شعار قسم مدونات

كيف يمكن مواجهة الاعتداءات على الرموز والمقدسات الإسلامية؟

Protesters burn Koran at Stockholm mosque on Eid holiday
الحادثة الأخيرة بالسويد هيأت الظروف لاتخاذ قرارات دولية تجرم الإسلاموفوبيا وحوادث الاعتداء على المقدسات الإسلامية (رويترز)

تعددت حوادث الاعتداء على الرموز الإسلامية، وتدنيس القرآن الكريم، وغير ذلك من المقدسات، والتي أعقبتها ردود أفعال غاضبة وانفعالية وقتية وظرفية سرعان ما تخمد دون أن تمنع تكرار هكذا أفعال. وهذه الاستفزازات المدانة تهز في العادة قلوب المسلمين والمنصفين من غيرهم في كل مكان، وتشعرهم بالإحباط والعجز.

نشر نسخ من القرآن الكريم ورقية وإلكترونية بكافة اللغات العالمية الحية حتى تبلغ هذه الرسالة وبترجمات عصرية يسهل فهمها لتصل كل بيت في المعمورة كما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم

ودون الإطالة في تحليل هذه المواقف المصطنعة ودوافعها المعروفة ومآلاتها وآثارها السلبية على كل الأطراف، أود طرح عدد من الخطوات الإستراتيجية الهامة التي من شأنها جعل الأمة الإسلامية بكافة شعوبها وأقطارها هي الكاسبة وليست الخاسرة بعد كل حادث من هذه الحوادث المتطرفة:

أولًا: نشر نسخ من القرآن الكريم ورقية وإلكترونية بكافة اللغات العالمية الحية حتى تبلغ هذه الرسالة، وبترجمات عصرية يسهل فهمها لتصل كل بيت في المعمورة، كما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يبقى على ظهر الأرض بيت مَدَرٍ، ولا وَبَرٍ، إلَّا أدخله الله كلمة الإسلام، بِعزِّ عَزِيزٍ، أو ذُلِّ ذَلِيلٍ، إمَّا يُعِزُّهم الله، فيجعلهم من أهلها، أو يُذِلهُّم، فيدينون لها". وقد قامت بذلك بعض الجاليات والمؤسسات المسلمة في أميركا وغيرها من الدول بعيدا عن الانفعالات والمظاهرات، وكان لذلك الأثر الإيجابي والعلاجي الكبير لظاهرة الكراهية والجهل الذي تعاني منه شرائح كبيرة في الغرب والشرق، فالمرء عدو ما يجهل.

ويجب ألا يترك الأمر لمبادرات فردية تقوم بها جهات شعبية محدودة الإمكانات، بل لابد أن تتبناها منظمات دولية إسلامية كمنظمة التعاون الإسلامي ودول مقتدرة، فتوزيع مليون نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم في السويد خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة على سبيل المثال، أو في الدول التي تحصل فيها مثل هذه الأحداث، يحتاج لمقدرات كبيرة وجهود جادة، ومؤسسات ومجمعات متخصصة كبيرة. ويلحق ذلك حملات تمكين الجاليات والمؤسسات الإسلامية في الغرب والشرق لتكون نماذج إسلامية مؤثرة في مجتمعاتها تمكنها من بناء تحالفات فعالة مع الشرائح الصديقة والمنصفة في تلك البلاد.

نرى الموقف الغربي من مناهضة المثلية والذي برز بشكل مثير للانتباه بل والاشمئزاز خلال السنوات الماضية أن التغاضي عن جرائم الكراهية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والاستفزازات ضد المسلمين يؤدي إلى التطرف والعنف المضاد ويهدد السلم المجتمعي والدولي.

ثانيًا: الحادثة الأخيرة في السويد هيأت الظروف دوليا لاتخاذ قرارات دولية تجرم الإسلاموفوبيا وحوادث الاعتداء على المقدسات الإسلامية، وتضعها بمصاف ما يسمى بمعاداة السامية على المستوى الدولي ومستوى الأقطار الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وخاصة تلك الدول التي تشهد أحداث الكراهية، لذا فإن على الدول العربية والإسلامية أن تضغط بشدة على هيئة الأمم المتحدة والدول الأعضاء بشكل منظم ومستدام لإصدار قرارات دولية وقوانين قطرية تجرم الإسلاموفوبيا والاعتداءات على المقدسات والرموز الإسلامية والدينية عموما. أما التستر خلف حرية التعبير فهو عذر قبيح ينقضه الموقف الغربي ضد معاداة السامية الذي لا يمنع أو يجرم انتقاد اليهود، فقط، وإنما أيضًا ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والصهيونية التي تخالف القانون الدولي.

كما نرى الموقف الغربي من مناهضة المثلية والذي برز بشكل مثير للانتباه بل والاشمئزاز خلال السنوات الماضية. إن التغاضي عن جرائم الكراهية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والاستفزازات ضد المسلمين يؤدي إلى التطرف والعنف المضاد ويهدد السلم المجتمعي والدولي، ولابد لها من قرارات دولية وقطرية جديدة وحملات إعلامية وتثقيفية جادة تكبح جماحها.

ثالثًا: وعلى الدول الإسلامية والعربية البدء بنفسها فتتبنى إجراءات إستراتيجية تحد من بروز هذه الظواهر في عقر دارها، ولعل من أهمها تطوير مناهج وطرق تدريس الدين والقيم لتحصين أبنائها ضد الانحرافات الفكرية والإلحاد، فتدريس الدين والقيم في عالمنا الإسلامي حالته كارثية وغير فعالة على الأقل، وما سلمان رشدي والعراقي الذي دنس القرآن في السويد وانتشار الإلحاد والانحرافات الأخلاقية إلا من ضعف مخرجات التربية والتعليم في عالمنا الإسلامي مدرسيًا أو أسرياً، وفي المقابل تنشأ ظواهر التطرف والعنف كردود أفعال غير سوية. وكذلك لابد من تجريم الاعتداء على المقدسات والرموز الدينية في الدول الإسلامية قبل مطالبة الدول الغربية وغير الإسلامية بذلك، وعدم الاكتفاء بعبارة "الإسلام دين الدولة الرسمي" دون تفعيل آثارها في القانون والمجتمع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.