شعار قسم مدونات

لا بأس إن مت في سبيل قول الحق!

تشييع الشهيد الصحفي سامر ابو دقة
تشييع جثمان الشهيد الصحفي الزميل سامر ابو دقة (الجزيرة)

عندما يحمل الصحفي دفتره ويحمل المصور عدسته، يتحولان إلى رواة للحقيقة، ناقلينِ للمشهد بصدق، كتابا للتاريخ بحياد، يعرضون علينا قصص الناس ومعاناتهم كما هي، ويكشفون لنا الأحداث الحصرية.

المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أكد استشهاد ما لا يقل عن 60 صحفيا وصحفية منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإقدام على اعتقال عدد كبير في الضفة الغربية.

في فلسطين، حرية الصحافة وحياة الصحفيين في خطر، فالصحفي هناك يحمل روحه في كفه، ويستعد للرحيل في أي لحظة، الخطر يحدق به من كل النواحي، وشبح الموت يحوم فوقه.

الصحافة زمن الحرب

الصحافة في وقت الحرب أو السلم، واحدة من أكثر المهن إنسانية ونبل، وقد رأينا كيف تحول المراسل في قطاع غزة إلى مسعف يسارع الزمن ليصل المصاب إلى أيادي الأطباء، ومنقذا ينتشل المنكوبين من تحت الأنقاض شهداءَ ومصابين وأشلاء، وطبيب نفسي يهدئ الأطفال، وأب يحتضن بدفء روحه كل حزين وملتاع، رأينا كيف كانوا يلاعبون الصغار ليخففوا عنهم ألم الفقد، ويمازحون كبار السن الذين باتت الحروب جزءا لا يتجزأ من حياتهم، يؤدون عملهم بكل شغف و تفانٍ من نقلٍ للأحداث وفهم عميق لتسلسلها وإدراك لكل ما يجري من حولنا.

في فلسطين.. الصحفي يحمل دفتره وكفنه

في فلسطين، حرية الصحافة وحياة الصحفيين في خطر، فالصحفي هناك يحمل روحه في كفه، ويستعد للرحيل في أي لحظة، الخطر يحدق به من كل النواحي، وشبح الموت يحوم فوقه.

يواجه الصحفي في فلسطين تحديات لا تصدق، نفسهُ فداءُ توثيقِ لحظات من الانتهاكات والتجاوزات ونقل للأحداث بكل دقة. إنه يأخذ على عاتقه مسؤولية نقل الحقيقة وتسليط الضوء على الجوانب غير المرئية للقصص التي يرويها، ليس فقط لأجل كشف بشاعة العدو وجرائمه الوحشية، بل لأجل كشف فشلهم الذريع وعجزهم عن المواجهة.

ضربات المقاومة الموجعة قد أفقدت العدو صوابه، مما جعله يقتل الصغار والمدنيين والصحفيين دون رحمة أو شفقة، فقط هدفه قتل أكبر عدد ممكن لأنه لا يتحمل الهزيمة ولا يقبل الخسارة. في الوقت الذي عرف فيه كل العالم أنه قوة وهمية مبنية على الكذب والخداع، وإنكارهم عجزهم عن المواجهة وجها لوجه مع فصائل المقاومة، وإخفاءهم للأرقام الحقيقية للموتى في صفوفهم، إذ يقومون بدفنهم في الخفاء في حين نتباهى نحن بشهدائنا، وهنا يُعرف من صاحب الأرض الحقيقي.

إسرائيل قوة كاذبة قائمة على المغالطات، تتعمد عدم الكشف عن حجم خسائرها المادية والبشرية الكبيرة، فلولا تمويل الغرب لهذه الحرب لكانت انتهت من قبل أن تبدأ.

أنشروا قضايا الأسرى والمعتقلين ومعاناتهم، اذكروا نضالات المفكرين كغسان الكنفاني، وناجى العلي، وجمال حمدان، والقائمة تطول.

ما بعد طوفان الأقصى.. الكثير من شيرين

شيرين أبو عاقلة، أيقونة فلسطين التي ودعها كل الوطن العربي والعالم أجمع، واقعة اغتيالها زعزعت الرأي العام، في الوقت الذي حاول فيه الإحتلال التملص من المسؤولية وسارع كعادته لطمس جريمته والإدعاء بأن الإغتيال كان قتلا على وجه الخطأ.

شيرين، صوت من أصوات فلسطين العالية والمسموعة، وشاهدة على الانتفاضة الثانية، الأجدر بنا أن نتذكر أنها أرعبتهم، وكشفت جرائمهم للعالم.

الظالم يخاف ويخشى من وعي المظلوم، لإنه يدرك أن وعيه في حد ذاته ثورة، لذلك وجب علينا أن نعمل على نشر الوعي في الناشئة ونذكرهم أن هذه الأرض أرضنا، وأننا سقيناها بدماء طاهرة ووهبناها أرواحا غالية.

أنشروا قضايا الأسرى والمعتقلين ومعاناتهم، اذكروا نضالات المفكرين كغسان الكنفاني، وناجى العلي، وجمال حمدان، و القائمة تطول.

مجاهدون بكلمة حق.. ينقلون المشهد صوتا و صورة

أن تقتلك كلمتك يعني أنك زعزعتهم وأرعبتهم، فإن كان السلاح يقتل العدو مرة فإن الكلام يفعل ذلك ألف مرة، ولأن الكلمة تعني كشف الحقيقية، الذي يؤدي بالضرورة إلى تكوين وعي وتجذير للمبادئ والقيم التي حاولوا بشتى الطرق طمسها.

ولأن صوت الحق أعلى من كل الأصوات فشل الاحتلال في إخماده، والوعي هو أكثر ما يخافه، لأنه طالما هناك وعي هناك معرفة تتوارث عبر الأجيال بأحقية الفلسطينيين في هذه الأرض، وقد عملت الحكومات والسياسات المتعاقبة في المنطقة العربية بأوامر غربية على تفرقة الشعوب، وتشتيت انتباهها عن القضية الأهم.

في دول عديدة ينسى الشعب فيها أنه يعيش أزمة في حرية إبداء الرأي، الحق الذي لأجله كان قد أعلن ثورة الربيع العربي، ويهتم بأزمة غلاء الأسعار أو نقص بعض المنتجات.

أبونا وائل الدحدوح، رغم استشهاد أفراد من عائلته لم يتوقف عن أداء عمله، بل استمر كما عرفناه، كما عهدناه، لأنه مؤمن بحقه في أرضه، والإيمان أعلى مراتب الإنسانية والوطنية، كذلك هو حال معتز العزايزة.

موت أحبتهم لم يمنعهم عن تأدية الواجب

  • "أبونا بالصحافة.. أبونا بالفصاحة"

أبونا وائل الدحدوح، رغم استشهاد أفراد من عائلته لم يتوقف عن أداء عمله، بل استمر كما عرفناه، كما عهدناه، لأنه مؤمن بحقه في أرضه، والإيمان أعلى مراتب الإنسانية والوطنية، كذلك هو حال معتز العزايزة.

هذا الشعب لا يهزم، هذا الشعب عرف الموت بكل أشكاله ولم يستسلم، هؤلاء أصحاب الأرض الحقيقيون يودعون أحبتهم ثم يغنون "فدائي يا أرضي يا أرض الجدود".

إن الإغتيالات في صفوف الصحفيين، والمشاهد المريعة، من فقد للأصدقاء، وتعمد قصف منازلهم وقتل عائلاتهم بهدف إضعافهم، وفرض ظروف قاسية عليهم، وغياب أبسط أساسيات الحياة لم تمنع أبطالنا عن أداء الواجب للحظة. وهنا وجب التأكيد على أن حرية الصحافة تعيش أزمة غير مسبوقة، فالحرب هذه المرة هي حرب إعلامية، وحرب توجيه للرأي العام العالمي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.