شعار قسم مدونات

صباحات متعددة

قصف الجامعة الإسلامية في غزة
صباح الخير لتلك الدموع التي ذرفناها بالأمس على وسادتنا آملين أن نصحو على حلم جديد (مواقع التواصل الاجتماعي)

ها نحن استيقظنا لنركب قافلة الحياة التي لا نعلم إلى أي درب تسير بنا وفي أية محطة ستوقفنا، لا نعلم ما هي التذكرة الجديدة التي سنقطعها لتأخذنا إلى رحلة جديدة، لا نعلم إذا كنا سنمر من الدروب القديمة لتعيد لنا ذكرياتنا التي نشتاق إليها أم سنمر في دروب جديدة تصنع لنا ذكريات أخرى.

استيقظنا وبدأنا نردد صباح الخير، الفل، الياسمين، العنبر على من حولنا، لكننا لا نعلم ما يخبئه لنا اليوم من مغامرات جديدة، لا نعلم ما الذكريات التي سنصنعها خلال اليوم وما الإضافات التي ستكون على حياتنا ولا نعلم بمن سنلتقي أسيكون عابر طريق ولا نذكره؟ أم سيكون رفيق درب يرافقنا في الحياة؟

صباح الخير لكل الأديان والطوائف، لإمام المسجد وخوري الكنيسة، لتكبيرات المصلين وأجراس الكنيسة.

صباح الخير لكل الأوطان، لحامل السلاح الذي يدافع عن وطنه ليلا ونهارا للمقاومين الأحرار الثابتين المتسمرين على قضيتهم دون كلل أو ملل، ولمن يحمل علم وطنه ويرفرف به عاليا ويطالب بإصلاح الوطن، ولوجه حنظلة الذي لم نره.

صباح الخير لكل الشعوب التي غنت "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".

صباح الخير لرائحة قهوة جدتي التي تملأ أرجاء الحارة، ولدعوات الأم التي ترافقنا طيلة اليوم، ولصوت الأب الذي يملأ أركان المنزل بالأمان، ولأيادي الأخوة التي لا تفلت أيدينا بالسراء ولا بالضراء.

صباح الخير للصديق الذي ينتظرنا على حافة الطريق ليشاركنا الهموم والسعادة ولنشكو لبعضنا البعض عثرات الحياة.

صباح الخير لتلك الدموع التي ذرفناها بالأمس على وسادتنا قبل النوم آملين أن نصحو على حلم جديد يعيد لنا شغف الحياة الذي سلبته منا خيبات الزمان، ولدعواتنا الصادقة المعلقة بالسماء ولتلك التي ندعوها خفية بيننا وبين الحي القيوم الذي لا تخفى عليه خافية.

صباح الخير لكل امرأة تحمل داخلها مولودا جديدا ينير عتمة الحياة.

صباح الخير لصوت فيروز، وللعشاق الذين يسمعون أغنية "حبيبي صباح الخير، صباحك ورد وفل ولوز"، يا عمري صباح النور يلا اصحى غنت فيروز".

صباح الخير لأولئك الذين مروا بحياتنا دون أن يضروا ويتركوا ندوبا بالقلب ترافقه طيلة الحياة.

صباح الخير لموزع الصحف الورقية الذي يحمل بين يديه أخبار ما حولنا.

صباحات متعددة ومختلفة، كل منا لديه صباح خاص به، أصحيح أننا لا نعلم ما يدور في يومنا، ولكننا على يقين بأن كل ما يجرى أمامنا وكل ما هو مدبر من الله عز وجل خير لنا، ولأننا أيضا نحن من نصنع صباحنا، نصنعه بابتسامة خفيفة تنير على من حولنا بالراحة نصنعه بكلمة جميلة وبدعاء نردده بالقلوب وكلمة لطيفة تجبر خواطر من حولنا.

صباحات بنكهات مختلفة وكل نكهة لها مذاق خاص به لا يشبه غيره، وتذاكر متنوعة لطرق مختلفة تحمل بين طياتها قصص العابرين بالمحطات، ولنكن على علم أننا جميعا سنمر بذات المحطات لذلك دعونا نحسن العبور لأن ما نصنعه بالمحطة الأولى سنجده ينتظرنا في المحطة التالية وأن نتعلم ألا نقف كثيرا في المحطة التي تؤلمنا وألا نتنقل بشكل سريع بين المحطات لنجد أنفسنا، لأنه مهما تعددت الرحلات والمحطات فالرحلة تكمن في داخلنا كما قال شمس الدين التبريزي في قواعد العشق الأربعين "لا يوجد فرق كبير بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها رحلة في داخلك، فإذا سافرت في داخلك، فسيكون بإمكانك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه".

دعونا نغفو متأملين أن نصحو على حال شعوب أفضل ومحبة أكثر وإخلاص للوطن أكبر، متأملين أن نصحو يوما ما نردد جميعا بلاد العرب أوطاني.

أما أنت يا وطني نسيت أن أخبرك أن صباحك استثنائي فصباحك خير وحب وفل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.