في كلمة صوتية مباركة أعلنها القائد محمد الضيف عملية شعواء على الاحتلال الإجرامي الغاشم، عملية تذكرنا بنداءات صلاح الدين الأيوبي من جديد. ولعلها تمثل نداء جهاديا أعلنه الضيف لإيقاظنا من السبات، وليمتحن قوانا وهممنا بها بعد أن أوهنتها الظروف السياسية الأخيرة خصوصا أن القيادة الصهيونية كانت متفائلة ولم تتوقع مطلقا أن يكون هناك أية عملية أو إعلان للنفير من قبل أي فصيل.
لكن في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وفي ساعات الصباح الأولى استيقظ الجميع على أصوات النفير، وأصوات الرصاص والمدافع فكانت هذه الضربة الموجعة والقاصمة، وقد استبشرنا خيرا بها، وهللنا لها من أعماقنا قبل ألسنتنا وبأرواحنا قبل أجسادنا. نعم إن رد الفعل هذا مناسب بل هو أقل ما يكون أمام ما يفعله العدو يوميا من تهجير وسحق للشعب الفلسطيني العربي دون رحمة.
بدأت العملية بإستراتيجية الضربة الاستباقية وقد وجهت بدقة وتخطيط مسبقين نحو العمق الإسرائيلي الحساس، وبهذا تكون واحدة من أبهر وأشجع الضربات التي نهجتها المقاومة خلال العقود الأخيرة
نعم إن رد الفعل هذا أقل ما يكون أمام تعذيب الأسرى وملاحقة المطلوبين وتهديم منازلهم واعتقال عوائلهم، فالعدو يهدف بكل أفعاله المشينة -بكل ما يستطيع فعله- لمحو أي أثر لوجود شعب فلسطين، ولكن هيهات، فهذه الأرض كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين كما قالها محمود درويش، وهي ستبقى كذلك ولن تصبح يوما إسرائيل.
لقد بدأت العملية بإستراتيجية الضربة الاستباقية وقد وجهت بدقة وتخطيط مسبقين نحو العمق الإسرائيلي الحساس. وبهذا تكون واحدة من أبهر وأشجع الضربات التي نهجتها المقاومة خلال العقود الأخيرة.
فلقد أصابت هذه العملية حكومة نتنياهو بصدمة وذهول، وتصريح نتنياهو الذي قال فيه إنهم في حالة حرب لا يعبر عن شيء إلا عن مرارة ليس بعدها مرارة، وأما رئيسهم هرتسوغ فقد أوضح أن إسرائيل تمر بساعات صعبة.
وما أثار استغراب الجميع، ومنهم الصهاينة، عنصر المباغتة في الهجوم ومدى جرأة الفصائل ودقة معلوماتها في ضرب الأماكن المهمة في مناطق الاحتلال، ومنها المطارات ومراكز الشرطة والجيش ونقاط التفتيش، وقد حقق هذا العنصر أهداف الفصائل المباركة بأسر العديد من ضباط الاحتلال والاستحواذ على أدوات عسكرية كان يستخدمها العدو.
عملية "طوفان الأقصى" ستصبح رمزا داحرا للظلم والطغيان، رمزا كسر شوكة الاحتلال الذي دنس ما يقدسه المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وكسر هيبته أمام العالم أجمع بعد أن كان يتفاخر بمناوراته الشهرية والسنوية
إضافة لذلك، فقد أصيبت أجهزة الاحتلال بالتشوش لا سيما في ساعات الهجوم الأولى، ولم تتمكن من رد فعل عسكري إلا بعد السيطرة على العديد من مستوطنات الاحتلال، وهذا يكشف بشكل ما، ضعفا استخباراتيا هائلا. ورغم التقدم الصهيوني في كافة المجالات فإنها عجزت عن استباق عملية "طوفان الأقصى" بأي شكل.
عملية "طوفان الأقصى" ستصبح رمزا داحرا للظلم والطغيان، رمزا كسر شوكة الاحتلال الذي دنس ما يقدسه المسلمون والمسيحيون على حد سواء، وكسر هيبته أمام العالم أجمع بعد أن كان يتفاخر بمناوراته الشهرية والسنوية، ومعارضه العسكرية ومشاركاته في المنتديات التي تقيمها الدول العظمى.
فها هو الاحتلال اليوم يهزم ويدحر ويذل على إيد لم يكن لديها سوى عمليات فردية وتمويل غير متكافئ. في الأمس استشهد عبد الفتاح خروشة وحسن قطناني وإبراهيم جبر وغيرهم الآلاف، واليوم هو يوم الثأر الكبير لهم ولكل مستضعف ويتيم، هو يوم الثأر الكبير لكل شهيد ومهجر، لكل أم فجعت بوليدها، لكل أب فجع بابنه. هذا اليوم هو يوم الثأر الكبير.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.