شعار قسم مدونات

تطبيقات الهاتف.. شيطان ذكي أم حلول سحرية؟

تطبيقات للهاتف الجوال مخصصة لمساعدة السواح في البلاد الغريبة - تصوير وليد السنوسي
صارت تطبيقات الهواتف الذكية جزءا أساسيا من حياة الجيل الجديد (الجزيرة)

في هذا العصر وفي هذه الأيام، نعيش تغيرات متسارعة لا نكاد نسمع عن جديد حتى يحل الأحدث منه بسرعة البرق مع فارق كبير جدًا في الإمكانيات وفي التكنولوجيا.

اقترح بيل غيتس تسمية مواليد ما بعد 1994 بـ"الجيل الأول للإنترنت"، وفي أيامنا هذه يمكن أن نطلق على اليافعين "جيل الشاشات" أو "جيل التطبيقات". إذ تشكل التطبيقات طريقة وأسلوب حياة وروتينا يوميا للجيل الجديد، فكل ما يحتاج إليه من خدمات ودراسة وترفيه يحصل عليه بلمسة من يده.

بحر التطبيقات

أصبحت تطبيقات الهواتف الذكية جزءًا أساسيًا من أساليب حياة الجيل الجديد من اليافعين، الذين نشؤوا وترعرعوا وشاشات اللمس منتشرة في كل مكان حولهم.

ومن الصعب أن يمر يوم من الأيام دون استخدام تطبيق ما، فالتسوق وطلب الوجبات وحجز التذاكر وسيارات الأجرة والخدمات المصرفية وكذلك تطبيقات التواصل الاجتماعي والدردشة والاتصالات العابرة للدول، فضلا عن تطبيقات الصور والفيديو، كلها أصبحت أسلوب حياة يوميا.

وفي ظل انفجار سوق الهواتف الذكية التي تجاوز عدد مستخدميها 3 مليارات، وفق إحصائية لموقع "ستاتيستا" (Statista)، أصبح هناك تطبيق لكل شيء في حياتنا، ومتجرا آبل وأندرويد يمتلكان ما يقرب من 5 ملايين تطبيق، وفق موقع "بيلدفاير" (buildfire) المتخصص في تقنية التطبيقات.

علاوة على ذلك، يتم طرح تطبيقات جديدة يوميًا تغيّر معها وجه العالم بشكل متسارع، وكل ما يحتاج إليه أبناء هذا الجيل للحصول على أي شيء لمسة لشاشة الهاتف.

وبلغة الأرقام فإن العالم يغرق في بحر من التطبيقات، فهناك:

التطبيقات في حياة الجيل الجديد

وفي لقاءات سريعة مع عدد من شباب الجيل الجديد، وبينما أجمع معظمهم على أنه لا يمكن الاستغناء عنها، رأى البعض الآخر أنه يمكن التخلي عنها.

إذ ترى مجد عبد الله، فلسطينية، أنه "مع تطور التطبيقات وانتشارها في كل مكان وسهولة الوصول لها تغيّرت نظرتنا للحياة"، وتضيف "أصبحنا مقتنعين بأن التطبيقات تحل جميع مشاكلنا"، على حد قولها.

"الشيطان الذكي"

بدورها، تعتبر سكينة أجعوض، مغربية، أن "التطبيقات سهلت علينا العديد من الأشياء في حياتنا اليومية وعقدتها في الوقت نفسه". وتردف "التطبيقات الهاتفية يتم تصويرها على أنها الشيطان أو الوسيلة التي أصبحت دخيلة على حياتنا واستعمرت وقتنا وتفكيرنا".

وعن تجربتها الشخصية في التعامل مع التطبيقات، تقول "بالنسبة لي وعن تجربة شخصية أعتقد أن على الفرد أن يتعلم كيف يتعامل ويستخدم هذه التطبيقات".

لكنها تحذر من مغبة الاستخدام المفرط للهاتف بالقول "كنت في فترة معينة قد أدمنت التطبيقات وأدمنت هاتفي وأحسست أنني ابتعدت كثيرا عن أسرتي وعن أصدقائي، وأصبح التواصل فيما بيننا عن طريق هذه التطبيقات حتى ولو كنا في المكان نفسه.. ولكن في لحظة قررت مع نفسي أن تصبح هذه التطبيقات في خدمتي وأتحكم فيها وألا تتحكم هي في حياتي".

تنوع

أما هديل عطايا، من لبنان، فتتحدث عن زاوية أخرى وتقول "في هاتفي أكثر من 40 تطبيقا متنوعا بين المونتاج والسوشيال ميديا والتطبيقات الخدمية". وأردفت: حاولت في فترة من الفترات أعمل "سوشيال ميديا دي توكس" لأنني شعرت بأنها بدأت تسيطر على يومي، وقمت بالتخطيط لاستغلال وقتي بشكل صحيح وأعيد ترتيب أولوياتي بعيدًا عنها، وقد استفدت كثيرًا من هذه التجربة، وأعتقد أننا جميعًا بحاجة إلى هذه الوقفة حتى لا تتحكم فينا التطبيقات.

وتضيف "لا أستطيع أن أنكر أن التطبيقات مفيدة، فأنا بصفتي طالبة إعلام أقوم بأعمال المونتاج على اللاب توب (الحاسوب المحمول) ولكن عندما حاولت استخدام تطبيق على الهاتف المحمول شعرت بعدها أنه أسهل وعملي أكثر".

وعن "أطرف المواقف" بشأن مدى دقة بعض التطبيقات، توضح هديل "لي أيضًا تجربة طريفة مع غوغل ماب (Google Map) الذي يسهل الوصول للطرق والأماكن وكانت هناك إنشاءات جديدة ولم يكن التطبيق مُحدثُا وكدت أتيه في الشوارع حتى إني بكيت واتصلت بأمي لكي تأتي وتُعيدني إلى المنزل".

رغبة مستحيلة

ورغم العدد الكبير للتطبيقات على هاتفها، فإنها تفضل ما وصفته بـ"البساطة"، وتقول "لا أفضل التطبيقات وأفضل البساطة والعالم الحقيقي وكم أتمنى أن يرجع الزمان مثلما كان سابقًا وأن يصبح التواصل مباشرًا وتوصيل الرسائل باليد لأني أشعر أن لها قيمة ومعنى أكثر.. الحياة سابقًا كانت أبسط بكثير من الآن وأتمنى أن تعود هذه الحياة لكن هذا شبه مستحيل".

حواجز وصراعات

من جهتها، تشير بسمة زكي، مصرية، إلى أن "التطبيقات وضعت حاجزًا بيننا وبين الأشخاص الحقيقيين الموجودين في حياتنا، كما أنها خلقت صراعًا بين الأجيال، فالأجيال الصغيرة تستخدم التطبيقات بمهارة، والكبار لا يعرفون كيفية استخدامها بشكل جيد". وتستدرك "لكن من دون التطبيقات الحياة لن تكون سهلة لأن الجيل الجديد تعوّد عليها.. وفي الوقت نفسه نعاني من الفجوة بين الأجيال في التعامل مع التطبيقات، وأصبحت مشاكلها أكثر مما تقدمه من تسهيلات حياتية".

الجنون

من جابنه، يُعلق عبد اللطيف مصطفى، صانع محتوى عراقي، بالقول "التطبيقات باتت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ولم تعد مجرد كماليات، بل أصبحت واقعًا يتحكم في حياتنا بشكل يومي".

ويتابع "نحن نحتاج إلى هذه التطبيقات يوميًا، ووفق الدراسات يُقدر معدل النظر إلى شاشة الهاتف بـ400 إلى 500 مرة في اليوم، وإذا ضاع هاتفك في يوم من الأيام ستشعر بالجنون وستبدأ في البحث عنه في كل مكان".

وردًا على سؤال: هل يمكن أن نستغني عن هذه التطبيقات؟ أجاب "أعتقد أنه لا يمكن أن نستغني عن هذا المساعد الشخصي الذي يعرف كل تفاصيل حياتك اليومية ويساعدك على إنجاز مهامك وتحقيق رغباتك".

اختصار الزمان والجهد

ليس هناك خير محض أو شر محض في كثير من وسائل التكنولوجيا في عصرنا هذا، لكن المؤكد أن جلها اختصرت علينا الكثير من الوقت والجهد من ناحية، لكنها أيضا حملت في ثناياها بعض المخاطر التي لا يحمد عقباها.

لكن من المؤكد أيضا أنه بات من الصعب على الكثيرين اليوم تخيل حياتهم دون تطبيقات الهاتف الذكي، فهذه التطبيقات لم تعد مجرد أدوات لكنها أصبحت أسلوب حياة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.