شعار قسم مدونات

رغم الخذلان.. غزة على خطى نبي الله يوسف تتفوق (1)

ما تقوم به المقاومة يؤكد أن إسرائيل تقاتل أشباحا (مواقع التواصل الاجتماعي)

القرآن معجزة الله الحية المتجددة في كل العصور وسور القرآن المائة وأربعة عشر هي الدستور الإلهي لإدارة الحياة بنجاح حينما يوجد من يحسن العمل بها؛ والمتأمل في حال العدوان والخذلان اللذين تتعرض لهما غزة؛ يجد في دستورنا العظيم نموذجا ومرجعا لكيف يتحقق النصر والتمكين والتفوق على الجميع رغم العدوان والخذلان من الجميع؛ ففي السورة الثانية عشرة :(سورة يوسف) تجسيد لخذلان سيدنا يوسف عليه السلام من الجميع عبر كل المراحل الصعبة التي مر بها ولكن النهاية كانت النصر والتمكين برعاية الله تعالى الغالب على أمره صاحب الحكم في هذا الكون الذي حينما يقرر التمكين لمن يشاء يغلب العالم كله: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (يوسف: 21)

حاولت امرأة العزيز العدوان عليه بإبعاده عن الاستقامة وجره إلى الشهوات والمتع وممارسة الفاحشة والعصيان وحينما فشلت لجأت إلى التشويه وتشغيل آلة الإعلام المضلل والترويج للأكاذيب وممارسة اللعبة القديمة الحديثة وهي التشويه والشيطنة والتحريض للتخلص من الطرف الآخر

كما عادى سيدنا يوسف إخوته وتخلوا عنه وسعوا للتخلص من وجوده وألقوه في البئر؛ وقد لفت الله تعالى أنظارنا إلى سلوكيات هؤلاء الإخوة لنتأمل فيها عبر العصور: (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) يوسف: 7، كذلك تخلى عن غزة كل إخوتها من الدول العربية والإسلامية بل أوعزوا في السر للخلاص منها طلبوا القضاء عليها ولسان حال حكامنا كحال إخوة يوسف : لغزة أحب إلى شعوبنا منا ونحن عصبة إن شعوبنا لفي ضلال مبين اقتلوا غزة أو اطرحوها أرضا يخل لكم وجه شعوبكم وتكونوا من بعدها آمنين.

وكما خذل يوسف عليه السلام من التقطوه من البئر وباعوه بثمن رخيص ليكون عبدا رقيقا: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) يوسف:20.، كذلك تخلت كل الدول الغربية فها هي تبيع غزة بثمن بخس لتحقيق مصالح دنيوية رخيصة ولشراء رضاء أمريكا والكيان الصهيوني، دون تقدير لإنسانية الإنسان ولا حقوق الإنسان التي يتشدقون بها؛ نعم لقد باعوا غزة بمصالح معدودة وكانوا فيها من الزاهدين.

وكما حاولت امرأة العزيز العدوان عليه بإبعاده عن الاستقامة وجره إلى الشهوات والمتع وممارسة الفاحشة والعصيان وحينما فشلت لجأت إلى التشويه وتشغيل آلة الإعلام المضلل والترويج للأكاذيب وممارسة اللعبة القديمة الحديثة وهي التشويه والشيطنة والتحريض للتخلص من الطرف الآخر وهذا يتلخص في قولها: (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) (يوسف: 25) حاولت صياغة رواية وسردية مضللة كاذبة ولكن في أحلك ساعات المحنة وفي الظلام الحالك تنبثق بعض الشمعات فيأتي من يحلل هذه السردية ويبطلها وهو من أهلها (وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) (يوسف: 26-27).

كذلك حاولت جهات كثيرة جر غزة للسعي فقط وراء المتع والشهوات ولقمة العيش ومجرد الحياة دون القيم والمبادئ وترك السعي لتحرير المقدسات وحينما أبت تسلطت عليها آلة الإعلام الكاذب المشوه والتحريض على حصارها السنوات الطوال وأحسنت غزة كما أحسن سيدنا يوسف تقدير المكاسب والخسائر فكما تجرع قبول السجن وخسارة الحرية على خسارة الدين والمبادئ العظيمة (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) (يوسف: 33) وتجرعت غزة أيضا قبول الحصار على قبول بيع المقدسات أو السير في ركاب الذل والخيانة التي يسمونها السلام.

تخلت عن غزة كل المؤسسات التي يفترض أن تصون حقوق البلاد المحتلة وتقف في صالح تحرير الشعوب؛ فتخلت عنها الأمم المتحدة وما يسمى بمجلس الأمن وأصحاب الحكم في الدول الكبرى وحكموا عليها بالإرهاب وعملوا على خنقها وعزلها وأصبحت غزة سجن كبير.

وكما تخلى عن سيدنا يوسف عزيز مصر في خضم اتهامه؛ رغم وضوح براءته بشهادة شاهد من أهل زوجته المدعية عليه ظلما أيضا تخلت السلطات الحاكمة في كل الدول عن غزة رغم علمهم ببراءاتها من الإرهاب وعلمهم بعدالة قضيتها التي تستوجب المساندة.

وكما اعتدى القضاة على سيدنا يوسف وتخلوا عنه فحكموا بسجنه وتقييد حريته رغم وضوح كل أدلة براءته: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) (يوسف: 35)، كذلك تخلت عن غزة كل المؤسسات التي يفترض أن تصون حقوق البلاد المحتلة وتقف في صالح تحرير الشعوب؛ فتخلت عنها الأمم المتحدة وما يسمى بمجلس الأمن وأصحاب الحكم في الدول الكبرى وحكموا عليها بالإرهاب وعملوا على خنقها وعزلها وأصبحت غزة سجن كبير.

وكما تخلى عن سيدنا يوسف عليه السلام (زميل السجن) الذي أوصاه بأن يسعى لتحريره من السجن، ورغم أنه أحسن إليه وصاحب فضل عليه.. ولسنوات عديدة نسي هذا الزميل وانغرس في مصالحه ولم يقدم شيئا لصاحب المحنة (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين) (يوسف: 42)؛ كذلك تخلى عن غزة زميل السجن الكبير الوطن المحتل؛ السلطة الفلسطينية وقيادتها المسجونة معها في فلسطين المحتلة وانغرست السلطة في مصالحها الشخصية ونسيت رفقاء الدرب الذين هم أولى بالدعم والمساندة.

وهكذا كما رأينا عانى سيدنا يوسف عليه السلام الخذلان من الجميع عبر كل المراحل ولكن تدبير الله فوق كل تدبير وكانت النهاية النصر والتمكين والتفوق على الجميع برعاية الله تعالى الذي حينما يقرر التمكين يغلب العالم كله: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) (يوسف: 56)؛ وهذا ما يبشر أهل غزة الذين ساروا على نهج القرآن العظيم ونهج الأنبياء ونهج يوسف عليه السلام بالتفوق على الجميع وتحقيق النصر والتمكين وهذا يقيننا في الله تعالى مالك الملك الحاكم للعالم الغالب على أمره.

ولكن كيف حدث ذلك وما هي عوامل التفوق والنجاح والنصر والتمكين لسيدنا يوسف وكذلك يحدث لأهل غزة هذا ما سنتكلم عليه في المرة القادمة بإذن الله تعالى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.