شعار قسم مدونات

الشراكة المجتمعية وتعزيز الانتماء

4- تحاول بعض منظمات المجتمع المدني احتواء شريحة الأيتام وسط قلة الدور الحكومية التي تحتويهم - مواقع التواصل
بعض منظمات المجتمع المدني تعمل على احتواء شريحة الأيتام وسط قلة الدور الحكومية (مواقع التواصل الاجتماعي)

تعتبر التشاركية المجتمعية أساس أي جهد تنموي يهدف إلى النهوض بالمجتمع والارتقاء بالعمل وتحسين نوعية الحياة، فالتشاركية المجتمعية هي صورة من صور المشاركة المتكاملة بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع على حد سواء، حيث إنها تشاركية في الموارد والسلطة والأهداف والمعلومات من أجل تحقيق منفعة عامة للمجتمع ككل.

أي أن التشاركية المجتمعية من أهم عوامل نجاح السياسات التنموية في أية دولة، جنبا إلى جنب مع عوامل أخرى مثل التخطيط السليم، نظرا لما يترتب عليها من مصلحة متبادلة بين المجتمع والمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني على حد سواء، بالإضافة إلى تعزيز ثقة المواطنين بأجهزة الدولة ومؤسساتها، وهذا الأمر يؤدي كذلك إلى تقبل المجتمع لكافة السياسات التنموية على اعتبارهم قد أصبحوا شركاء فعليين فيها منذ مرحلة التخطيط ووصولا إلى مرحلة التنفيذ والرقابة، عملا بمبدأ الديمقراطية المجتمعية التي تكفل لكافة أفراد المجتمع المشاركة في التنمية، من دون إقصاء أو استثناء لأية فئة من فئات المجتمع المختلفة، حيث تعزز التشاركية من توثيق العلاقة واستمرارها بين الهيئات المحلية ومختلف شرائح المجتمع، كما تسهم في ربط البرامج والخدمات بالقضايا المحلية واليومية لأفراد المجتمع.

ومن واقع التجربة القطرية في تنفيذ التشاركية المجتمعية سعيا إلى التحسين المستمر في السياسات التنموية في الدولة، وتماشيا مع متطلبات العصر الحديث فيما يتعلق بالتوجه نحو سياسات تنموية أكثر فاعلية ونجاحا واستدامة، فإننا نجد تقدما ملحوظا في تفعيل الشراكة المجتمعية في الخطط التنموية والتحديثية التي تقوم بها الدولة.

ولعل أهمية زيادة الوعي المجتمعي العام فيما يتعلق بعمل مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل أطر التشاركية المجتمعية قد يسهم في تعزيز كفاءة سياسات التنمية، الأمر الذي يقود بالمحصلة النهائية إلى تعزيز الدور المجتمعي للفئات المختلفة من الشعب فيما يتعلق بالسياسات التنموية وما يرتبط بها وينتج عنها من مشاريع تنموية يتم تنفيذها على أرض الواقع، وانخفاض الوعي المجتمعي يؤدي بطبيعة الحال إلى حدوث حالة من النقد لبعض السياسات التنموية والمشاريع المرتبطة بها بعد التنفيذ، وهو ما يعكس ضرورة تفعيل مستويات التشاركية المجتمعية قبل وأثناء وبعد رسم السياسات التنموية بين أجهزة الدولة المعنية من جهة، والفئات المختلفة من الشعب من جهة أخرى.

كذلك فإن أثر منظمات المجتمع المدني على سياسات التنمية التي تقوم بها الحكومة يبدو جليا، حيث تسهم مؤسسات المجتمع المدني من خلال اختصاصاتها في مجالات مختلفة في تعزيز التنوع الثقافي والتطوير.

كما تسهم مؤسسات المجتمع المدني في تقليص الفجوة بين المجتمع والحكومة في إيصال مشكلاتهم ومطالبهم، حيث تكون مؤسسات المجتمع المدني حلقة الوصل المحايدة بين الدولة وأفراد المجتمع، وقلة فاعلية مؤسسات المجتمع المدني أو ضعفها في المجتمع يسهم في تكبير الفجوة بين المجتمع كمشارك في عملية السياسات العامة والحكومة، وهو ما يضعف التغيير والتطوير بسبب تمركز القرار في يد فئة واحدة لديها نفس الفكر، وهذا بدوره يؤدي إلى الاستمرارية في مقابل الإبداع والابتكار.

فالتشاركية المجتمعية هي مشاركة ومساهمة قطاع عريض من السكان، وخصوصا الجماعات الأقل حظا والفئات المهمشة وذوي الاحتياجات الخاصة، في تخطيط واختيار وإعداد وتنفيذ ومتابعة سياسات التنمية التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف التنمية الكلية، وخصوصا ما يتعلق منها بتحسين مستويات المعيشة والخدمات وغيرها، على أن يكون اشتراك السكان اشتراكا فعليا، يؤدي إلى ما يعرف بالتنمية الصاعدة من القاعدة باتجاه القمة، والتي تركز على تخفيف الدور التنموي القيادي للحكومة مقابل زيادة دور المجتمع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.