شعار قسم مدونات

"الله أكبر"

أهل غزة هم الذين علموا الدنيا دروس الصبر والإيمان والتصديق بوعد الله (وكالة الأناضول)

في أعماق الظلمات الدنيوية، ومن بين ركام الإنسانية المدمّرة، وفي هدأة سكنات ليل الغفلة الطويل يعلو صوت قدسيّ يحيل الركام عمرانا، وينتشل الإنسان من الاستعباد القهري أو الاختياري، ويعيد قراءة الأشياء فيغدو الأبيض أبيضا والأسود أسودا وتتبيّن معالم الطرقات:

"الله أكبر" صوت المؤمن يصهل فوق كل كبير مستعليا بالقوة العظمى التي تقهر الجبابرة وتبطش بالطغاة، فتعلو روحه مدركة أنّ كل تلك المعارك صغيرة في المعركة الكبرى في ميدان الصراع الأزلي بين الحق والباطل، وأنّ "الله أكبر" تحسم المعركة وتدك حصون المتجبرين، فيرتقي الشهداء ويبقى من بقي عزيزا بإيمانه، كبيرا بإخلاصه، سعيدا بعلوّه، يتردد في روحه ذلك النداء الأزليّ: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مّؤمنين). [آل عمران: 139].

"الله أكبر" خفقة قلب المجاهد، ونبض قلب أمه من ورائه، وشهقة روح الشهيد، ووعد ابنه من بعده، "الله أكبر" حكاية مدينة كاملة دكّها الطغيان دكا، ففاضت طوفانا من الشهداء السعداء وطوفانا من المؤمنين الذين علموا الدنيا دروس الصبر والإيمان

"الله أكبر" مرتقى الروح في معارج الخلود، وسكينة السكينة التي تتنزّل في القلوب المؤمنة فتدرك أنّ الأجساد تبقى في الأرض، وأنّ المعركة الحقيقيّة هناك في عالم الحق والباطل، وتعي أنّ الثبات انتصار، ولو أفنيت الأجساد وهدّمت الديار، وأنّ كلمة الحق انتصار، ولو علا الباطل وتقلّب في البلاد، وأنّ بقيّة باقية من الإيمان ستزهر انتصارا ولو بعد حين.

"الله أكبر" صوت صهيل الخيل يعلوه فارس يحبّ الموت كما يحبّ أعداؤه الحياة، يخوض معركة التدافع على أرض كره الله فيها الفساد،  يرفع راية "الله أكبر" ويبصر بها حقائق الدنيا وموازين العدل، فتسمو آماله مدركة السّنن الإلهيّة، ويوقن أنّه (إن تنصروا الله ينصركم) [محمد: 7]، فيرمي بسم الله ويدري أنّ (الله رمى) [الأنفال: 17]،  وتستقرّ في قلبه طمأنينة المصير.. "نصر أو استشهاد".

"الله أكبر" خفقة قلب المجاهد، ونبض قلب أمه من ورائه، وشهقة روح الشهيد، ووعد ابنه من بعده، "الله أكبر" حكاية مدينة كاملة دكّها الطغيان دكا، ففاضت طوفانا من الشهداء السعداء وطوفانا من المؤمنين الذين علموا الدنيا دروس الصبر والإيمان والتصديق بوعد الله، ثم سلموا تسليما.

"الله أكبر" مدرسة المؤمن يتبتّل فيها إلى ربه خمس مرّات كل يوم ثمّ يكرّرها ما شاء الله له أن يكررها فيقهر عدوّه الأزليّ شيطانه ويعلو بها على هواه، ثم يرتقي فوق صغائر الدنيا ليمضي في الحياة كبيرا قويّا مستعينا على كل كبير قوي بـــ "الله أكبر" فله مطلق التكبير والتكبير المطلق.

يا أيتها الأمّة التّائهة في طرق الأمم، ويا أيّها الشباب القابض على الجمر، يا كلّ من في قلبه شرف المسلم وقوة المؤمن ومعرفة الوليّ وتصديق الشهيد عيشوا مع "الله أكبر" في معناها قبل مبناها

"الله أكبر" ذكر العارف الصدّيق يرفعها على المآذن خمس مرّات ليسمعها الكون كلّه فيخرج من ضيق الأسباب إلى سعة السنن، ويسمو فوق القوانين الدنيوية مع الأكبر فيعلو ولا يبقى في نفسه حاجة إلى الصغائر ويتجاوزها حتى يبلغ الحقيقة الخالدة المشرقة "الله أكبر".

فيا أيتها الأمّة التّائهة في طرق الأمم، ويا أيّها الشباب القابض على الجمر، يا كلّ من في قلبه شرف المسلم وقوة المؤمن ومعرفة الوليّ وتصديق الشهيد عيشوا مع "الله أكبر" في معناها قبل مبناها، رددوها في قلوبكم كما ترددونها في محاريبكم، واجعلوها شعار حياتكم كما هي شعار صلاتكم، وارفعوها فوق مآذن أرواحكم كما ترفعونها فوق مآذن مساجدكم، احفروها على سيوفكم وراياتكم ثم انطلقوا مكبرين فما خاب من اعتصم بــ "الله أكبر" ما خاب من لاذ بــ "الله أكبر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.