شعار قسم مدونات

أيقظوا العالم.. فالحاضر يتم تزويره أمام أعيننا

قمة الجبن أن تعزل أرض عن العالم وتحاصرها لتبدأ في قذفها بأبشع أنواع القتل (الجزيرة)

ومرة أخرى خيمت غيمة ضبابية كثيفة على المدينة وأصبح نهار غزة رماديا وعبوسا، وكأن كل شيء يسير وفق مخطط مدروس. أخبروني أين اختفت أخبار الفيروسات، البق، والكائنات الفضائية.. وكأننا في لعبة مبرمجة نصدق كل شيء كأغبياء.

أصبحت لا أثق في هذا العالم ولا في تاريخه بعد إبادة غزة وتكذيب ذلك بأدلة حقيرة لتسجيل تاريخ كاذب تصدقه العقول الفاشلة. اَه يا فلسطين أوهموك بأن يحولوك إلى بلاد اللبن والعسل وفي الحقيقة كل ما رأيناه ما هو إلا الرماد والدماء في كل مكان.

كم أنتم جبناء.. تظنون أنكم خالدون فيها، يتفاخرون بالقوة وهم يقاتلون من لا يملك أي سلاح سوى الحجارة التي جمعها المدنيون بعد الدمار الذي أحدثه أولئك البشر المجردون من الإنسانية الذين استهدفوا المستشفيات ومنازل المواطنين

يا للعجب أمة كاملة تختنق وتصرخ من أجل الحرية ورغم ذلك مازالت الأمم المجاورة لها تغلق النوافذ والأبواب بإحكام حتى لا تشوشها الأصوات المناجية وتفسد أجواء حفلاتها. ليس من حق العالم أن يمارس كل هذا الظلم بزهرة الدول.

ماذا فعلتم بأرض الشجر والهواء الطلق، أرض الضحكات العالية ولعب الأطفال. أيقظوا العالم فالصهاينة لا يقاتلون ضد الفلسطينيين فقط بل يقاتلون ضد الأمة العربية والإسلامية كلها، هم ينتظرون اليوم الذي يحل فيه المشكل الفلسطيني حتى يزحفوا كما يزحف الثعبان ببطيء وشراسة إلى بقية الشعوب العربية والإسلامية، فهدفهم الأساسي هو إقامة إمبراطورية إسرائيلية فوق الأرض العربية، فعودة القدس مسؤولية على كل من يحمل عرق عربي، لأنها أرض التاريخ والدين والحضارة، بل هي أرض كل العرب.

تصيبني القشعريرة كلما تذكرت أن الطائرات التي تقصف غزة تطير بنفط عربي، حقا لا أريد تشغيل فكري السياسي لكن أدهشني موقف بعض المثقفين وأشباه الحكام الذين شغلوا الشاشة واستمتعوا بفيلم الرعب الذي يحدث في غزة، وكأن العالم كله باع أرواحا بريئة.

يا عجباه، هل غفلت أعينكم عن ارتفاع عدد شهداء المجازر الإسرائيلية في غزة؟ مجازر تخطت 11 ألف شهيد، بينهم أكثر من 5000 طفل وما لا يقل عن 2000 سيدة وفتاة، ونحو 20 ألف مصاب بالإضافة إلى ما يزيد عن 2000 مفقود، في 40 يوما فقط بعد دخول العدو الى زهرة الدول التي كادت أن تذبل، ومع هذا فالجميع يراقبون ويشاهدون الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين مدعوما بتواطؤ غربي وعربي، وصمت عالمي، هل تنتظرون أن ينتهي إجمالي سكان هذه البقعة المظلومة؟ أهذه غايتكم؟ للأسف عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين وبحقوق العرب والمسلمين يصاب الجميع بالعمى.

قمة الجبن أن تعزل أرض عن العالم وتحاصرها لتبدأ في قذفها بأبشع أنواع القتل، قمة الجبن أن تقام حرب من طرف واحد وفوق كل هذا يسلبون حرية هؤلاء المدنيين بشراسة، حيث لا يوجد مكان آمن يلجؤون إليه، ولا توجد ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وحصار شامل برا وبحرا وجوا وفوق كل هذا يخضعون للإبادة الجماعية، وفي النهاية يحدثونك عن الإنسانية وحقوق الانسان.

كم أنتم جبناء.. تظنون أنكم خالدون فيها، يتفاخرون بالقوة وهم يقاتلون من لا يملك أي سلاح سوى الحجارة التي جمعها المدنيون بعد الدمار الذي أحدثه أولئك البشر المجردون من الإنسانية الذين استهدفوا المستشفيات ومنازل المواطنين، وبدباباتهم دمروا كل سيارة إسعاف محملة بالجرحى تمر من المركز المستهدف.

عن أي قوة تتكلمون ما دامت كل الجرائم التي ارتكبتموها في غزة وفي فلسطين بصفة عامة منذ عقود، كانت بمساعدات خارجية، فمنذ بداية أزمة السابع من أكتوبر وأنتم تحضرون لهجوم بري لتدمير الأنفاق فاستخدمتم قنابل ذكية، تستطيع هذه القنابل اختراق ثلاث طبقات إسمنتية قبل الانفجار لتقضي على الأنفاق، واعتمدتم على القنابل الارتدادية، والتي تعبث بالقشرة الخارجية للأرض عن طريق إصدار موجات ارتدادية ضخمة مثل الزلزال، فتتسبب في اهتزاز قوي للمبنى أو النفق المستهدف، وكل هذا بمساعدات قدمت لكم من الأيادي الخارجية.

فعلنا الوسوم حتى دخلنا في لعبة جديدة، يريدون أن يدخلونا في دوامة مرضية يقتلوننا نفسيا لأنهم أدرى أنه ليس بيدنا حيلة فهم يفعلون ما يدور في رأسهم المتعفن بالأفكار والخطط الصهيونية

محزن أن ترى اخوانك الفلسطينيين لهم واقع بائس بين قضبان الماضي الذي كان كله مرارة وقتامة والمستقبل الذي لا يعلمه إلا الله، أتظنون أن من استشهد هناك لم تكن له أهداف وأحلام في الحياة، تظنون أنهم "روبوتات" متحركة لا روح فيها، تخيل لو كنت مكانهم تنام على أصوات القنابل والصواريخ، وأنت ما زلت حيا ترزق تصحو في الخامسة صباحا كي تنتظر دورك بعد صف لا يقل عن خمسين مواطنا لتأخذ رغيفا لعائلتك، وتمشي فوق ستة كيلومترات لتملأ عبوتك بالماء، ولكي تشحن هاتفك تذهب لأي أحد عنده طاقة شمسية ليشحن لك هاتفك نصف ساعة وللأسف هذه المدة يمكن أن تشحن لك عشرين بالمئة أو أقل فتحاول أن تضعه في أقصى توفير للطاقة لكي يدوم لك الشحن ليوم كامل لعلك تتمكن من مكالمة عائلتك أو ربما يصلك اتصال أن المكان الذي تعيش فيه مستهدف وسيقصف خلال دقائق.

وإذا دخلت الى الدكان تجد نفسك تدور وتدور وتشتهي كل ما يوجد بداخله لكن تشتري في النهاية علبة قشطة لأنهم أصلا قطعوا عنكم الغاز ولا يمكن أن تشتري شيئا يطبخ، وكل خطوة تمشيها بهلع تفكر فيها هل أنا حقا حي لحد هذه اللحظة؟ وستدرك أن ما يحدث معك هو واقع وليس خيال، ربما حان الوقت لتجرع مرارة الحياة وظلمها الشرس.

للأسف منذ أن احتلت فلسطين لم يتغير شيء سوى التكنولوجيا والوسائل التي تنقل صور الإبادة. أتساءل ماذا فعلت ثورة الأنترنت والتكنولوجيا المتطورة، حقا لم تنفعنا بشيء كلهم في سبات عميق ولا أحد يستجيب، فعلنا الوسوم حتى دخلنا في لعبة جديدة، يريدون أن يدخلونا في دوامة مرضية يقتلوننا نفسيا لأنهم أدرى أنه ليس بيدنا حيلة فهم يفعلون ما يدور في رأسهم المتعفن بالأفكار والخطط الصهيونية، هدفهم إبادة الحضارة وتفكيك الأمم والشعوب وتخريب المجتمع لان الإسرائيلي الجاف لا حضارة له ولا فن له.

ما دام حكام العرب مكتوفي الأيدي فمن نحن أعني الشعوب كي نتمكن من إيقاف الإبادة التي تمشي وفق مخطط مدروس، فكل العالم تحت سلطتهم ولكن هناك أقوى حاكم في هذا الكون، هو الوحيد الذي سيقضي على خبثهم، فالله عالم بكل شيء.

لقد نجحتم بقتلنا نفسيا، أصبحت آلام النفس تنفذ إلى الجسد فكل واحد منا بكى حتى تورمت أجفانه، ولكن هناك رب في الأعلى سيتولى أمركم وسيجعل منكم اَية حين يحين ذلك فلم ينته مصيركم بعد. وحتى لو قطعتم الماء والكهرباء، حتى لو امتلأت كل شوارع غزة بالشهداء، ففلسطين وحدها لن تستسلم وستعمل بكل قوة، مهما مرت السنوات ومهما طال وجود الاحتلال، سوف تبقى فلسطين عربية وسوف نستعيدها ولو بعد آلاف السنين. أما اعتقادكم أن الأكبر هو الأقوى والصغير هو وجبة سريعة للكبير ستنقلب الموازين يومها فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.