شعار قسم مدونات

جيش الملثمين!

كتائب الشهيد عز الدين القسام من صفحتهم على تيليجرام
كتائب الشهيد عز الدين القسام (مواقع التواصل)

يلفت انتباهك هذا الجيش العجيب من شباب لا يضع صوره على صفحات العالم الأزرق، متباهيا بسلاحه الذى يحمله مستعرضا زيه وعضلاته، يخرج من حفرته التى يعيش فيها من شهور طوال، ملابسه غاية التواضع؛ ربما حافى القدمين، لا يهتم بما وقع فيه أبناء جيله من حب للشهرة ومحاولة اللحاق بعالم الترند، هذا الشاب الذى لا نعلم له اسما، غيّر المعادلة  الدولية وجعل ليل العالم بأسره نهارا، بل اجتمعت عليه قوى العالم لا تريد إلا إبادته والخلاص منه حتى لا يخرج عن منظومة تُرسم من سنوات طوال، وعن طفلهم المدلل – الكيان الصهيوني – الذى يربونه ويعدونه من سنوات طوال.

إنهم الفريق الذي أراده الإسلام بل حثنا أن نكون منهم، الأخفياء الأتقياء أصحاب الأثر دونما أن نعرف من هم، بعدما خسر فريق المنافقين المتلونين معول الهدم والخيانة في المجتمع فلا ولاء لديهم لمجتمعهم.

حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على إخفاء العمل والحرص على الخبيئة من العمل الصالح، وكونها رافعة لدرجة صاحبها، فكان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله

تركبية عجيبة جديدة على زماننا

وهنا نقف أمام هذه التركبية العجيبة التى يمتلكها هؤلاء، لا يهتمون بظهور أشخاصهم وإن كانوا يبذلون أرواحهم في سبيل الحفاظ على أوطانهم وبناء أمتهم واخراج المحتل من أرضهم يخافون أن تُعرف أشخاصهم فنجاتهم ورفعة مكانتهم في إخلاصهم وإنكار لذاتهم..

أنهم أناس يسيرون على الأرض ارتقت قلوبهم حتى ارتبطت بخالقها وارتفعت جباههم حتى لامست السحب فصاروا لا يرون أحداً من البشر، لا هدف لهم إلا رضا رب البشر.

يود الواحد منهم لو تنشق الأرض وتبتلعه ولا يراه أحد من البشر وهو يتقرب إلى ربه بما يراه سرا بينه وبين خالقه، يذكرنى هذا بالرجل الصالح الواقف في محرابه فدخل عليه لص فرآه في صلاته فما أن انتهى حتى قال للص: خذ كل مالي ولا تخبر أحداً بما رأيت من قيام الليل.

حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على إخفاء العمل والحرص على الخبيئة من العمل الصالح، وكونها رافعة لدرجة صاحبها، فكان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه) ومنهم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)، وقال صلى الله عليه وسلم: (فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع) رواه الطبراني

وعن ثوبان – رضى الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء) رواه البيهقي

وما أروع ما ورد عن السلف الصالح نجوم السماء في هذا الباب وغيره، يقول أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين، وقال ابن القيم: أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص، وعن نفسك بشهود المنة، فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق.

يقول الشيخ الغزالى في تعليقه على حديث النبيّ صلى الله عليه وسلّم (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة): (أجل إن الله يحب أولئك العاملين فى صمت الزاهدين عن الشهرة والسلطة المشغولين باللباب عن القشور المتعلقة قلوبهم بالله، لا تحجبهم عنه فتنة ولا تغريهم متعة، وما أفقر أمتنا إلى هذا الصنف المبارك، بهم ترزق وبهم تنصر).

كان ابن المبارك يأتي إلى محمد بن واسع فيجالسه ساعة يرق بها قلبه شهرا.

جدد إيمانك بهم

وأنصحك أخى الحبيب إذا أردت تجديد إيمانك فعليك بهم، وكما قيل يتحصل الإيمان بالساجد قبل المساجد فالإيواء لمثل هؤلاء يجعل الروح أكثر راحة وطمأنية، يروى أن أبا بكر وعمر كانا يذهبان إلى أم أيمن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم يتنسمان عندها عبير النبوة ويتذكران رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان صلى الله عليه وسلم كثير الزيارة لها.

وكان ابن المبارك يأتي إلى محمد بن واسع فيجالسه ساعة يرق بها قلبه شهرا.

نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه ولى ذلك والقادر عليه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.