شعار قسم مدونات

السرطان.. الداء الصامت

mediaObjects_20211203_12_56_16_71874134 ماذا تهاجم الفطريات الفم؟ برلين 2 كانون أول/ديسمبر (د ب أ) – قالت الرابطة الألمانية لأطباء الفم والأذن والحنجرة إن الفطريات تهاجم التجويف الفموي والبلعوم والمريء والجهاز الهضمي لدى الأشخاص، الذين يعانون من ضعف المناعة بصفة خاصة كمرضى الإيدز والسرطان ومن خضعوا لعمليات نقل أعضاء.
الأمراض السرطانية تحدث نتيجة للانقسامات العشوائية جراء بعض التغيرات الجينية (وكالة الأنباء الألمانية)

لا يخفى على أحد ما يشهده العالم بأسره في الآونة الأخيرة من تطورات علمية هائلة وأبحاث طبية متنوعة، ولا سيما في مجال الأورام، وتحديدا السرطان، غير أنه ومع الأسف تكاد لا تمضي بضعة أيام إلا ونسمع فيها عن إصابة جديدة أو لربما عن وفاة جديدة جراء هذا المرض الخطير الذي بات مثل الشبح يؤرق حياة الكثيرين، وذلك بسبب قدرته السريعة والسرية على التطور حتى يصل إلى المستوى الذي لا يمكن فيه التعامل معه كما لو تم اكتشافه من قبل.

لهذا، ينصح الأطباء بالفحوصات المبكرة للسرطان، وذلك من أجل الكشف عن هذا المرض في مراحله الأولية التي يسهل عندها التحكم فيه بالوسائل الطبية المناسبة، سواء كانت علاجية أو جراحية، مما يؤثر بشكل إيجابي على معدلات البقاء عند أولئك المرضى بإذن الله تعالى.

يُعرف السرطان من الناحية الطبية بأنه مجموعة من الأمراض المتنوعة التي تتميز الخلايا فيها عن غيرها من الخلايا الطبيعية بأن لديها القدرة على الانقسام والتكاثر بطرق عشوائية غير مبرمجة دون أي رقابة تذكر.

كما تتميز الخلايا السرطانية بقدرتها على الانتقال من مكانها الأصلي الذي نشأت فيه إلى أماكن أخرى في الجسم، وهو ما يعرف في علم الأورام بـ"الانبثاث" (Metastasis)، والذي يعد الأخطر في مثل هذه الأمراض.

ويعد السرطان من الأمراض الطبية القديمة التي عرفها الإنسان منذ سنين طويلة، ويعتقد أن أصل الكلمة جاءت من اليونانية، وذلك نسبة إلى الأوعية الدموية المتشعبة حول هذه الأورام السرطانية التي تتشابه في شكلها إلى حد ما مع "السلطعون" أحد الكائنات البحرية الذي ينتمي إلى عائلة القشريات ومفصليات الأرجل.

 

يعرف السرطان من الناحية الطبية بأنه مجموعة من الأمراض المتنوعة التي تتميز الخلايا فيها عن غيرها من الخلايا الطبيعية بأن لديها القدرة على الانقسام والتكاثر بطرق عشوائية

كما أشرنا آنفا فإن هذه الأمراض السرطانية تحدث نتيجة للانقسامات العشوائية جراء بعض التغيرات "الجينية" (Mutations) داخل تلك الخلايا السرطانية، وتحديدا داخل "الحمض النووي" المعروف بـ"دي إن إيه" (DNA)، ولا تزال الأسباب العلمية وراء هذه التغيرات غير واضحة بشكل دقيق حتى الآن، إلا أن هناك عدة عوامل بيئية من شأنها أن تتسبب في حدوث مثل هذه التغيرات الجينية التي تعرف علميا بـ"العوامل المسرطنة" (Carcinogenic Factor)، مثل التدخين المباشر الذي يعد أحد أهم العوامل المسرطنة على مستوى العالم، وكذلك التعرض للتدخين أو ما يعرف بالتدخين السلبي، والتعرض للإشعاعات ولبعض المواد الكيميائية، والإصابة بأنواع محددة من الفيروسات أو البكتيريا، كما تتسبب بعض العوامل الوراثية في حدوث نسبة صغيرة من هذه التغيرات الجينية.

ينصح الأطباء بالفحوصات المبكرة للسرطان، وذلك من أجل الكشف عن هذا المرض في مراحله الأولية

الفحوصات المبكرة للأمراض السرطانية

كما ذكرنا سابقا فإن من شأن هذه الفحوصات أن تقوم بالكشف عن هذا المرض في مراحله الأولية حتى يسهل التحكم فيه بالوسائل العلاجية المناسبة، وسأتكلم عن بعض أنواع السرطانات الأكثر انتشارا على مستوى العالم، كسرطان الرئة والثدي والبروستاتا والقولون وسرطان عنق الرحم، مع الإشارة هنا إلى أن هذه الفحوصات قد تتغير بعض الشيء من حين إلى آخر ومن مؤسسة طبية إلى أخرى.

  • سرطان الرئة: توصي الجمعية الأميركية للسرطان "إيه سي إس" (ACS) بالعمل بتوصيات فرقة الخدمات الوقائية الأميركية "يو إس بي إس تي إف" (USPSTF)، وذلك بإجراء المسح الروتيني السنوي بشكل منتظم عن طريق التصوير المقطعي المحوسب للرئة بجرعة منخفضة "إل دي سي تي" (LDCT)، وذلك للمدخنين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ50 والـ80 عاما، والذين يدخنون بما معدله علبة سجائر (20 سيجارة) في اليوم الواحد وذلك لمدة 20 سنة، أو علبتين من السجائر في اليوم لمدة 10 سنوات، بمن في ذلك الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين خلال الـ15 عاما الماضية.
  • سرطان الثدي: توصي الجمعية الأميركية للسرطان بما يلي:
  1. يتوجب على النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين الـ45 والـ54 عاما عمل "التصوير الشعاعي للثدي" (Mammography) بجرعة خفيفة وبشكل منتظم، وذلك مرة واحدة في العام.
  2. بإمكان النساء في عمر الـ55 عاما وما فوق إجراء هذه الصورة مرة كل عامين فقط، كما أن لديهن الخيار أيضا في إجرائها مرة في العام.
  3. لدى النساء اللاتي يتراوح معدل أعمارهن بين الـ40 والـ44 الخيار في البدء بهذه الصورة بشكل سنوي.
  4. يتوجب على النساء اللاتي لديهن عوامل خطورة كبيرة للإصابة بسرطان الثدي إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي "إم آر آي" (MRI) للثدي، بالإضافة إلى الصورة الشعاعية، وذلك مرة واحدة كل عام بدءا من عمر الـ30.
  • سرطان البروستاتا: توصي فرقة الخدمات الوقائية الأميركية الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ55 والـ69 عاما بإجراء فحص "مستضد البروستانا النوعي" "بي إس إيه" (PSA)، مع مراعاة مناقشة كل حالة على انفراد، وذلك لمعرفة الآثار المترتبة على هذا الإجراء.
  • سرطان القولون والمستقيم: توصي الكلية الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي "إيه سي جي" (ACG) بإجراء فحص الدم الخفي في البراز "إف آي تي" (FIT) مرة واحدة في العام، بالإضافة إلى "تنظير القولون" (Colonoscopy) كل 10 سنوات، وذلك بدءا من عمر الـ45 حتى الـ75 عاما.
  • سرطان عنق الرحم: توصي الجمعية الأميركية للسرطان النساء بدءا من عمر الـ21 حتى الـ29 عاما بإجراء مسحة "لعنق الرحم" (Pap Smear) وذلك كل 3 سنوات، فيما يجب على النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين الـ30 والـ65 عاما إجراء مسحة لعنق الرحم، بالإضافة إلى اختبار فيروس الورم الحليمي البشري "إتش بي في" (HPV)، وذلك كل 5 سنوات، وهذا هو الخيار الأفضل، كما أن بإمكانهن إجراء مسحة لعنق الرحم فقط، وذلك كل 3 سنوات.

بالنسبة للنساء فإن الرضاعة الطبيعية تعتبر أحد العوامل الإيجابية التي تقلل فرصة الإصابة بسرطان الثدي والمبيض

ختاما، أقول إن درهم وقاية خير من قنطار علاج، لذلك سأتكلم عن بعض النصائح الطبية للوقاية بإذن الله تعالى من هذه الأمراض السرطانية:

  • سؤال الله تعالى العافية، فإن هذا من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كثيرا ما كان يسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة.
  • البعد عن كل العوامل المسرطنة التي قد تتسبب في حدوث مثل هذه الأمراض، ولا سيما التدخين بأنواعه، والتقيد بالنظام الغذائي الصحي.
  • الحفاظ على الوزن المثالي، بحيث يكون مؤشر كتلة الجسم "بي إم آي" (BMI) ضمن الحدود الطبيعية.
  • ممارسة الرياضة بشكل دوري ومنتظم.
  • بالنسبة للنساء، فإن الرضاعة الطبيعية تعتبر أحد العوامل الإيجابية التي تقلل فرصة الإصابة بسرطان الثدي والمبيض بإذن الله تعالى.
  • التشاور مع الطبيب في ما يخص اللقاحات التي من شأنها أن تقي من بعض أنواع السرطانات بإذن الله تعالى، وكذلك أخذ المشورة الطبية حول الفحوصات المبكرة لهذه الأمراض السرطانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.