شعار قسم مدونات

لمثل هذا يذوب القلب مِن كَمَد!

غزة وكل المدن الفلسطينية جرح ثخين بالجسد العربي الإسلامي (الجزيرة)

لمثل هذا يذوب القلب مِن كَمَد .. إن كان في القلب إسلام وإيمانٌ

ليس بالمفاجئ أبدا أن يستمر العدوان الصهيوني في انتهاكه للدم البشري على هذا النحو حيث ساكنة العالم تشاهد الآن أقسى الصور من خلال مشاهد قصف مستشفى المعمداني بغزة وما انجر عنه من هذه المجزرة التي ترثي الفعل الدولي وجهود حماية الأبرياء والمضطهدين، وقبل ذلك ترثي هذه اللقطات عالما إسلاميا كأنه مسجّى على السرير ما به من حراك وما له من حضور فاعل يمنع أن يراق أي دم عربي بكل هذه السهولة والهون.

غزة وكل المدن الفلسطينية جرح ثخين بالجسد العربي الإسلامي؛ وعدم تعاطيه تألما وتفاعلا مع نزف الجرح مؤشر يصنف الحالة في خانة قول الشاعر: ما لجرح بميّت إيلامُ

ليس بالمفاجئ أن تكون معاني الإنسانية تحت الصفر في ما يتعلق بتكتيك العدوان اليهودي الإسرائيلي، ونوعية أهدافه، إنما المذهل ألا تكون أمة بأرقام المليار قادرة أن تتخذ قرارا مشتركا أو تؤدي عملا يمنع من استمرار هذه الحالة، ويلجم غريزة العدوان الإرهابي التي يقع تحت نيرها شعب فلسطين الأبي المقاوم الذي يدفع الضريبة غاليا والذي استطاع رغم غياب النصير والظهير إلا ممّن رحم ربك أن يشق لنفسه طريقا في درب المقاومة بات يؤتي أكله بفاعلية ويحقق مكاسب قوية في الميدان مزلزلة للكيان الغاصب، وذلك بإمكانات ذاتية محدودة، فقط، فكيف لو كانت تشد أزره كل القوى الدولية العربية والإسلامية وتقف إلى جانبه، في مشروع التحرير العظيم.

غزة وكل المدن الفلسطينية جرح ثخين بالجسد العربي الإسلامي؛ وعدم تعاطيه تألما وتفاعلا مع نزف الجرح مؤشر يصنف الحالة في خانة قول الشاعر: ما لجرح بميّت إيلامُ

وذلك هو ما يعقّد القضية، إذ الشلل العربي الإسلامي مسألة محبطة، وهو مكمن الخلل الحقيقي بالنسبة لصناعة التحرير الفلسطيني، وكم يبعث ذلك على الحزن ويزيد من الشجا إذا ما تم استحضار الأدوار التاريخية القوية التي سبقت لهذه الأمة التي كانت محمية الجانب موفورة الكرامة ثم آل بها الواقع إلى هذا الحال:

إنى تذكرتُ والذكرى مُؤَرِّقةٌ .. مجداً تليداً بأيدينا أضعناه

أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد .. تجدْهُ كالطير مقصوصاً جناحاه

تعبث الآلة الصهيونية مخلفة مثل هذه المجازر ولا من موقف دولي عربي يدخل على الخط، نصرة ونجدة:

مررتُ على الشهامةِ و هي تبـكي .. فقلتُ: عَلامَ تنتـحبُ الفتاةُ

فقالت: كيف لا أبـكي و أهلي .. جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا

وليس تحقيق النصر ضد الكيان الصهيوني الغاصب مسألة دونها خرط القتاد، فانهزامه المتمثل في الخلو من الأبعاد القيمية والإنسانية متحقق أصلا ووحده يشكل أساسا لاضمحلال هذا الكيان فليس لهذا الكيان ما لدى الحضارة الإسلامية من أعرافِ وتوجيهات الابتعاد عن إلحاق الضرر بطوائف الضعفة والأطفال والنساء في إطار قيم الحروب وأخلاق الصراع، ولا له الحرص على معاني الإنسانية، كما تشهد عليه مجازره بالمستشفيات وغيرها، وطبعا إنه كيان اليهود الذين راموا بجرائم القتل، أنبياء الله، وأوضح لنا القرآن الكريم معاداتهم للبشرية، فلا عجب ولا جديد إذن في هذا.

كما زودنا القرآن الكريم، هنا، بآليات استشراف مآلات ما يهدفون لتحقيقه من الخطط الحربية حيث إنهم " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله" فالمسافة قصيرة بينهم مع الإخفاق، ما على العرب والمسلمين إلا أن يمتلكوا الإرادة فقط فهذا الخصم والعدو مهيأ سلفا للهزيمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.