتكنولوجي كبير ومستمر، فمع تسارع الأيام تزداد وتيرة الاختراعات والتطبيقات والتقنيات الجديدة، سواء كانت في المجالات الهندسية والبرمجية، أو الطبية العلاجية، أو في المجالات الأخرى.

وفي هذا السياق يشغل الذكاء الاصطناعي حيزا كبيرا داخل عديد من التطبيقات التكنولوجية البرمجية، كما يخضع لكثير من التطورات المستمرة، من أجل القيام بعديد من المهمات المتنوعة والمعقدة، والتي تفوق التدخلات البشرية.

إن الإنسانية لا تزال منذ سنين طويلة في صراع دائم مع السرطان، أحد أسوء الأمراض الطبية عداوة للبشرية، وذلك بسبب قدرته السريعة والسرية على التطور إلى أن يصل إلى تلك المستويات التي يصعب عندها التعامل معه

فبالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية، نجد أننا قبالة مصطلح واسع يحاول أن يقارب عبر قدراته البرمجية الإدراكات البشرية في فهم وتحليل البيانات الصحية، من صور وتحاليل مخبرية، ثم وضع الاستنتاجات النهائية بناء على عديد من المعلومات الإلكترونية.

وكما هو معروف، فإن الإنسانية لا تزال منذ سنين طويلة في صراع دائم مع السرطان، أحد أسوء الأمراض الطبية عداوة للبشرية، وذلك بسبب قدرته السريعة والسرية على التطور إلى أن يصل إلى تلك المستويات التي يصعب عندها التعامل معه، لهذا ينصح الأطباء بما يعرف بـ"التحري المبكر للسرطان" وذلك عن طريق بعض الفحوصات الكيميائية، أو الصور الطبية، لا سيما لأولئك الذين لديهم القابلية الكبيرة للإصابة بهذه الأمراض السرطانية.

وفي سياق تطور الذكاء الاصطناعي، تشير بعض الدراسات العلمية -التي نُشرت في الآونة الأخيرة- إلى إمكانية بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الثدي الذي يُعد أكثر أنواع السرطانات انتشارا حول العالم، وذلك في مراحله المبكرة جدا التي يصعب فيها الكشف عنه عبر الإجراءات التشخيصية الروتينية، لأسباب تعود إلى مشكلة ما في الكثافة النسيجية للأعضاء المصابة بهذه الأورام السرطانية، أو إلى محدودية الأجهزة الطبية التقليدية.

وحسب الدراسة، فإنه بإمكان الذكاء الاصطناعي التنبؤ المسبق بهذا النوع من السرطان تحديدا وذلك قبل حدوثه بنحو 10 سنوات، كما أنه باستطاعته القيام بتحليل بروتينات معينة، وإخبار الأطباء إذا ما كان هذا الورم سيستجيب للعلاج الهرموني مثلا، أو أن العلاج الكيميائي ضروري في هذه الحالة أم لا.

هل سيأتي ذلك اليوم الذي يتمكن فيه الذكاء الاصطناعي من فهم الخصائص الجينية لكل شخص، وإعطاء الخطط العلاجية بناء على هذا الأمر؟

كذلك بإمكان الذكاء الاصطناعي تحليل خصائص هذه الأورام السرطانية، من حيث نوعها وحجمها، وكذلك عدد العقد الليمفاوية المصابة، وإذا ما كانت هناك علاقة ما مع سرطانات أخرى فرعية، وهذه العملية عبارة عن كمية ضخمة ومعقدة من بيانات ومدخلات يصعب على الإنسان حسابها بشكل ما أو بآخر.

فهل سيأتي ذلك اليوم الذي يتمكن فيه الذكاء الاصطناعي من فهم الخصائص الجينية لكل شخص، وإعطاء الخطط العلاجية بناء على هذا الأمر؟

من المؤكد أن تطورات تلك التقنية في هذا المرض تحديدا ربما تقرّب العالم من نهاية حقبة قاتمة من الظلام والألم دامت سنوات طويلة دون أي بارقة أمل تُذكر.

ولكن حتى تلك اللحظة فإن أمام الذكاء الاصطناعي رحلة طويلة من التعلم والتطور، إذ إنه رغم كل إمكاناته الطبية التي لا حدود لها البتة، سواء في الأمراض السرطانية، أو في غيرها من الأمراض الصحية، أو في الجراحة "الروبوتية" التي تتطور يوما بعد يوم، فإن التدخلات البشرية لا تزال ضرورية، وذلك تفاديا لأي أخطاء محتملة قد تحدث هنا أو هناك من قبل هذه التطبيقات البرمجية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.