شعار قسم مدونات

كيف تقنعين طفلك بالعادات الغذائية الصحية؟

إذا رآك طفلك متّبعا نظاما صحيا ومتوازنا فهذا سوف يكون عاملا مشجعا له على تقليدك (كانفا)

صفاء أم عاملة تعمل يوميا لإثبات ذاتها وتحقيق الرفاهية المطلوبة لعائلتها في زمن تتزايد فيه الأعباء على كاهل رب الأسرة يوما بعد يوم، تستيقظ صباحا لإعداد الفطور لأبنائها قبل ذهابهم إلى المدرسة.

تنتقي صفاء كل ما هو لذيذ وسريع التحضير، وتحاول قدر استطاعتها أن يكون هذا الغذاء صحيا ومتوازنا، لكن تواجهها مشكلة تؤرقها كثيرا، فالأطفال يعودون أغلب الوقت بالطعام كما هو، لم يؤكل ولم يمس، فتجلس مؤنبة ضميرها، ماذا كان عليها أن تفعل كي يتناول الأطفال طعامهم؟ وفيمَ قصرت مع أبنائها؟ وكيف تستطيع المحافظة عليهم أصحاء، في حين أنهم لا يساعدونها في تناول ما حضّرته بالفعل؟

يلجأ كثيرون إلى محلات الوجبات السريعة ويعطونها لأطفالهم بما فيها من أطعمة غير صحية ممتلئة بالدهون غير النافعة والسكريات والنشويات

حياة ذات نمط سريع

نعيش الآن حياتنا بنمط متسارع، فقد نمر بمواقف وتجارب عديدة في حياتنا ولكنها تمر بلا صدى أو حتى بدون أن نشعر أو نستمتع بتلك التجارب والمواقف، وهكذا أيضا في تناول الطعام، فقد أصبحنا نأكل بدون انتباه أو وعي، وقد يأكل الفرد وينتهي دون أن يشعر ماذا أكل وهل استمتع بما أكل أم لا.

ومع تسارع نمط الحياة وانشغال الآباء والأمهات في كثير من الأحيان بسبب مهم فعليا كعمل أو ضرورة أو حتى بدون سبب حقيقي كانشغالهم بالهاتف أو التكنولوجيا الحديثة التي ملأت حياتنا يلجأ كثيرون إلى محلات الوجبات السريعة ويعطونها لأطفالهم بما فيها من أطعمة غير صحية ممتلئة بالدهون غير النافعة والسكريات والنشويات.

وليست المشكلة في تناول تلك الوجبات بشكل عارض مرة في الأسبوع مثلا، فقد توافق على إعطاء الأبناء من تلك الوجبات مرات قليلة بهدف عدم حرمانهم من التجربة أو حتى لحل مشكلة عارضة مؤقتة، ولكن تكمن المشكلة في الاعتماد على تلك النوعية غير الصحية من الطعام بشكل دائم واستسهال هذا النمط مع جمعه للأسف بين السهولة واللذة في آن واحد.

بل والأشد والأصعب من ذلك أن يأكل الأطفال منشغلين بالهاتف أو مشاهدة التلفزيون فلا ينتبهون للكميات التي تؤكل أو حتى قد لا ينتبهون إلى أنهم مروا بمرحلة الشبع فعليا وأن ما يأكلونه الآن زائد على حاجتهم حتى لو كان الطعام مفيدا، مما له بالغ الأثر على زيادة الوزن والسمنة وتفاقم أخطارها.

لزيادة الوزن والسمنة أثناء الطفولة عواقب مهمة على صحة الطفل على المديين القريب والبعيد

ارتفاع معدلات السمنة لدى الأطفال

تشير التقديرات الأخيرة حسب منظمة الصحة العالمية إلى أن 40 مليون طفل دون سن 5 سنوات وأكثر من 330 مليون طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 5 و19 عاما كانوا يعانون من زيادة الوزن أو السمنة في عام 2016، وهذه الأرقام والنسب آخذة في التزايد.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب 167 مليون شخص (بالغون وأطفال) ستتراجع صحتهم بسبب زيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2025.

ويجب التنويه إلى أن زيادة الوزن والسمنة أثناء الطفولة لها عواقب مهمة على صحة الطفل على المديين القريب والمدى، فعلى المدى القريب قد يصاب الطفل السمين بعدة أمراض نفسية، مثل الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات، إلى جانب الاضطرابات العاطفية والسلوكية الأخرى، وقد يعاني من أمراض مزمنة كالسكري والربو ومشاكل في العضلات والعظام.

أما على المدى البعيد فقد تؤثر السمنة على الطفل في مرحلة البلوغ، إذ يمكن أن يصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وتؤثر أيضا على العضلات والعظام في مرحلة التكوين وقد تسبب الإعاقة في بعض الحالات، إلى جانب أن علاج السمنة في مرحلة البلوغ أمر صعب، لذا فإن الانتباه إلى تعلّم عادات صحية منذ الصغر يجنبنا الدخول في هذه المشكلات.

 

كيف تقنعين طفلك بالطعام الصحي؟

يبذل الوالدان مجهودا كبيرا لإعطاء أبنائهما أفضل الخيارات الصحية، ولكن كثيرا ما يُواجهان بالرفض منهم، لذا إليك طرق مختلفة لإقناع طفلك بالطعام الصحي إذا لم تنجح إحداها فقد تصيب أخرى:

  • كن قدوة لطفلك في اتباع نظام صحي: إذا رآك طفلك متّبعا نظاما صحيا ومتوازنا فهذا سوف يكون عاملا مشجعا له على تقليدك، فالأطفال يتعلمون بشكل رئيسي من الملاحظة والتكرار، فالأب الذي يعتاد على أن يستيقظ ويشرب كوب الحليب أمام أبنائه ويعرض عليهم شربه فهو بهذا يحمسهم على فعل ذلك، أما الأب الذي يستيقظ ويتناول كوبا من المياه الغازية فهو بالتالي يثبّت في أذهانهم أن هذا أمر طبيعي وعادي ويمكنهم تكراره.
  • ضع العديد من الخيارات الصحية أمام طفلك: إذا كانت هناك عدة خيارات أمام الطفل فهو بذلك إذا لم يفضل طعاما ما فسوف ينتقل إلى طعام آخر، ولا يضطر في هذه الحالة إلى ترك البديل الصحي واختيار بديل آخر غير صحي.
  • اجعل طفلك يشارك في عملية اختيار وإعداد الطعام: عوّد طفلك على المشاركة والتعاون في شراء حاجيات المنزل، وعلّمه كيفية الانتقاء بين ما هو صحي وغير صحي، وأشركه في الإعداد فهو يخلق جوا من البهجة ويحفز الطفل على تناول ما أعدّه بيده.
  • ضعي وجبات خفيفة أمام طفلك: حينما يشعر الأطفال بالجوع قد يلجؤون إلى سناك خفيف بين الوجبات، إذا وضعتِ طبقا أمام طفلك فيه عدة خيارات لوجبات خفيفة مثل موزة أو تفاحة أو بعض المكسرات (مع الانتباه للأطفال الذين لديهم حساسية) فإنه سوف يلجأ إليها عند شعوره بالجوع بين الوجبات.
  • طريقة تقديم الطعام تحدث فرقا كبيرا: تفنني في وضع الطعام لطفلك بعدة أشكال ولا تكرري النمط نفسه، فالطفل عادة يشعر بالملل، وقد ينفر من شكل الطعام.
  • اعرضي الطعام الصحي عدة مرات، فقد يرفض طفلك تناول نوع معين في وقت ما ولكنه يقبله في وقت آخر.
  • اربطي الطعام بروابط إيجابية: يمكنك ربط شرب الحليب مثلا بشخصية كرتونية يحبها الطفل، فقولي له مثلا إن سوبرمان يشرب الحليب كل صباح حتى يكتسب القوة، ويمكنك ربطه بروابط إيجابية أخرى فإذا كان متعلقا مثلا بالجد والجدة فقولي له إنهما معتادان على أكل الفواكه والخضروات ليحافظا على صحتهما.
  • لا تضغطي على طفلك لإكمال الطبق فقد يشبع مع أنه لم يكمله، ولكن يمكنك عرض الطعام عليه مرة أخرى بعد قليل.
  • لا تضربي الطفل كي يتناول الطعام الصحي: إذا تم ربط تناول الطعام الصحي بمواقف سيئة فقد يسبب ذلك اضطرابا في شخصيته، وقد يؤدي إلى كرهه في ما بعد وعدم تقبله وربطه بذكريات سلبية بالنسبة له.
  • لا تيأسي: هذا حال الكثير من الأمهات، وبالمحاولة مرة تلو الأخرى قد تثمر تلك المجهودات خيرا كبيرا للطفل، وتعمل على تنشئته على عادات صحية منذ الصغر قد تحميه من العديد من الأمراض في الكبر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.