شعار قسم مدونات

هل فهمنا رسالتنا نحن رجالَ الأعمال؟

رجال الأعمال هم الإفراز الحقيقي للمجتمع في المجال الاقتصادي (بيكسلز)

يستمسك الإنسان بالقيم الرفيعة في حياته ومسلكياته طالما بقيت في داخله الروح الإنسانية، وهي المحرك الرئيس لفهمه وسلوكه ومشواره في صياغة طريقه نحو الغد، وكلما زادت الروح الإنسانية في داخله توهجاً؛ كلما زاد الخير والعطاء في حياته، واكتسب المجتمع حوله الفضل والمبادرات الإيجابية التي تنبع من حيويته وتأقلمه مع ذاته ومع كينونته الإنسانية.

القضية المركزية التي ينبغي التركيز عليها اليوم هي مكانتنا نحن كرجال أعمال في مجتمعاتنا، ورسالتنا في الحياة، والدور المطلوب منا في حال الاستقرار والسلم، وفي حال الفوضى والنزاعات على حد سواء.

هذه المقدمة المهمة هي التمهيد الفعلي لواقع صعب؛ يصعب التعامل معه إلا من خلالها، فالتجربة السورية والليبية والتجارب العالمية الأخرى تعلمنا أن الإنسانية هي محور الصمود، وهي الرسالة التي يمكن التعويل عليها في ظل الأزمات والمشكلات التي قد تعصف بالمجتمع أو تهدد وجوده، وما واقع النزاعات المسلحة التي يعيشها العالم اليوم إلا صورة من صورها.

القضية المركزية التي ينبغي التركيز عليها اليوم هي مكانتنا نحن رجال الأعمال في مجتمعاتنا، ورسالتنا في الحياة، والدور المطلوب منا في حال الاستقرار والسلم، وفي حال الفوضى والنزاعات على حد سواء.

إن من ينكر أن المجتمعات هي التي تصنع رجال الأعمال فيها هو متحجر العقل مناف للحقيقة، فالمجتمع هو من يقدم قياداته على مختلف المستويات، ورجال الأعمال هم الإفراز الحقيقي للمجتمع في المجال الاقتصادي، فأفراد المجتمع كانوا المستهلكين للمنتج الذي صنع منه رجل أعمال، وهم الموظفون والفرق العاملة معه لوصوله لمكانة الريادة الاقتصادية، وهم الذين دعموا وجوده في هذه المكانة من خلال قبولهم له ولشركته ومنتجه ووجوده في المجتمع بهذه الصفة والمكانة.

هذه العلاقة التبادلية بين رجل الأعمال ومجتمعه تقودنا لحقيقة الدور المطلوب منه في نصرة مجتمعه في ظل الأزمات، فرجل الأعمال بما يملكه من مقدرات اقتصادية وإمكانات مادية على مستوى المال والعقار والقدرات البشرية والمادية يعني وجود شخص يملك الإمكانات، ولديه القدرة على طرح المبادرات وتحقيقها، واقتراح الحلول لإشكاليات مجتمعية بما يستطيعه وضمن نطاق قدراته.

لا شك أن قدرات رجال الأعمال تتيح لهم ما لا يتاح لغيرهم من الأفراد في المجتمع، وهذا معناه قدرتهم على طرح الحملات الصحية والزراعية والتنموية والنهضوية، فطرح مبادرة واحدة لتأمين مولدات الإنتاج، أو تأمين المخابز الشعبية العامة، أو المولدات الكهربائية، أو الأشتال الزراعية أو الطاقة البديلة أو نحوها يقدم للمجتمع صورة إيجابية عن هذه العلاقة التي لا تقوم على المصلحة باتجاه واحد، بل تقدم للناس صورة النفع المتبادل بين المجتمع وشرائحه الفاعلة بكل شفافية؛ وبعيداً عن عيون الكاميرا وحالات التصنع والرياء والعروض الفارغة التي لا تفيد المجتمع قيد أنملة.

مجتمع لا يتقدم فيه الإنسان ليثبت إنسانيته، ويرد فيه رجل الأعمال الفضل لمجتمعه في ظل الأزمات، مجتمع متفكك لا حياة فيه، والمجتمع الذي يقف على عتبة الصمود بتماسك أفراده وشرائحه هو مجتمع حي وقابل للحياة

إن رسالتي في هذا اليوم لكل رجل أعمال في مجتمعه أن يتلمس حاجات المجتمع الأساسية ، وأن يترك للمؤسسات دورها، وللحكمة دورها، وأن يبحث عن الدور الذي يستطيع من خلاله الشعور بالإنسانية الذاتية لديه بمشروعه الخاص الذي يحمل اسمه، ويسهم في حل مشكلة واحدة أساسية بجهده الشخصي، وبرؤيته الخاصة، كأن يقدم رجل أعمال مشروعاً لعمل تكية غذائية للفقراء في مجتمعه، وأن يقدم آخر مشروعا لتوليد الطاقة البديلة في بلده، وآخر يقدم مشروع الاستزراع السمكي، وغير هذا وذاك من يقدم مشروعاً لتأمين الحقائب الطبية، فكيف سيكون حال هذا المجتمع المليء بالمبادرات والحياة النابضة بالعطاء من الأفراد الذين يملكون مفاتيح الأمل والعمل.

مجتمع لا يتقدم فيه الإنسان ليثبت إنسانيته، ويرد فيه رجل الأعمال الفضل لمجتمعه في ظل الأزمات، مجتمع متفكك لا حياة فيه، والمجتمع الذي يقف على عتبة الصمود بتماسك أفراده وشرائحه هو مجتمع حي وقابل للحياة، وهذه الرسالة أرسلها لنفسي بداية ولكل الأصدقاء ورجال الأعمال حيث كانوا؛ ليكون لهم دورهم الرائد في خدمة مجتمعهم والالتصاق به، والعمل من خلال مجتمعاتهم لتحقيق التنمية والاستقرار؛ بعيداً عن شعارات النهضة والارتقاء، بل بالعمل الجاد والمدروس في بناء مبادرات إيجابية مثمرة تستمر في المجتمعات وتؤتي أُكلها في كل حين، فيستفيد المجتمع منها في كل وقت، وهي تحمل بصمة رائد الأعمال ورجل الأعمال الذي لم ينتظر من أي حكومة أو مؤسسة أهلية أو مدنية قرار المبادرة، فنهض لأداء دوره كما قال الشاعر يوماً: إن الفتى من يقول ها أنا ذا .. ليس الفتى من يقول كان أبي

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.