شعار قسم مدونات

قواعد في التعامل مع المهام والمشروعات

داعية إسلامي: لهذه الأسباب لا تبدأ تحفيظ أطفالك القرآن بجزء عمّ
لا تنفد معاني القرآن أمام النظر والتأمل (شترستوك)

يبقى القرآن الكريم، فضاء التلاوة المقدسة، فتعيش الأرواح والأذهان، في أجواء آياته البينات، ويمكّن من مشاهدات الحقائق العظمى بما تعرضه سوره الكريمة.

وبما أنه لا تنفد معاني القرآن أمام النظر والتأمل، فإنه من الرائع للذهن والروح أن يصاحبا خمائل القرآن ويقتبسا من أنواره الفياضة، ومعانيه المتلألئة، ولقد كان لي أن أخذتُني في قراءة تأمُّل في سورة طه فمضيتُ ذهنيا أفكر في الخطة الثلاثية الخاصة بتنفيذ المهام الكبرى وفق ما يبرزه لنا دعاء سيدنا موسى (رب اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني) فالشرح للصدر تَجلى لي في تمام وكمال الهمة اللازمة والتوجه المقصود، المعبر عن وضوح الهدف بجلاء، "ويسر لي أمري" تتصل بوضع ورسم خطة للتنفيذ، "واحلل عقدة من لساني .." تبيّن أهمية الوسيلة الناجحة، وبهذا كانت الهمة والخطة والوسيلة المتطلبات الثلاثة التي تلخص آلية التعامل مع المهام والمشروعات وبقدر الاهتمام بكل منها تتهيأ القابلية للنجاح، وتمّ ذلك لموسى (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى).

ورأيت في ثنايا السورة الكريمة، ما يتعلق بالتيامن ومطابقة الدلالات المختارة، لما تؤول إليه الحال وعاقبة الأمر ف"يومُ الزينة" معنى لفظي ووفّق الله موسى لاختياره فكان يومَ الزينة لموسى ومَن معه، وجاء ذلك في مشهد قرآني تعبّر طبيعة كلماته عن إشراق نفس موسى وإقبال الخير إليه (يوم الزينة ـ وأن يحشر الناس ضحى)، وعن إدبار عهد فرعون وتقهقر نفسيته من خلال ما ترمز إليه مفردة التوَلّي (فتولّى فرعون).

ورأيتُ القيادة شعورا يوجّه نفس القائد ويبوئه هذه المرتبة فلا يقبل أن يكون في موضع المأمور "قَالَ بَلْ أَلْقُوا" وذلك حينما قال قوم فرعون لموسى (إما أن تلقي إما أن نكون أول من ألقى) وبذلك حقق جزءا أوليا من النصر وكانوا واقعين تحت سلطته من البداية، وهو الأسلوب الذي كرره معهم بعد ما طبقه مع فرعون سابقا؛ فلما كان من مراد فرعون تحديد موعد للنزال "فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت.." مباشرة أخذ موسى الزمام "قال موعدكم  يوم الزينة"، ولا يخفى في قراءة نفسيات ذوي النصر والهزيمة أن مظهرا من مظاهر ومؤشرات اندحار قوة فرعون ورهطه هو ما جاء في قوله "لا نخلفه نحن ولا أنت" فقد قدّمهم في ما يتعلق بالتخلف لكونهم الطرف الضعيف في المعادلة والمهيأ للإخلاف والسقوط، بعدما  سلّم الزمام لموسى "فاجعل بيننا وبينك موعدا" كما أنه بشكل عام يكفي في الدلالة على قدرات أي خصم أن يكون قصارى حلمه الوصول إلى درجة منافسه – بغض النظر عن مستوى الإبهار الحقيقي عند المنافس، فالمهم هنا الحالة النفسية  – وحلم فرعون ساعتها كان "فلنأتيك بسحر مثله"، وبهذا كانت مؤشرات النصر والهزيمة مما قد يلوح في طبيعة النفسيات بادئ ذي بدء كما في هذه المشاهد.

وفي إطار الشمول العام في القرآن الكريم، والاستبصار بقواعده في شتى المجالات، أفهمُ جانبا مما في معاني الحروف المقطعة في فواتح السور كما في هذه السورة "طه" ويتلخص في موقع بدايات النص وكيف أنه في الإعلام اليوم من المهم في المواد المسجلة عدم بدء قراءتنا المحتوى من أول ثانية وإنما هناك مساحة يتم توفيرها في الاستهلال حتى تكون المادة على مرأى ومتابعة من ذوي التلقي ثم يبدأ ما تتضمنه المادة، وكأن هذه السور أمام موضوعاتها الافتتاحية التي تتحدث عن القرآن الكريم والكتاب المُبين، تبدأ بهذه الفواتح بما يدعم الهدف الإعلامي في مسألة حضور المتلقي، ومن هنا تتكرس المرجعية الأولى لهذه الخاصية الإعلامية من خلال القرآن الكريم، لإمكانية تعزيز سور الحروف المقطعة لهذه الميزة المستخدمة في الأعمال المسجلة والمصورة، بينما يتطلب العمل المعد للقراءة ميزاته الخاصة به أيضا وفي سور القرآن المختلفة ما يرفد الجوانب الفنية لكل ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.