شعار قسم مدونات

ماذا لو توقفت خدمات وكالة الأونروا؟

مدونات - الفلسطينيون والأونروا
بعض الدول أبلغت الأونروا باحتمال تخفيض المساعدات التي ستقدم لها هذا العام (رويترز)

أثارت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على هامش اجتماع لجنة الجمعية العامة المخصصة لإعلان التبرعات لوكالة الأونروا -الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم الجمعة الماضي- قلقا ومخاوف تنذر بالخطر نتيجة الأزمة المالية التي تهدد بتوقف خدماتها في سبتمبر/أيلول المقبل، حيث حذر من أن الوكالة على وشك الانهيار المالي.

وحسب غوتيريش، فإن عددا من كبار المانحين وأكثرهم موثوقية لوكالة الأونروا أعلنوا أخيرا أنهم قد يخفضون مساهماتهم، وهو أمر مقلق للغاية حيث تعمل الوكالة الدولية بعجز يقارب 75 مليون دولار، مما من شأنه أن يشكل ضررا كبيرا على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس.

ويشكل نقص التمويل عقبة رئيسية في طريق استمرار الخدمات بعد سبتمبر/أيلول المقبل الذي سيشهد افتتاح العام الدراسي الجديد، مما من شأنه أن يوقف الدراسة في حال فشلت كل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والوكالة لجمع التمويل لاستمرار تقديم الخدمات.

هذه المخاوف التي أثارها الأمين العام للأمم المتحدة تتوافق مع تصريحات فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا، والذي أشار إلى أن الوكالة لن يكون لديها تمويل أو نقد اعتبارا من سبتمبر/أيلول المقبل لمواصلة تشغيل مدارسها، كما أن الموارد اللازمة لعمل مراكزها الصحية والخدمات الحيوية الأخرى آخذة في النفاد، حيث تدعم الأونروا نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني موزعين في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

من جانب آخر، لفت المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة إلى أن من بين أسباب الأزمة توجيه الدعم نحو مناطق أخرى، وأن هناك بعض الدول المهمة أبلغت المؤسسة الأممية باحتمال تخفيض المساعدات لهذا العام، إلى جانب تراجع الدعم العربي المقدم بنسبة 90%، مع الإشارة إلى أن الدول العربية دفعت فقط 3% من ميزانية الوكالة، حيث قدمت هذه الدول خلال عام 2018 ما قيمته 200 مليون دولار، قبل أن يتراجع المبلغ المدفوع ليصل إلى 20 مليون دولار منذ يناير/كانون الثاني 2021، مما يعكس حجم التراجع.

أي توقف للخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين سيؤثر وينعكس سلبا على مناطق عمل وكالة الأونروا في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة الذي يمثل فيه اللاجئون ما نسبته 70%

كيف سيؤثر وقف الخدمات على حياة اللاجئين الفلسطينيين؟

منذ 10 سنوات تواجه وكالة الأونروا نقصا في التمويل، وفي كل عام يُرحّل النقص إلى العام الذي يليه رغم توجيه النداءات والمناشدات في بداية كل عام لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سوريا ولبنان والضفة الغربية -التي تشمل القدس الشرقية- وقطاع غزة والأردن، وتقول المنظمة الدولية إن نقص التمويل على مدى 10 سنوات قد أثر بشدة على جودة بعض خدمات الوكالة.

وحسب المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا، فإن عدم زيادة موازنة الوكالة المقدمة لها منذ عام 2012 إلى جانب ازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين بوتيرة متسارعة وزيادة الإقبال على الخدمات المقدمة من بين أسباب الأزمة المالية التي تعصف بالوكالة الدولية خلال السنوات الأخيرة.

ووفق مصادر وكالة الأونروا، فإن جميع الأموال التي تم جمعها خلال مؤتمر المانحين الأخير في نيويورك ستذهب إلى نداءات الأونروا التالية "ميزانية البرنامج 53 مليون دولار، نداء الطوارئ.. الأراضي الفلسطينية المحتلة 32.2 مليون دولار، نداء الطوارئ.. أزمة سوريا 12.9 مليون دولار، النداء العاجل لزلزال سوريا 2.1 مليون دولار، مشاريع 7 ملايين دولار".

وفي الوقت ذاته، فإن وكالة الأونروا تحتاج لتغطية العجز الحاصل في موازنتها الدائمة أو المنتظمة من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات وفتح أكثر من 700 مدرسة أمام الطلبة و140 عيادة صحية تابعة لها ويحصل من خلالها مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على الخدمة.

لكن أي توقف للخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين سيؤثر وينعكس سلبا على مناطق عمل وكالة الأونروا في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة الذي يمثل فيه اللاجئون ما نسبته 70%، لكن هذه الأزمة لم تعد جديدة وباتت متكررة في كل عام حيث تدخل الوكالة كل موازنة جديدة بعجز وديون جديدة، فضلا عن التراجع الكبير في الخدمات المقدمة من قبل الأونروا على القطاعات الأساسية، مثل الصحة والتعليم وبرنامج الإغاثة المتمثلة في المساعدات الغذائية، مما سيؤثر وينعكس بالسلب على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق العمليات.

دول العالم مطالبة بإيجاد الحلول اللازمة واتخاذ التدابير المطلوبة للخروج من هذه الأزمة المركبة لأن المتضرر منها هم ملايين اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك تقديم الدعم السياسي والمالي لاستمرار عمل وكالة الأونروا حتى إحقاق الحقوق المشروعة لأبناء اللاجئين الفلسطينيين

تساؤلات ومخاوف من توقف خدمات الأونروا

  • هل أزمة الأونروا مالية؟

لا يخفى على أحد الهجمات السياسية المتكررة على وكالة الأونروا، ومخططات دمج الوكالة وغير ذلك تهدف إلى إضعاف وتقويض عملها، وصولا إلى تصفيتها بالكامل وتحويل وظيفتها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وتجريدها من المضمون السياسي لها، كي تصبح فقط مجرد قضية إغاثية إنسانية، ومحاولة إلقاء العبء بالكامل على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين.

لذلك، فإن ما تتعرض له وكالة الأونروا من هجمات سياسية هدفه نزع الشرعية عن الوكالة وعن قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن جانب آخر فإن أي توقف للخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين سينعكس بالسلب على مناطق عملها في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، لأن إجمالي المبلغ الخاص بعملها والمتمثل في 1.4 مليار دولار يعتبر مبلغا بسيطا للغاية بالنسبة للمانحين، إذ يقدمون لدول أخرى مبالغ مضاعفة.

  • من يتحمل المسؤولية؟

إن دول العالم مطالبة بإيجاد الحلول اللازمة واتخاذ التدابير المطلوبة للخروج من هذه الأزمة المركبة لأن المتضرر منها هم ملايين اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك تقديم الدعم السياسي والمالي لاستمرار عمل وكالة الأونروا حتى إحقاق الحقوق المشروعة لأبناء اللاجئين الفلسطينيين، وعلى رأسها حقهم في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها، وأيضا على الدول الشقيقة والصديقة تقديم المساهمات لسد عجز الوكالة باعتبار ذلك يساهم في حماية اللاجئين ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم، ويستثمر في الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وعليه، يجب التذكير بالمسؤولية التاريخية للأمم المتحدة وواجبات الدول تجاه إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي طال أمدها، والتذكير بمسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه دعم وكالة الأونروا، وعدم التهرب من دفع مساهماتها المالية تحت ذرائع واهية، لأن المجتمع الدولي بأسره سيتحمل مسؤولية استمرار أزمة الوكالة وانعكاسها على اللاجئين، باعتبار قضية اللاجئين الفلسطينيين من أطول وأقدم المحن وسببها الأساس الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.