شعار قسم مدونات

ردًا على التهجير واستهداف المدنيين..

أبو عبيدة .. الناطق باسم كتائب عز الدين القسام
أبو عبيدة.. الناطق باسم كتائب عز الدين القسام (الجزيرة)

هل صادفت خلال عملية الطوفان هذه أي منشور لأجنبي أو غربي يُجادل في جدوى دعمه؟ هل قرأت نقاشا دائرا بين أفراد العدو -بكل لغاته- وحتى في الساحات أو عبر القنوات، هل هناك أي نقاش يُشرِّح جدوى دعمهم لطرفهم؟ سأجيب أنا عنك: لا. هم يدعمون فقط.

سؤال آخر: هل كل من يدعمهم مشاهير؟ لا. وهُنا وجب طرح السؤال الأهم: لماذا نسأله نحن؟ لماذا يجب أن نقنع بعضنا البعض أن المقاطعة والوقوف في ظهر قضيتنا هو أمر سيُغير موازين العالم في الصباح الباكر، وسيُنهي هذه الحرب بضغطة زر.

الرد لا يعني أن تمسك سلاحا أبيضًا كان -أو لونه بما شئت- وأن تسافر لأرض المعركة وتغرسه في صدر العدو، اغرس تاريخك في وجه أكاذيبه، اغرس حقك، اغرس غضبك بإدانته ونشر فظائعه.

إنه لأمر لافت أن جميع الأخبار العاجلة في هذه العملية تُختم بـ ".. ردًا على التهجير واستهداف المدنيين" وهي خاتمة يستخدمها الملثم يُطمئن بها أبناء القطاع أنهم لم يُتركوا، أن موتهم سُمع صوته وجاءه الرد، أنهم ليسوا أرقاما على عداد نعده في ختام العمليات لنعرف من مِنا انتصر.. مواساة مستمرة على مدار اليوم.. كل تفجير، كل إطلاق نار، كل استهداف، كل تصريح هو رد على التهجير واستهداف المدنيين. ومن هُنا أدعو الجميع أن يرد أيضا على التهجير واستهداف المدنيين!

الرد لا يعني أن تمسك سلاحا أبيضًا كان -أو لونه بما شئت- وأن تسافر لأرض المعركة وتغرسه في صدر العدو، اغرس تاريخك في وجه أكاذيبه، اغرس حقك، اغرس غضبك بإدانته ونشر فظائعه؛ نحن قوة أكبر بكثير مما نعتقد ونُبقي نيراننا خامدة لأننا نظن أننا الأضعف وأننا الهوامش التي لا تُقدّم ولا تؤخر في الحدث، متناسين أساسا أننا الحدث نفسه. وأننا نشارك في رسم المستقبل على الهواء مباشرة، فلا تجعلوا الهواء المباشر وحيدا مخذولا يرسم الأكفان.

هُبوا وردوا على استهداف المدنيين.. لا تتفرجوا على نكبة ثانية، يكفي لهذا الشعب نكبة ونكسة وتهجير ونزوح ولجوء وشتات، نحن أمام ظلم كبير وخذلان أكبر وعدونا واحد وواضح فلا تجعلوا أحفادكم بعد 100 سنة يسمعون اعتذارا غربيا عمّا حدث، ولا تجعلوه سيناريو في هوليود يُخبر الأجيال أننا ضعفاء لا صوت ولا هوية ولا دين يجمعنا..

أمس، وفقط أمس، استشعرت معنى الخذلان، إذ طال انتظار رد من هم ليسوا في المعركة، وأدرت ظهري لشاشة التلفاز خوفا من أن أستمر في سماع خطابات وأن تقتصر الشاشة على بث التفجيرات في مستطيل شديد الظلمة يرافقه تحديث مستمر لعدد الشهداء بعد كل غارة.. وخوف شديد من أن أفقد أحد الزملاء أو الأصدقاء، أراسلهم بعد كل غارة وأنتظر علامة زرقاء في واتساب، وآخر وقت اتصال في ماسنجر، وتاريخ آخر منشور على صفحة فيسبوك، والكثير من رسائل الوداع المبعثرة في صندوق أخشى فتحه..

إذا كان العدو يُهدد بتحويل غزة لأرض مليئة بالخيام، فنحن نعلم أيّ ثوار صنعتها الخيام.. وأي قيام كان سببه الحصار، هذا شعب حارب يوما بالحجارة والآن يطير فوق مستوطنات بُنيت على أراضيه المحتلة

حيز الموت يتسع فلا تتركوا النضال وحيدا، أضيئوا غزة بالحق، دافعوا عن الشعب الفلسطيني ولو عن بُعد ولا تُسلِّموا الأمر للصدف والمفاجآت، كفانا دروسا وأراض محروقة وضائعة من وطننا العربي، هذا الوطن ليس للإيجار، وغزة لن تكون للإيجار، وإذا كان العدو يُهدد بتحويل غزة لأرض مليئة بالخيام، فنحن نعلم أيّ ثوار صنعتها الخيام.. وأي قيام كان سببه الحصار، هذا شعب حارب يوما بالحجارة والآن يطير فوق مستوطنات بُنيت على أراضيه المحتلة، فلا تهبطوا التحليق، ولا ترفعوا السدود في وجه الطوفان، حاصروا حصارنا.

  • كما سطّر قلم درويش يوما: 

حاصر حصارك لا مفر .. اضرب عدوك لا مفر

سقطت ذراعك فالتقطها .. وسقطتُ قُربك فالتقطني

واضرب عدوك بي .. فأنت الآن حُر

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.