شعار قسم مدونات

احموا أحلام أطفالكم

التطلعات والآمال التي نرسمها لأطفالنا تحتاج منا جهدا فعليا لحمايتها وصيانتها من العبث والتبعثر (بيكسلز)

لا غرو أن كل واحد منا يحمل في جوفه الأمل بأن يرى أطفاله يكبرون أمام عيونه وهم يحملون الأمل والقدرة على مواجهة الحياة بالخبرة والقدرات التي نسعى كأهل لزرعها فيهم يوما بعد يوم، ونبذل قصارى جهدنا معهم في ترتيب أولويات حياتهم بما يصلح حالهم بالعلم والترفيه والتنمية البشرية وصناعة النجاح وإشراكهم في المجتمع، كل منا بما يستطيع ووفق قدرته على التحليل والتخطيط لواقع أبنائه ومستقبلهم.

وبعد هذا التقديم البسيط والمعروف لدى العامة سأدخل في صلب الموضوع لأرسل إلى القارئ الكريم رسالة واضحة وصريحة ومباشرة بأن هذه التطلعات والآمال التي نرسمها لأطفالنا تحتاج منا جهدا فعليا لحمايتها وصيانتها من العبث والتبعثر، بل وبناء جدار حولها من أجل أن تتحول هذه الأحلام والآمال إلى واقع تدريجي يوما بعد يوم بتدخلنا فيها عند اقتضاء الحاجة، حتى يستطيع أبناؤنا فهم الواقع تحت رعايتنا وتوجيهاتنا، وأن يمتلكوا مهارة إدارة حياتهم ومشروعاتهم بأنفسهم ليشقوا طريقهم نحو مستقبلهم بكل نجاح.

التخطيط لمستقبل أبنائنا في مجال العمل الصناعي يختلف بشكل كبير عن تنميتهم في مجالات الحياة العلمية والأكاديمية، وهذا معناه أن تطوير الشخصية والمهارات المعرفية والتطبيقية لأبنائنا في هذا المجال الحيوي لا بد أن يتم من خلال زراعة الإيمان المطلق فيهم بأن المستقبل هو لهذا القطاع

وحتى أكون محددا أكثر في هذا الطرح الواقعي فمن مجال عملي في القطاع الصناعي ومجالات الطاقة المتجددة التي يعتبرها الجميع مستقبل المجتمعات فإن الحاجة ماسة في هذا المجال لأن نتكلم بوضوح تام عن وجود ارتجالية قاتلة في هذا الشأن، بحيث يعمد كل والد لتطوير ابنه في مجال محدد ويبذل الكثير من الجهود في مسار محدد، مع نسيان المرونة في المتابعة والتخطيط وفتح خيارات أوسع على مستوى التأهيل العلمي والعقلي والمهارات السلوكية ومهارات التفاوض وفنون الاتصال والتواصل ونحوها من مكملات الشخصية ومجال الارتقاء الشخصي والمعرفي، ومهارات إدارة الوقت والاجتماعات وفرق العمل ونحوها، ومع عدم التركيز على فتح الخطوط التشبيكية مع المؤسسات الحكومية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني كشركاء مستقبليين لأطفالنا وكفرق عمل رديفة ومكملة لمستقبلهم بكل تأكيد.

إن التخطيط لمستقبل أبنائنا في مجال العمل الصناعي يختلف بشكل كبير عن تنميتهم في مجالات الحياة العلمية والأكاديمية، وهذا معناه أن تطوير الشخصية والمهارات المعرفية والتطبيقية لأبنائنا في هذا المجال الحيوي لا بد أن يتم من خلال زراعة الإيمان المطلق فيهم بأن المستقبل هو لهذا القطاع، وأن الإبداع لا يتم إلا من خلال بذلهم الجهد لتحقيق الاختراعات والابتكارات التي تخدم المجتمع وترتقي به من خلال نماذج النجاح الحقيقية التي تحتاج للعقول المبتكرة والعيون المتوثبة لكل جديد والتكامل الفعلي بين عالم التكنولوجيا المتطور يوميا، فأبناؤنا في طريقهم نحو الغد يحتاجون جهدا حقيقيا لتعليمهم وإكسابهم مهارات بناء الرؤية للمستقبل، وكيفية إتمام الصفقات، وتطوير خطوط الإنتاج بغير تسرع، وحسن التخطيط وحسن بناء فرق العمل داخل منظومة المؤسسة التجارية والصناعية التي يعمل فيها أو يديرها.

خطأ قانوني واحد -على سبيل المثال لا الحصر- قد يكلف الشركة أو المؤسسة الصناعية في واقعها كارثة تنسفها من الوجود، وبالتالي القضاء على أحلام الغد للآباء والأبناء على حد سواء

كثيرا ما نتردد على مؤسسات ومنظمات مدنية وأهلية، وما بين زيارة وزيارة تتكون صورة الخلل الحقيقي الذي يجتاح مؤسساتنا التي تعمل في مجالات الطاقة المتجددة والعالم الصناعي، وهي أن الآباء يحملون أحلاما كبيرة لأبنائهم ولكنهم يتقوقعون في إطار ما يعلمونه من خبرات في هذا المجال، ويحاولون التأثير على أبنائهم بمسارات التفكير التي تستثني مجالات الإعلام والتسويق العصري والتكنولوجيا المتجددة بصورة يومية ومتلاحقة، ويرسمون الأحلام الكبيرة وهم لا يوجهون أبناءهم نحو المجالات المساعدة لهم في بناء مستقبلهم في ظل التطورات التي تحدث، حتى لا يكونوا معزولين عن المجتمع مهما امتلكوا من مال أو شركات أو عقارات أو نحو ذلك من أمور.

إن خطأ قانونيا واحدا -على سبيل المثال لا الحصر- قد يكلف الشركة أو المؤسسة الصناعية في واقعها كارثة تنسفها من الوجود، وبالتالي القضاء على أحلام الغد للآباء والأبناء على حد سواء، وهذا المثال ينطبق على المجال التعاقدي والتفاوض واختتام الصفقات وبناء العلاقات العامة والعلاقات البينية والتشبيكية، فالخطأ فيها يعني الكثير، والتسرع فيها قاتل، والارتجالية فيها تعني أن يتقدم الغير عليك، وأن تغرق بالمزيد من الأحلام دون أن تستيقظ لتحقيقها على أرض الواقع لك ولأبنائك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.