شعار قسم مدونات

كأس العالم قطر 2022.. تاريخ المنتخبات المشاركة وواقعها

شعار كأس العالم قطر 2022
شعار كأس العالم قطر 2022 (الجزيرة)

سلسلة مقالات تحليلية لجميع المنتخبات المشاركة في البطولة (المقال الأول: بطلا آسيا وأفريقيا في تحد بعد أول بطولة قارية لهما.. العنابي يواجه أسود التيرانجا).

سيتواجه الفريقان للمرة الأولى تاريخيا في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الأولى يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني بملعب الثمامة في وسط الدوحة، قبل أن تواجه قطر هولندا في ختام مباريات المجموعة مع مواجهة السنغال للإكوادور، أما افتتاحية المجموعة فستجمع قطر بالإكوادور والسنغال بهولندا.

قطر في أرضها والمشاركة التاريخية.. تحديات ورغبة وطول انتظار

تنتظر الجماهير القطرية منذ شهر ديسمبر/كانون الأول 2010 وقت اختيار قطر لتنظيم مونديال 2022، ومنذ ذلك التاريخ والجماهير تنتظر المشاركة الأولى للمنتخب الملقب بالعنابي في كأس العالم ومقارعة المنتخبات الكبرى والتغلب على تحديات عديدة قد تواجهه. ولكن مع دعم الجمهور المتحفز والمتحمس ودعم المسؤولين عن الرياضة، ننتظر مستوى كبيرا ومميزا للمنتخب القطري ونتطلع إلى تغلبه على رهبة المشاركة الأولى وقلة خبرة لاعبيه في المنافسات العالمية.

تاريخ قطر في كرة القدم

شهدت كرة القدم في قطر طفرة كبيرة في المدة الأخيرة لتسطر التاريخ على المستوى الآسيوي والدولي، إذ حققت قطر لقب كأس آسيا عام 2019 في الإمارات العربية المتحدة بالفوز على المنتخب الياباني في المباراة النهائية كما تأهلت إلى الدور قبل النهائي لبطولة كأس أمم أميركا الشمالية (الكأس الذهبية) في مشاركة تاريخية سبقتها أيضا مشاركات في كوبا أميركا وتصفيات أوروبا لكأس العالم، فضلا عن تحقيق برونزية كأس العرب التي احتضنتها الدوحة في عام 2021، وعلى مستوى الأندية يعدّ السد أبرز أندية قطر والأكثر تتويجا بالبطولة المحلية والوحيد الفائز بدوري أبطال آسيا وبرونزية كأس العالم للأندية 2011.

بقيادة إسبانية ولاعبين محليين يرغب العنابي في كتابة التاريخ

منذ أكثر من 8 سنوات تعاقد الاتحاد القطري لكرة القدم مع المدرب الإسباني فليكس سانشيز لقيادة منتخب الشباب للعنابي الذي أعدّ خطة طويلة الأمد لتكوين جيل شبابي قادر على التنافس والفوز بالألقاب وحقق المراد بتتويجه بكأس آسيا للشباب؛ ومنه تم تصعيده مع لاعبيه لتكوين المنتخب الأولمبي القطري، ثم إلى المنتخب الأول والفوز بأول ألقاب قطر في كأس آسيا بتشكيلة لاعبين ينشطون في دوري نجوم قطر بين أندية السد والدحيل والغرافة والريان والعربي؛ ولذلك سيواجه أكبر تحدّ في كأس العالم يتمثل في فارق الخبرات الدولية والتنافسية وفارق الأداء السريع والأفكار التكتيكية، وهو ما يفتقدونه باللعب بالبطولة المحلية والقارية بعكس منتخبات المجموعة التي ينشط أغلب لاعبيها في الأندية الأوروبية الكبيرة، ولكن سنرى هل سيخلق الانسجام بين اللاعبين والمدرب مع رغبة وحماسة الجماهير القطرية حافزا لتقليل الفجوة الفنية مع المنتخبات الأخرى؟

كيف سيواجه العنابي منافسيه؟

بأسلوب الدفاع المنظم، والتحولات الهجومية، والحذر من الضربات الثابتة، واللعب خلف المدافعين، والكرات الطويلة العرضية والقطرية.

في الغالب تشكيلة منتخب قطر تتكون من 3-5-2 بوجود سعد الشيب في حراسة المرمى، والثلاثي الدفاعي عبد الكريم حسن (يسار) وبسام الرواي (يمين) وفي قلب الدفاع بوعلام خوخي، وفي وسط الملعب وينج باك يساري همام الأمين ووينج باك يميني بيدرة ميجيل، وثلاثي قلب الملعب حسن الهيدوس وكريم بوضياف وعبد العزيز حاتم، والثنائي الهجومي أكرم عفيف والمعز علي.

يلجأ دائما سانشيز إلى أسلوب اللعب خلف الكرة، وترك الاستحواذ بخاصة أمام الفرق الكبيرة، واللعب بدفاع متوسط إلى دفاع منخفض مع انتقال أحد ثنائي الهجوم إلى طرف المعلب من ناحية الضغط وانتظار الآخر ليكون محطة التحول الهجومي الذي يمتاز به منتخب قطر، فالتحولات الهجومية تنطلق عبر حسن الهيدوس مع استغلال سرعات عفيف والمعز، وهنا يعتمد على الهجوم من العمق أكثر منه من الأطراف لتتحول طريقة اللعب إلى 2-4-2-2 إذ ينضم عبد الكريم حسن إلى وسط الملعب ويتحول الهيدوس وحاتم إلى ثنائي وسط هجومي.

يمتاز العنابي بالتحولات الهجومية السريعة، وبالضربات الثابتة الهجومية، وبتحركات وتبادل المراكز بين عفيف والهيدوس وحاتم في التحرك بين الخطوط مع استغلال أنصاف المساحات، ولكن يعيبه الضربات الثابتة دفاعيا والمساحات الفارغة خلف الخطوط والارتداد الدفاعي؛ فمن الواضح جدا سوء التمركز وسوء اختيار توقيت الارتقاء في الكرات العالية للمدافعين القطريين سواء في الكرات الثابتة أو المتحركة والملعوبة بشكل طولي أو قطري، وأيضا وجود مساحات خلف المدافعين يستطيع أجنحة المنافسين استغلالها بخاصة إذا كانوا يمتازون بالسرعة.

السنغال.. جيل ذهبي بأحلام جيل 2002

لقبه أسود التيرانجا، بطل أفريقيا للمرة الأولى في تاريخه والمنتخب الأفضل في تصنيف الفيفا للمنتخبات الأفريقية؛ إنه منتخب السنغال التي توّجت في يناير/كانون الثاني-فبراير/شباط الماضيين بطلة للقارة السمراء بعد الفوز على منتخب مصر بركلات الترجيح في المباراة النهائية التي انتهت في وقتها الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.

تاريخ السنغال في كرة القدم الأفريقية والعالمية

صحيح أن السنغال تُوّجت مرة واحدة فقط بكأس الأمم الأفريقية، لكنها استطاعت الوصول إلى المباراة النهائية في مرتين سابقتين: في 2002 وخسرت أمام الكاميرون، وفي 2019 وخسرت أمام الجزائر، كما أن للسنغال مشاركتين في كأس العالم، كانت إحداهما مميزة في 2002 في كوريا الجنوبية واليابان واستطاعت الوصول لدوري الثمانية وفيها حققت الفوز على منتخب فرنسا حاملة اللقب بهدف نظيف، والمشاركة الثانية كانت قوية ولكنها خرجت من دور المجموعات بعد التساوي في النقاط والأهداف وفارق التهديف مع اليابان التي تأهلت عن السنغال بفضل اللعب النظيف (البطاقات الصفراء الأقل).

كيف وصلت السنغال إلى قطر؟

مثلها مثل جميع المنتخبات الأفريقية المتأهلة للمونديال العالمي، فقد قسمت منتخبات القارة الـ40 المتأهلة من الدور التمهيدي إلى 10 مجموعات في كل مجموعة 4 فرق تتواجه ذهابا وإيابا، ليتأهل متصدر المجموعات فقط للمرحلة النهائية. وحسب تصنيف الفيفا لها، أجريت قرعة لتحديد 5 مواجهات تجمع بينها (كل منتخب من الخمسة الأفضل في التصنيف يواجه حسب القرعة منتخبا من المنتخبات الأقل تصنيفا).

فقد خاضت السنغال مباريات المجموعة الثامنة التي ضمّت توجو وناميبيا وجمهورية الكونغو، وتصدرت المجموعة بـ5 انتصارات وتعادل؛ لتتأهل في التصنيف الأفريقي الأول، لتواجه مصر في مباراتين ذهابا وإيابا، انتهت مباراة القاهرة بانتصار الفراعنة 1-0 ولكن عاد منتخب أسود التيرانجا لتحقيق انتصار بهدف نظيف في دكار لتتجه المباراة لضربات الترجيح مرة أخرى بعد المصير نفسه مع المنتخب نفسه في نهائي كأس الأمم الأفريقية، وانتصرت أيضا السنغال لتتأهل إلى مونديال قطر.

مجموعة السنغال في المونديال وجيل ذهبي جديد

وقعت السنغال في المجموعة الأولى مع هولندا والإكوادور وقطر البلد المنظم للمونديال، ويقود أسود التيرانجا في القيادة الفنية المدرب الوطني أليو سيسيه الذي يتأهل معه إلى المونديال للمرة الثانية على التوالي بعد 2018 مع مشاركته لاعبا في مونديال 2002. وتضم قائمة منتخب السنغال حاليا كوكبة من اللاعبين المميزين عالميا وينشطون في أكبر أندية العالم؛ في حراسة المرمى إدوارد مندي لاعب تشلسي الإنجليزي، وفي الدفاع كاليودو كوليبالي مدافع نابولي الإيطالي، وإبدو ديالو مدافع باريس سان جيرمان، وبوناسار لاعب بايرن ميونخ، وساليو سيس لاعب نانسي الفرنسي، وفي منتصف الميدان نابلس ميندي لاعب ليستر سيتي، وإدريس جان جايي لاعب باريس سان جيرمان، وشيخ كوياتي لاعب كريستال بالاس الإنجليزي، وفي الهجوم إسمعيلا سار لاعب واتفورد الإنجليزي، وبالو ديا مهاجم فياريال، وأبرز لاعب في المنتخب وأفضل لاعب أفريقي ساديو ماني لاعب ليفربول والمنتقل إلى بايرن ميونخ.

أفكار وخطط أليو سيسيه لمواجهة منافسيه

على الرغم من تحقيق الإنجاز بالتأهل للمونديال للمرة الثانية على التوالي وعلى الرغم من الوصول إلى نهائي أفريقيا مرتين متتاليتين تحقق اللقب في أحدهما، فإن كثيرين يرون أن المدرب الوطني لمنتخب السنغال أليو سيسيه لا يملك أفكارا كثيرة تناسب حجم وقيمة لاعبين بهذا المستوى وقيادتهم لأبعد مدى في المونديال القادم؛ وظهر ذلك جليا في التأهل الصعب بضربات الترجيح والمباريات غير المقنعة لكثيرين في بطولة أفريقيا رغم تحقيقهم للقب. ومع ذلك، يبقى منتخبا قويا جدا ويمتلك شخصية لحسم المواجهات لفرق تتساوى معه أو أقل، ويرى المنتقدين أن أسود التيرانجا قادر بعناصره الحاليين على الوصول بعيدا في المونديال، حيث يعتمد أليو سيسيه على شكل خططي في الملعب ما بين 4-3-3 أو 4-4-2، وذلك حسب احتياجه للانتصار أو طبيعة المنافس.

ففي مباراة التأهل وفي ظل حاجته لتسجيل أهداف والانتصار، لجأ إلى تشكيل 4-4-2 لزيادة الكثافة الهجومية ومحاصرة منتخب مصر من الطرفين وتوسيع الملعب لفك تكتل المنتخب المصري، وكذلك نمط الهجوم المنظم للفريق يعتمد على التسلسل والتدرج بالكرة عبر ثنائي منتصف الملعب، وهم يجيدون تنقيل الكرة على الأرض. ولكن عند الضغط عليهم، يلجأ المدافعون إلى الكرات القطرية الطويلة على الطرفين عند ماني أو إسمعيلا سار أو الظهيرين المتقدمين.

وهنا نلحظ أن النمط الهجومي للفريق يعتمد على البناء من الخلف والتدرج بالكرة عبر ثنائي وسط الملعب، ولكن لديهم طرق أخرى في حال التكتل أو غلق الملعب؛ وذلك باستخدام كوليبالي في إرسال الكرات الطويلة على الأطراف أو التفوق العددي على الأجنحة بأسلوب اللعب التموضعي مع تحركات ماني للعب بين الخطوط والمساحات الفارغة.

وفي حالة فقدان الكرة، يلجأ الفريق إلى الضغط العالي أو العكسي لاستخلاصها مرة أخرى، وفي حال الفشل يرتد اللاعبون إلى الدفاع المنخفض أمام منطقة الـ18 law press.

وكعادة جميع منتخبات أفريقيا في اللجوء إلى التصويب والتسديد من خارج منطقة الجزاء ولعب عرضيات كثيرة جدا لاستغلال أطوالهم، فعلى الرغم من البنية الجسدية والأطوال الفارعة فإن أبرز نقاط الضعف لديهم هي الضربات الثابتة سواء الركنيات أو "الفاولات" على حدود المنطقة حيث تمركزاتهم السيئة وتوقيت الارتقاء للكرات العالية يكون خاطئا بخاصة الملعوبة بـswerve in، ومن أبرز نقاط الضعف لديهم تمركز الدفاع للظهيرين والمساحة بينهما وبين ثنائي الدفاع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.