شعار قسم مدونات

طوفان الأقصى.. الدرس الذي لا يُنسى!

أبو عبيدة الناطق باسم كتائب "القسام"
أبو عبيدة الناطق باسم كتائب "القسام" (مواقع التواصل الإجتماعي)

وسط ظروف جيواستراتيجية معادية تماما، وفي حدود جغرافية صغيرة وبإمكانات بدائية في مفهوم العسكرية الحديثة، وأمام عدو يتبجح بامتلاك ترسانة متطورة، نجح جنود القسام في مباغتة الصهاينة المجرمين والمستوطنين المغتصبين على إثر غفلة منهم، وألحقوا بهم عارا أبديا سيظل كالكابوس يلاحقهم جيلا فجيلا.

الذي يحقق منجزا ذا قيمة وسط ظروف معادية لا يمكن إلا أن نسميه مبدعا، ولقد أبدعت المقاومة الفلسطينية الباسلة من خلال طوفان الأقصى على المستوى الحربي والاستخباراتي والتقني والإعلامي والنفسي

لقد دونت كتائب عز الدين القسام فصلا جديدا من فصول كفاحها المقدس ومقاومتها المظفرة في سبيل الحرية واسترجاع الأرض، ونجحت في هندسة مفهوم إبداعي للمقاومة والمصاولة، قلبت من خلاله كل مفاهيم القوة والضعف والحسابات الاستراتيجية، وعبثت بعقول جنرالات الصهاينة وقادتهم الأمنيين حتى استفاقوا على واقع أشبه بالخيال!

شهد تطور المقاومة في السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا من حيث الكفاءة العسكرية والتخطيط الاستراتيجي، فرغم اشتداد الحصار والتطويق الممارسة على القطاع، إلا أن كتائب عز الدين القسام قد أوجدت بدائل إبداعية في استغلال المتاح من الموارد والمقدرات، فحولتها إلى عناصر حيوية في بناء ترسانتها العسكرية، تعضدها إرادة ذاتية أسطورية للبقاء، رغم اللأواء وشدة البلاء، الناجم عن التطويق الكيدي المحكم على قطاع غزة.

إن الذي يحقق منجزا ذا قيمة وسط ظروف معادية لا يمكن إلا أن نسميه مبدعا، ولقد أبدعت المقاومة الفلسطينية الباسلة من خلال طوفان الأقصى على المستوى الحربي والاستخباراتي والتقني والإعلامي والنفسي، ونجحت في إعماء خبر الهجوم على العدو وقطع كافة موارد المعلومة عنه، حتى أصبح غروره المتعالي متهاويا أمام أعين العالم.

إن كتائب عز الدين القسام من خلال عملية طوفان الأقصى قد لقنت العدو درسا لن ينساه، ولا تزال صدمته تفعل فعلتها في وجدان المغتصبين، وإننا لنجد رجع صداها في تصريحات الصهاينة من أبسط مغتصب إلى أعلى مسؤول

إن المقاومة وهي تفتح فصلا جديدا ومتجددا للحرب مع العدو الغاشم، تؤكد إصرارها على مواصلة الكفاح المسلح الذي دأبت عليه الحركات التحررية كافة عبر التاريخ الغابر والحاضر، وهي في الآن ذاته تبرق بمجموعة من الرسائل الهامة إلى من يهمه الأمر من مختلف الأطراف:

  • العدو المحتل: لابد أن يعلم أن المقاومة ستظل العنوان الأبرز والسبيل الأوحد لاسترداد الكرامة والحرية المسلوبة، فما دام هناك احتلال فلا مناص من دفع صائلة المعتدي، وما دام العدو مصرا على استكباره وغطرسته وإنكاره للحق الفلسطيني، فإنه سينكسر أمام صخرة المقاومة التي لن تلين أمام جبروته المتضخم.
  • المستوطنين الغاصبين: فلابد أن يدركوا أنهم لن ينعموا بأي استقرار وأمان ما دمتم طرفا أصيلا في اغتصاب أراضي الفلسطينيين، ولن تكون إسرائيل هي أرض أحلامكم المزعومة، ولن يهنأ لكم بال ما دام هناك ظلم والاحتلال.
  • فلسطينيي الداخل والخارج: فإن مفتاح الحرية لن يمنح بل لابد أن يفتك، وإن الاتحاد نحو هدف واحد وتنسيق الجهود هو عنوان القوة والتمكين، وهو السبيل المختصر للظفر وتحقيق النصر.
  • السلطة الفلسطينية: فلقد أثبتت الأيام أن المراهنة على أوهام المجتمع الدولي واللهث وراء أوسلو والاتفاقات الدولية، وإسقاط مبدأ المقاومة، لم يكن سوى سرابا كاذبا وحلما واهما ساهم في تمديد عمر الأزمة، وإن ممالأة العدو الغاصب على حساب القضية المركزية للشعب الفلسطيني هو الخسران الذي ما بعده خسران، وإن التاريخ لن يكتب في صحائفه سوى المخلصين ولو كانوا أفرادا، أما من وقفوا ضد مصالح شعوبهم فسيلفظهم في مزبلته ولن تسمع لهم ركزا أو ذكرا ولو كانوا ألوفا مؤلفة.
  • الأنظمة العربية المطبعة: فإن هذا الكيان العاجز عن حماية نفسه وشعبه لهو أعجز من أن يحمي عروشكم، ويمدكم بالعدد والمدد، وإن تطبيعكم هذا هو خنجر مسموم غرزتموه في ظهر القضية المركزية للأمة، ولن يمسح عنكم عاره سوى المكاشفة الصادقة لضمائركم وتحكيم عقولكم، وإلا فلا عزاء في صفقة المغبون.
  • الأمة العربية والإسلامية: فإن المقاومة هي البديل الأوحد لتحرير الأقصى وكامل فلسطين، وإن وقوف الأمة ودعمها للمقاومة لهو خير ظهير تعتكز عليه المقاومة، في صبرها ومسيرتها بعد الله سبحانه، وإن الأمة إذا تخلت عن فلسطين فإنها ستشغل بأزماتها البينية والداخلية، وسيجد العدو من خلالها منافذ للتفريق والتمزيق، ففلسطين هي بوصلة العز والتمكين، وهي مأرز الوحدة واجتماع كلمة الأمة، فمتى أخطأت الأمة بوصلتها؛ ضلت سبيلها.

المقاومة جعلت العدو أعجز من أن يقتحم شبرا واحدا من غزة، ولا يستطيع أسر جندي واحد من آساد القسام

إن كتائب عز الدين القسام من خلال عملية طوفان الأقصى قد لقنت العدو درسا لن ينساه، ولا تزال صدمته تفعل فعلتها في وجدان المغتصبين، وإننا لنجد رجع صداها في تصريحات الصهاينة من أبسط مغتصب إلى أعلى مسؤول، فقد أقروا بحجم الكارثة التي لا تضاهيها سوى المحرقة النازية، وسيظل الطوفان يفيض على الصهاينة الساخرين ليذيقهم سوء العذاب ويجرعهم مرارة بعض جناياتهم التي كبدوها للفلسطينيين منذ 48، التي تناساها بعض العرب اليوم، فيحاولون عبثا خلق واقع جديد بطولته "الضحايا المدنيين".

إن المقاومة في غزة هي نسخة مباركة من معارك الإسلام المظفرة، كبدر وحطين واليرموك والقادسية وعين جالوت.. كيف لا والكيان الغاصب قد استطاع في حرب 67 أن يهزم ستة جيوش عربية مجتمعة عليه من كل جانب، وردهم صاغرين بعد أن استولى على الجولان وسيناء وجرجر العديد من الأسرى إلى مخافره، وها هو اليوم ينهار في ذهول تام، بل هو أعجز من أن يقتحم شبرا واحدا من غزة، ولا يستطيع أسر جندي واحد من آساد القسام، فيندفع في غمرة طيشه وهبله إلى التلويح بصواريخه في وجوه المدنيين العزل بشكل جنوني ليشفي غليله الحارق؟

ولولا جبن بعض الأنظمة العربية خاصة المطبعة منها الذي فاق جبن اليهود، لما تجرأ هذا الكيان اللقيط، على تدنيس الأقصى وانتهاك الحرمات وقتل الفلسطينيين والفلسطينيات بدم بارد وقصف بيوتهم وقضم أراضيهم وتوسيع المغتصبات، ولكن صدق الله القائل في كتابه العزيز: (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس) (آل عمران – 112)

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.