شعار قسم مدونات

ثمن الحرية!

حساب كتائب الشهيد عز الدين القسام على تليغرام - مواقع التواصل، والبلد فلسطين
عناصر من كتائب الشهيد عز الدين القسام (الجزيرة)

عندما كنا صغارا علمونا في المدارس قول سيد الشعراء المتنبي:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى .. حتى يـراق على جوانبه الدم

وكنا نحار متسائلين ما علاقة الشرف الرفيع بالدم، حتى إذا جاءت مقاومة غزة العزة، ورأينا بأم أعيننا شهداء غزة تراق منهم الدماء زكية طاهرة في سبيل الله.. وفي سبيل نيل حريتهم.. وفتح معابرهم.. واسترداد أدنى حقوقهم الإنسانية.. علمنا مصداق مقولة المتنبي.

ها هو ذا التاريخ يعيد نفسه فنرى المرجفين يرجفون والطاعنين يطعنون والظانين يظنون أن المقاومة ستمحى، وأن الجهاد سيزول، وأن الأمر لن يكلف إسرائيل أكثر من أيام معدودات. فماذا كان؟

وعندما كنا صغارا لقنوننا في المدارس قول أمير الشعراء شوقي:

وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق

وكنا نعجب من تلوين شوقي للحرية باللون الأحمر! وهل للحرية لون؟! وكان عجبنا يزداد من دقه باب الحرية باليد المضرجة بالدم؟! ألا يمكن لهذا الباب أن يدق بيد ناعمة الملمس طرية المقرع؟! حتى إذا رأينا فتك اليهود وتدميرهم، ومبلغ تعطشهم للدماء، واستبسال المجاهدين في صدهم وردهم والصمود في وجوههم، أدركنا صدق مقولة شوقي.

وعندما كنا صغارا حفظونا في المساجد قول ربنا سبحانه ﴿كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين﴾ (سورة البقرة 249)

فكنا نظن ذلك ضربا من التاريخ، لا يصح إلا مع الأنبياء وحواريهم عليهم السلام، والصحابة وتابعيهم عليهم الرضوان، حتى إذا رأينا بأم أعيننا ما يكابده الصهاينة في محاولاتهم اقتحام غزة وهم يملكون أعظم آلة حربية مدمرة في العالم، تمدها من ورائها أكبر قوة عظمى في عالمنا، وما يعانيه حفدة القردة والخنازير أمام فئة من المجاهدين لا يملكون من السلاح إلا أهونه ولا من العتاد إلا أقله، أدركنا مصداق قوله تعالى في كتابه المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وعندما كنا صغارا قرأنا في سيرة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن الأحزاب عندما أحدقوا بالمدينة من كل جانب، وبلغت قلوب الذين آمنوا الحناجر خوفا وفرقا وجزعا، وزاد الطينة بلة غدر اليهود ونقضهم ميثاقهم، فأصبح النبي والذين معه بين عدوين متربصين من أمامهم ومن خلفهم، ولكن ذلك كله لم ينل من ثبات رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم شيئا، بل زاده قوة ومضاء ورباطة جأش، وجعل يبشر أصحابه بفتح الشام وبلاد فارس واليمن، في حادثة شهيرة سطرتها صفحات السيرة العطرة بأحرف من نور، وذلك عندما ضرب صخرة فانقدح منها شرر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، ثم ضربها أخرى فانقدح الشرر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، ثم ضربها ثالثة فانقدح الشرر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن. عند ذلك أرجف المرجفون في المدينة من المنافقين وأضرابهم، أن الرسول يبشر بهذه الفتوح وإن أحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته من شدة الخوف والهلع والبلاء المحدق من كل جانب! وكان أن إنجاب البلاء وكشف الكرب وانتصر المسلمون وعوقب اليهود عليهم لعنات المولى، ثم توالت بشائر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تتحقق، الواحدة تلو الأخرى.

وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه فنرى المرجفين يرجفون والطاعنين يطعنون والظانين يظنون أن المقاومة ستمحى، وأن الجهاد سيزول، وأن الأمر لن يكلف إسرائيل أكثر من أيام معدودات. فماذا كان؟

لقد آن لنا أن نؤمن بأن الجهاد هو السبيل الوحيد لاسترداد حقنا، ورد عدونا، ونيل عزتنا وكرامتنا.

لقد كذب ظنهم وخاب فألهم، وستنتصر غزة إن شاء الله برغم كل ما أصابها من دمار وخراب، وما قدمت من ضحايا وشهداء، وستبقى المقاومة تهدد أمن اليهود وتقض مضجعهم. ﴿ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾ سورة الحج (40).

لقد آن لنا أن نعرف أن عدونا شرس ماكر لا تجدي معه إلا لغة الجهاد والقتال، وأن ما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة.

لقد آن لنا أن نوقن أن اليهود أشد الناس عداوة للذين آمنوا. ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون﴾ سورة المائدة (82)

لقد آن لنا أن نؤمن بأن الجهاد هو السبيل الوحيد لاسترداد حقنا، ورد عدونا، ونيل عزتنا وكرامتنا.

لقد آن لنا أن نعلم أن النفرة في سبيل الله والجهاد بالأموال والأنفس هو الخير كل الخير لأن الله سبحانه قد أمرنا به واختاره لنا حيث يقول عز من قائل: ﴿انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ (سورة التوبة 41).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.