شعار قسم مدونات

أهمية الإنترنت.. هل تزيد مع مرور الزمن؟

ملايين السودانيين ولا سيما الشباب منهم ظلوا محرومين من خدمة الإنترنت لما يفوق الشهر
مشكلة قطع النت من قبل السلطات المحلية يكمن حلها في الحصول على نت خاص أو خدمة خارجية (الجزيرة)

حدثت للإنسان عبر تاريخه 3 طفرات تطويرية؛ وهي تعلمه الكتابة والقراءة، وقيامه بالثورة الصناعية، وأخيرا اكتشافه الثورة المعلوماتية "الإنترنت"، وهذه الأخيرة هي الأكثر إدهاشا.

فما من معضلة تواجه الإنسانية إلا وتزداد معها أهمية الإنترنت، وآخر تلك المعضلات جائحة كورونا أو كوفيد-19. وكمثال على أهمية الإنترنت: اعتماد القنوات الفضائية والشركات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات والمؤسسات التعليمية والمدربين؛ عليه للاتصال والاجتماعات الافتراضية وتقديم المحتوى تماشيا مع الحجر المنزلي الاختياري والإجباري.

ولئن كانت بعض المؤسسات المذكورة أعلاه خصوصا في الدول المتقدمة قد استخدمت الإنترنت من قبل ظهور جائحة كورونا مختارة أو مضطرة؛ فإنني أتوقع أن يتم استخدامه على نطاق أوسع حتى بعد انبلاج فجر العافية وزوال الوباء، ذلك لما له من الفوائد الكبيرة، كقلة التكاليف المالية؛ وهو أمر قد تكون اكتشفته مؤسسات كثيرة بالتزامن مع انتشار الوباء، وهذا ما سمّيته "الأهمية الأخرى للإنترنت".

مشكلة القيود العالمية على الإنترنت يمكن التغلب عليها عبر ما تقدمه الشركات ذات التعاقد الدولي كتلك التي تكون لها فروع في بلدان مختلفة وبإمكانها شراء مساحات سحابية لتخزين وحفظ المواد افتراضيا.

وفي السودان يضاف إلى تلك الأسباب العراقيل التي أضحت ملازمة للإنسان خصوصا في العاصمة المثلثة الخرطوم بالتزامن مع الحراك الثوري (سابقا) من وقت لآخر؛ وما يحتويه من إغلاق للجسور من قبل السلطات وإغلاق الشوارع والأزقة من قبل الثائرين في أحيان كثيرة، وارتفاع تكلفة الوقود لمستخدمي السيارات الخاصة وزيادة سعر التذاكر لمستخدمي المواصلات العامة.

ومع التحديات الكبيرة المتمثلة في فرضية قيام السلطات المحلية بقطع النت والقيود المفروضة على السودان بفعل الحظر الأميركي منذ أكثر من عقدين من الزمان؛ فإنه بات بإمكان المستبصرين الاستفادة من النت بشكل مختلف.

فمشكلة قطع النت من قبل السلطات المحلية يكمن حلها في الحصول على نت خاص أو خدمة تقدم بالأساس للمؤسسات وفق اشتراطات معينة، ويصطلح على هذه الخدمة اسم (WISP Wireless Internet)، وهي خدمة تقدمها بعض الشركات، وسعرها مرتفع قليلا.

أما مشكلة القيود العالمية فيمكن التغلب عليها عبر ما تقدمه الشركات ذات التعاقد الدولي كتلك التي تكون لها فروع في بلدان مختلفة وبإمكانها شراء مساحات سحابية لتخزين وحفظ المواد افتراضيا، وهي موجودة في السودان أو في بعض البلدان القريبة ويمكن الوصول إليها والاستفادة من خدماتها بدون خرق القواعد أو الوقوع في مشكلة ما مع دولة ما.

وهذا يمكّن الناس من إنشاء منصات افتراضية يمكن الاستفادة منها في المجالات المتعددة (تعليمية أو تدريبية أو غير ذلك).

والأهمية الأكبر هنا يمكن أن تخص المعلمين والمتعلمين، بسبب استطاعة المنصات -عبر الإنترنت- جمع الناس في غرف افتراضية صورة وصوتا ونصا، وهو بديل لا بد منه إذا تعذر الالتقاء الحقيقي بالمعلمين أو المدربين للأسباب آنفة الذكر أو ما سيأتي بعدها من أسباب.

لا بد من أن يعمل صناع المحتوى السودانيون على تبصير الناس في السودان بأهمية المنصات التعليمية عبر الإنترنت. فمن مزاياها؛ قدرتها على تقديم أجود محتوى، وتمكينها المعلمين من التخاطب صورة وصوت مع طلابهم.

المتعلمون -وخصوصا طلاب الشهادة السودانية في دول الخليج والبلدان العربية الأخرى- هم أكثر الناس استفادة من النت إن هم وجدوا سبيلا إلى المعلمين أصحاب الخبرة والدراية؛ مَن يصعب ملاقاتهم على الأرض، وهذا الأمر يزيد من أهمية الإنترنت لهم أكثر من غيرهم في هذه المرحلة المهمة من العمر والدراسة.

وهذه الأهمية ربما لم تجد طريقها إلى المؤسسات الرسمية التي تقدم الخدمات التعليمية، فمع مقدرة النظم الإلكترونية على تقديم خدمة ذات جودة عالية وتأمين عال موثوق به لضمان سرية الامتحانات ونتائجها، فإن المؤسسات التعليمية ما تزال تسير وفق النظام التقليدي الذي يفرض على الطلاب حضور الحصص والجلوس للامتحانات المصيرية بذات الطرق التقليدية.

وحتى يقتنع المسؤولون في الوطن السوداني تظل الفرص متاحة أمام الباحثين عن النفع الكبير ذي التكاليف المنخفضة في الإنترنت. وإذا هم علموا بذلك فرجائي الكبير هو أن يعمل صناع المحتوى السودانيون على تبصير الناس في السودان بأهمية المنصات التعليمية عبر الإنترنت. فمن مزاياها؛ قدرتها على تقديم أجود محتوى، وتمكينها المعلمين من التخاطب صورة وصوت مع طلابهم، وتمكين الطلاب من الحصول على أجود المواد التعليمية وإثارة أسئلتهم بشكل مباشر صورة وصوتا ونصا على أساتذتهم والحصول على الأسئلة والاختبارات وحلها وإرسال الإجابات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.