شعار قسم مدونات

هل للكفاءة الإدارية دور في التفاعل مع الواقع؟

من أولى الأولويات أن يقوم كل المديرين والرؤساء للأقسام والراغبون بدخول العمل المؤسسي والاستثماري بتطوير قدراتهم الذاتية في مجال بناء الرؤى (بيكسلز)

يتفق الخبراء والمثقفون أن الإدارة الرشيدة والإدارة المعاصرة هي سبيل لإنضاج التفكير في الواقع؛ للخروج بالحلول الأنجع في بناء الأهداف المستقبلية، وترسيم وسائل التنفيذ، والجداول الزمنية للتحرك نحو تحقيق الأهداف، وهذه القدرات العقلية الإدارية هي صمام الأمان في بناء المؤسسة نهضتها ورفعتها والتحرك بها في عالم تختلط فيه كثير من التناقضات والتحديات.

جلوس الإنسان المستمر في البيئات الإيجابية، وخروجه من دائرة الراحة النفسية والمكانية للبحث عن أساليب التميز في العمل الإداري والقيادي، ونحو ذلك من عوامل البناء الذاتي، ستكون لها أفضل الانعكاسات على واقع الفرد والمؤسسة

هذه الكلمات والعبارات العامة لن تتحقق على أرض الواقع إلا من خلال تحويل هذه العبارات والنظريات إلى واقع عملي، فالإدارة اليوم ليست كلمات تلقى هنا أو هناك، وليست نظريات يمكن التلفظ بها فتحل بها المشكلات، وتتجاوز بها الأزمات، ولكنها منهجيات عملية، ورؤى وتصورات، ومرونة في الفهم والتحليل، وقدرات عقلية نابعة من الخبرة والتجربة والتفاعل مع الحياة والعقليات البشرية، ومعنى هذا كله أن الإدارة العصرية المقصودة هي خلاصة الفهم العميق للواقع، واعتصار التجربة البشرية في بناء الأهداف، ووضع الخطوط العامة لتحقيقها مع تقييمها وتقويمها باستمرار.

هذه المحطات المليئة بالتحديات والمجهود العقلي والجسدي؛ والسفر؛ والتعرف على تجارب الآخرين الناجحة والفاشلة، والمشاركة الفاعلة في دورات التنمية البشرية؛ وتشكيل فرق العمل التفاعلية، هي الحصاد الفعلي لمراحل النجاح السابقة، من أجل توظيفها لتحقيق النجاح الذاتي، وتأمين الخروج الآمن من الأزمات التي تعصف بالأفراد والمؤسسات في كل حين.

وحين رغبت بالتركيز على الكفاءة القيادية والإدارية، إنما أردت التركيز على حقيقة راسخة؛ وهي أن جلوس الإنسان المستمر في البيئات الإيجابية، وخروجه من دائرة الراحة النفسية والمكانية للبحث عن أساليب التميز في العمل الإداري والقيادي، والبحث عن تجارب الآخرين، وحضور ورشات العمل والمؤتمرات الدولية والمعارض التخصصية، ونحو ذلك من عوامل البناء الذاتي، ستكون لها أفضل الانعكاسات على واقع الفرد والمؤسسة في صناعة الصورة الخاصة به أو بالمؤسسة في العمل الإداري والنجاح فيه.

إن من أولى الأولويات -بوجهة نظري المتواضعة- أن يقوم كل المديرين والرؤساء للأقسام والراغبون بدخول العمل المؤسسي والاستثماري؛ بتطوير قدراتهم الذاتية في مجال بناء الرؤى، والتخطيط، وإدارة الذات، وإدارة الاجتماعات، والتعرف الحقيقي والتطبيقي على مهارات التخطيط قصير ومتوسط وطويل الأمد، وكيفيات البحث عن الحلول والبدائل، ووسائل التنفيذ الابتكارية، والتعامل مع الأزمات، فهذه المهارات هي السبيل لتعزيز القدرات الشخصية لدى المدراء، وهي السبيل لتطوير قدراتهم للتعامل مع الواقع الصعب الذي نعيشه هذه الأيام بصورة سليمة ومؤثرة، تنعكس بالإيجاب على واقع المؤسسات الاقتصادية وقدرة المنشآت على تطوير استثماراتها ومردود المال الوارد لها.

التنمية الحقيقية للشخصيات القيادية يعني التعويل على نمط جديد من التفكير والتشبيك وبناء الاستثمارات التشاركية والتفاعلية، وبث الروح الجديدة في شرايين العمل الاقتصادي

لقد كنت سعيداً جداً بالآونة الأخيرة بسلسلة المعارض التي شاركت فيها وحرصت فيها على التفاعل مع الشريحة القيادية الشبابية التي تتصدر الجيل الجديد من المنشآت الاقتصادية، فهؤلاء القيادات الشبابية هم الأمل الحقيقي في إحداث فارق حقيقي في مجال العمل الاقتصادي والاستثماري المعاصر، وهم العنوان الأبرز للأمل المستقبلي، وتأهيلهم بالمهارات العقلية التخطيطية والتنفيذية، وإكسابهم مهارات الإدارة العصرية اللازمة لهم؛ مهم للغاية لتأمين مستقبل أكثر إشراقاً لهم ولمؤسساتهم التي يقودونها.

التنمية الحقيقية للشخصيات القيادية -لا سيما الشبابية منها- يعني التعويل على نمط جديد من التفكير والتشبيك وبناء الاستثمارات التشاركية والتفاعلية، وبث الروح الجديدة في شرايين العمل الاقتصادي، والبدء بطرح سلاسل منتجات حديثة ووسائل تسويق حديثة، وهذا معناه أن يكون هناك تحريك فاعل لحركة عجلة العمل للشباب وخريجي الجامعات، وتقليل حجم البطالة؛ وتعزيز حجم وشكل الإنتاجية في المجتمع بصورة مباشرة وواضحة، وهو ما سيلمسه الإنسان الفرد، والمواطن البسيط في حركة التجارة في بيئته في كل البلدات والمدن والقرى والأرياف، وهو بكل تأكيد واحد من مسارات التنمية العامة وتعزيز النجاح الجمعي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.