شعار قسم مدونات

المعارض الدولية سبيلا للتنمية والنهضة

دخول التكنولوجيا على مساحات التصميم والتسويق بالمعارض الدولية أضاف لها جاذبية وإقناعا بالمشاركة الفعلية فيها (رويترز)

تستعر المنافسة العالمية اليوم بين الشركات والمصانع وشركات التوزيع والتسويق حول العالم، وتتخذ هذه المنافسة صورا متعددة وأشكالا كثيرة، لكل صورة وشكل منها سمات تتصل بالمنتج والسوق والعرض والطلب، وهو ما أوجد ساحة جديدة للتلاقي والاختلاف في الآن ذاته، وهي ساحة المعارض الدولية التي تجمع الفنون والحرف والصناعات والمهارات في فضاء واحد لكل من يحب تطوير معرفته وزيادة حصيلته من التجارة والريادة والحصول على الوكالات ونحوها، في مساحة جغرافية متصلة تقدم للجمهور العالمي والمحلي كل ما يتصل بمجال الاهتمام على مستويات متعددة تناسب الأذواق والاهتمامات العامة.

على مدى عقود، استثمرت الدول بشكل مباشر في مجال المعارض الدولية، وتقديم منتجاتها في السوق العالمية، والحصول على حصة سوقية مناسبة في عالم التنافس العاصف، وهو ما جعل هذه المعارض الدولية تكتسب صفة القوة والمتانة وحسن العرض والقدرة على خطاب وإقناع الجمهور والمستهلكين والقطاع الخاص ورجال الأعمال بجدوى المشاركة الفعلية فيها؛ وحتى لو تكررت عاما بعد عام -كما هي الحال في الكثير من المعارض العالمية- فإن الجمهور المستهدف والمعني بهذه المعارض يجد فيها التجديد والتحديث في كل عام على مستوى الشكل والمضمون وشكل المشاركة وحجمها، وهو ما يشكل عامل جذب حقيقيا لرجال الأعمال والمهتمين على المستوى الداخلي والإقليمي والعالمي.

المشاركة في كثير من المعارض الدولية العالمية أصبح جزءا من "بريستيج" الشركات والمؤسسات الحريصة على بناء صورتها الكبرى، ولكنه في الوقت ذاته يمثل دلالة على اهتمام هذه المؤسسات -على مستوى الإدارات العليا والتخطيطية فيها- بمجال التطوير المستمر في مجال عملها

خلال العقدين الماضيين، حرصتُ على المشاركة في المعارض الدولية والإقليمية التي أستطيع المشاركة فيها، وقد تنقلت مع فريق عمل إحدى الشركات في أكثر من معرض دولي يتعلق بالصناعة والمعرفة والتكنولوجيا والطاقة البديلة والمتجددة. وخلال هذه الفترة الزمنية، كان حجم التغيير في طريقة العرض وطريقة الاستقبال وطريقة التسويق وحتى إبرام العقود المباشرة وغير المباشرة، قد اختلف اختلافا جوهريا، بحيث كان كل معرض دولي يستفيد من مقدرات ومنهجيات المعارض الدولية الأخرى ويطور عليها، ويعمل في الوقت ذاته على إبراز قدراته الذاتية بما يتحصل عليه من دعم من حكومات الدول التي يعمل في إطارها، وهو ما أدى إلى التقدم الدائم والمستمر في أداء ومستويات تأثير المعارض الدولية وحجم المشاركة فيها على مستوى قارات العالم جميعها.

صحيح أن المشاركة في كثير من المعارض الدولية العالمية أصبحت جزءا من "بريستيج" الشركات والمؤسسات الحريصة على بناء صورتها الكبرى، ولكنه في الوقت ذاته يمثل دلالة على اهتمام هذه المؤسسات على مستوى الإدارات العليا والتخطيطية فيها بمجال التطوير المستمر لها في مجال عملها، فهذه المعارض تقدم آخر صيحات التكنولوجيا وحديث العقل البشري في هذه المجالات مهما اختلفت، وما بين كل معرض ومعرض هناك الجديد والمتطور والرؤية التي تجمع بين الأمس واليوم وحاجة المجتمع المستقبلية.

استفدت من كل معرض دولي شاركت فيه بنسبة معينة، لكن حجم وشكل الاستفادة المتحققة خلال العامين الأخيرين باتت أفضل وأوسع

اللافت في السنوات الأخيرة، أن دخول التكنولوجيا على مساحات التصميم والتسويق والعرض في هذه المعارض قد أكسبها صفة جديدة، وهي الجاذبية التي باتت تقنع القطاع الخاص ورجال الأعمال بالمشاركة الفعلية في هذه المعارض الدولية، واستثمار المجالات التي تطرحها، حتى لو لم تكن في صلب اهتمامات المشاركين فيها.

لقد استفدت من كل معرض دولي شاركت فيه بنسبة معينة، لكن حجم وشكل الاستفادة المتحققة خلال العامين الأخيرين باتت أفضل وأوسع، بفضل الخبرات التراكمية التي بات تنظيم المعارض التخصصية يكتسبها، وحتى في مجال التفاصيل الصغيرة التي تهم رجال الأعمال والمهتمين بتطوير الأعمال وتنويعها وتحديثها، ولعل هذه الاستفادة متحققة بشكل فعلي في المجالات التي يتحقق فيها الإنجاز، وتبرم فيها الصفقات، وهذا لا يكون إلا من خلال تطوير مهارات العمل الاقتصادي والتفاعلي العصري.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.