شعار قسم مدونات

سير أعلام القراء.. المنشاوي (1)

محمد صديق المنشاوي.. الصوت الخالد في أرجاء الأرض المصدر: الجزيرة الوثائقية
المقرئ الشيخ محمد صديق المنشاوي (الجزيرة)

شاء الله وقدر أن تكون رحلتي القرآنية من دون مركز آوي إليه أو شيخة ثابتة أستمع منها وتستمع إلي، كنت كل يوم أسعى، وأبحث، وأجتهد لأجد مركزا قريبا مني، ملائما لظروفي، ولكنني للأسف فشلت، وربما كان هذا الفشل رسالة من الله لي تحثني على الانضمام إلى دورات إلكترونية ليتسهل الأمر علي. وحقا فعلت ما فعلت وانضممت لعدد من الدورات الإلكترونية، صحيح أنها لم تكن مثل حلقات التحفيظ الواقعية، ولكنها كانت ترياقا لقلبي، حيث جعلتني أتعرف على خيرة قراء العالم، كان -في نظري- أحسنهم صوتا بتلاوته الحزينة التي تلامس خلجات القلوب، وتربت على الروح شيخ مجود، معلم، مرتل، حين تسمعه يقرأ يخيل إليك أن مصحفا فُتح أمامك، يقرع الحرف قرعا، ويهمس بالمهموسة همسا، يقرأ وتحسب أنك تقرأ معه وتفسر. ولقد كنت ظمآنة حتى سمعته، وكنت في شتات فلملمت تلاوته شعث روحي، سبحان من وهبه هذا الصوت وجزاه عنا كل الخير!

مع أول ساعات الصباح تنطلق أصوات القراء من مختلف الإذاعات وقنوات القرآن، فيأتي صوت المنشاوي سابقا لكثير من الأصوات؛ فقد انضم -رحمه الله- إلى إذاعة القاهرة وهو فتى في ريعان الشباب، وظل يتلو ويرتل حتى سجل القرآن كاملا في إذاعة القرآن الكريم

من هو؟

هو شيخي ومعلمي (وإن لم ألقه)؛ محمد صديق بن سيد بن ثابت المنشاوي، ويعرفه كثير من الناس بالمنشاوي. مصري الجنسية، ولد عام 1920م، وتعلم على يد والده القراءة والكتابة، وكان من حسن حظه أن والده جّد وسعى ليجعله حاملا كتاب الله باكرا، فبدأ في تحفيظه بنفسه ثم أرسله إلى أحد المشايخ ليواصل معه، فمضى في سبل القرآن طفلا صغيرا، ولقد جدّ واجتهد حتى حفظ القرآن كاملا وهو ما يزال ابن 11 عاما. أما التجويد فتعلم علومه في القاهرة، وعرف بصوته المؤثر والخاشع، وتلاوته النادرة والمتميزة، وفي أول عهده عُيّن -رحمه الله- قارئا في مسجد الزمالك، ثم بعد ذلك في عدد من المساجد بالقاهرة.

استضافاته

بعد أن اشتهر المنشاوي في مصر وأحيائها ذاع صيته في كثير من الدول العربية، وكذلك بعض الدول الغربية، واستضافته أرض الحرمين الشريفين عدة مرات في موسم الحج؛ ليقرأ الآيات على ضيوف بيت الرحمن، وكذلك استضافته شقيقتا مصر المجاورتان السودان وليبيا، وكذلك الكويت وكثير من دول الشرق الأوسط. ومن أهم الاستضافات التي حظي بها الشيخ محمد صديق المنشاوي تلك الاستضافة التي في إندونيسيا، حيث كرمته وقلدته وساما لما زرعه في قلوب الناس من تحبب كلام الله لهم، وتنويره قلوبهم وأسماعهم.

مات وعمره 49 عاما، ولكن الأثر الذي خلده في القلوب سيبقى أزمانا متعاقبة، وستتناقل الأجيال صوته عقودا بل قرونا!

الإذاعات

مع أول ساعات الصباح تنطلق أصوات القراء من مختلف الإذاعات وقنوات القرآن، فيأتي صوت المنشاوي سابقا لكثير منها؛ فقد انضم -رحمه الله- إلى إذاعة القاهرة وهو فتى في ريعان الشباب، وظل يتلو ويرتل حتى سجل القرآن كاملا في إذاعة القرآن الكريم، ونشرت صوته الإذاعات الإسلامية، والقنوات القرآنية، وظهرت في عصرنا الحديث الكثير من التطبيقات التي تحمل تلاوته للناس ومنها: القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي، والمصحف المعلم (المنشاوي)، والمصحف المجود (المنشاوي)، وتحفيظ القرآن الكريم (المنشاوي)، وكذلك ضمت تلاوته "بوتات" تليغرام الخاصة بالقرآن الكريم.

وفاته

في عام 1969م فقدت مصر والعالم الإسلامي خيرة القراء، مات المنشاوي وظل صوته حيا حتى يومنا هذا، تلاوته تعطر البيوت والشوارع آناء الليل وأطراف النهار، مات وعمره 49 عاما، ولكن الأثر الذي خلده في القلوب سيبقى أزمانا متعاقبة، وستتناقل الأجيال صوته عقودا بل قرونا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.