شعار قسم مدونات

مراجعة نقدية لكتاب "العلامة محمود محمد شاكر كما عرفته" لعبد الله عسيلان

مدونات - محمود شاكر
العلامة محمود شاكر (مواقع التواصل الاجتماعي)

لما اطلعت على خبر صدور هذا الكتاب؛ علقت عليه -غير متردد- بأنه كنز نفيس سيكون من أهم الوثائق في سيرة العلامة الجليل محمود شاكر -رحمات الله عليه تترى متتابعة- لأن المؤلف من الذين عرفوا شاكرا معرفة القارئ لمن يقرأ له، فأعجب بأسلوبه المشرق، وفتن ببيانه الفخم، ثم ظل مسحورا بنظراته الفذة الدقيقة في الدارسة والبحث، حتى غشي مجلسه الحاشد في سبعينيات القرن الماضي، وقد ابتعثته بلاده إلى مصر لدراسة الماجستير في الأزهر الشريف، وهنالك عرف شاكرا معرفة الابن لوالده، والتلميذ لأستاذه، فلزمه، واستفاد منه، ونزلت خلائقه من نفس شاكر محلا ساميا، فأصبح من تلامذته المقربين، ومن أحبابه المخلصين الذين واظب على أن يراسلهم مراسلة الوفاء والذكرى حتى لحق بالرفيق الأعلى.

غلاف الكتاب (مواقع التواصل الاجتماعي)

ورأيت الكتاب كنزا نفيسا؛ لأن هذا النمط من التأليف والكتابة في السيرة الذاتية، يغلب عليه التركيز، ويتسم بالانحصار في نطاق معين لا يخرج عنه إلا لجمع أطراف السيرة المسجلة، وهذا التركيز يأتي من العنوان: "كما عرفته"؛ فهي سيرة قائمة على التعارف بين الشخصين بتاريخه، وأسبابه، وأسراره، وحقائقه، حتى تنتهي إلى اليوم الذي طويت فيه صفحة التعارف بالموت؛ أو بالفراق الذي لم يكن بعده لقاء بين المتعارفين.

وأنا معجب بهذا النمط من السيرة إعجابا شديدا، ولا سيما إذا تعلقت بالعلماء الكبار، والأدباء المؤثرين، والرجال الأفذاذ، فلو أزمع كل من عاش مع أحدهم مدة من الزمن، تتيح له المعرفة الثابتة العميقة بأمور من خاصته تخفى على عامة الناس، فقيدها وكتبها، ونشر منها ما يفيد وينفع، لكان في ذلك فائدة عظيمة تضيء جانبا مظلما من حياتهم التي تملأ الدنيا وتشغل الناس، وتصل حبل مجهولها بحقيقة معلومها حتى تتساوق وتطرد؛ ولذلك كله كان الحرص على قراءة هذا الكتاب بالغا؛ لمكانة المؤلف من المؤلف عنه، ولمقام هذا النوع من السير في إضاءة الجوانب الخافية في مسيرة الرجال.

وقد اجتهد الأستاذ الدكتور عبد الله عسيلان في تحقيق ما أسلفنا الحديث عنه، فرمى بالكتاب إلى أن يضع بين يدي القارئ؛ قبسات مما عرفه من سيرة شاكر الذاتية والعلمية بكل تفاصيلها ودقائقها، إلا ما غاب عن ذاكرته من المواقف والأحوال. ورأينا في أسلوب المؤلف، وليس لمثلنا رأي في أسلوب مثله، أنه أسلوب جيد رصين يغلب عليه الوضوح، ويتصف نهجه بحسن التقسيم لمواقف السيرة، التي استهلها بكلمة موجزة عن بيئة شاكر وأسرته، ثم أعقبها بالحديث عن صلتهما التي بدأت وهو في مرحلة الماجستير عام 1392ه/1972م، وذلك يوم اصطحبه الناقد والأديب عبد القدوس أبو صالح إلى بيت شاكر بمصر الجديدة، وقد سجل المؤلف لحظة اللقاء الأول تسجيلا حسنا.

ثم تحدث عن ذلك الموضع الغالي من بيت شاكر، وهو شرفته التي كانت تضم أرباب الفكر والأدب؛ من باحثين ومؤلفين، وأدباء وشعراء يشار إليهم بالبنان، ولم يخل حديثه عن لقاء يوم الجمعة الذي كانوا يجتمعون فيه على مائدة شاكر، فيمزجون بين أطايب الطعام وأطايب الكلام، وهذه المائدة من أهم ما يمثل جود شاكر، ويعبر عن سخائه تعبيرا لا مرية فيه؛ إذ كان يصنعها كل يوم جمعة بلا انقطاع، في الفقر والغنى، وفي العسر واليسر، وكان يتفقد من يغيب عنها من رواد بيته، ويغضب غضبة الحب والحنان مـمن يصيبه الخجل، فيحاول اجتناب المائدة، والأكل في مكان آخر، ومن ذلك ما حكاه المؤلف عن نفسه حين كان حديث العلاقة بشاكر، فكان كلما حان وقت الغداء، خرج إلى أقرب مطعم ليتناوله هناك، ثم عاد بعد نصف ساعة؛ حتى لا يشارك الطعام في بيت شاكر خجلا وحياء، ولما أحس منه شاكر ذلك، فسأله ثم صدقه، خاطبه على الفور قائلا: "تخرج من بيتي وقت أكل، إذا كنت تعمل كذا ما تجيش تاني" (ص139)، وهذا كرم بالغ.

وقد تناول المؤلف أشياء هي من أهم الأمور التي كنت أحرص على معرفتها، ثم وقفت عليها من خلال قراءة الكتاب، وهي تتعلق بسيرة شاكر في بيته، وبسيرته خارجه حين يكون مسافرا لأداء الحج، وباللقاءات الخاصة التي تدور بينه وبين تلامذته وأحبابه المنتشرين في جنبات الأرض، وبرسائله الخاصة التي بعثها إلى المؤلف، وظهر فيها من حيث هو إنسان له علاقة بالناس، ونحن لا نستحضر من ذلك إلا شذرات يسيرة يستكملها في الكتاب من أراد أن يطلع عليها اطلاعا كاملا.

فمن حنو شاكر وعطفه على أهل بيته، أن ابنته (زلفى) جاءته من المدرسة وهي تبكي، "وحينما رآها كاد يغمى عليه، غير أن التي أحضرت ابنته، هدأت من روعه وطمأنته، ويبدو أن الذي كان معها عارض صحي لا خوف منه. وبعد أن استقرت ابنته في البيت؛ قامت والدتها أم فهر برعايتها، وبرئت من العارض الذي ألم بها"، وقد كانت هذه الرأفة الشاكرية تشمل الحيوانات الأليفة التي كانت تربيها أم فهر في البيت؛ فقد دخل شاكر ذات مرة، "إلى غرفته لينام، فوجد قطة قد نامت في سريره، فأرادت أم فهر أن تبعدها، ولكنه طلب أن تتركها في السرير ولا توقظها، وافترش هو الأرض ونام" (ص23-24، ص142).

ومن تقديره للضيوف أنه يودعهم، ويرافقهم عند التوديع، وقد "درج على أن يقوم بتوديع ضيفه عند باب المصعد، وهو الذي يضغط على زره، وينتظر حتى يقل المصعد ضيفه، ثم يعود إلى مجلسه" (ص25).

ومن شيمته مع الطلبة الذين يقصدون بيته، وينزلون في كنفه، أنه "ذو قلب رؤوم، يعطف على طلاب العلم، ويحرص على مساعدتهم، ويشيد بمن يستحق الإشادة منهم، ويقدر من يسدي إليه معروفا"، وقد عطف على طالب أزهري أراد "اقتناء نسخة من كتاب طبقات فحول الشعراء من مكتبة وهبة، فطلب منه 35 جنيها ثمنا لها، ولم يكن معه المبلغ المطلوب، وكان مع الطالب مبلغ محدود يوصله إلى مقر إقامته، فدفع له ما يكمل المبلغ المطلوب، وبلغ ذلك الشيخ محمود شاكر، فذهب إلى المكتبة، وأنحى باللوم الشديد على المسؤول عن المكتبة، وقال له: هذا الذي جاءك طالب علم فقير، وكان عليك أن تساعده، ولولا حرصه على العلم ما قدم لك كل ما فيه جيبه. وطلب من المكتبة أنه إذا جاء طالب علم يريد الكتاب يعطيه إياه، ويقيد الحساب عليه من النسبة التي له" (ص123-124).

ومن حرصه على مكتبته، وعشقه للكتب، أنه "لم يكن يسمح لمن يريد كتابا من مكتبته أن يتناوله بنفسه، بل لا بد أن يطلب منه الكتاب، وهو الذي يحضره بنفسه"، ثم هو "لا يسمح بإعارة أي كتاب، وإذا دخل الكتاب إلى مكتبته لا يخرج منها إلا للتجليد عند الحاج سعد خضر؛ المجلد المتميز المتقن، ومن يطلب منه إعارة كتاب يعتذر منه، ويدعوه للاطلاع داخل المكتبة على أي كتاب يريده" (ص36-38).

ومن صفته في العبادة أنه "كان حريصا على أداء الصلاة جماعة في بيته، يؤم أهله، ومن يحضر مجلسه، ولا يخرج إلى المسجد إلا في صلاة الجمعة؛ وذلك لأن المسجد ليس بقريب من داره، وقد أدركت (أي المؤلف) الصلاة معه مرارا، ومثل هذا الصنيع يحمل من يأتيه في أوقات الصلاة على أن ينهض لأدائها معه، وقد يكون ممن لا يواظب على الصلاة، وهذا ما حدث مع بعض زائريه ورواد مجلسه" (ص137).

ومن قوة ذاكرته أن تلميذه البار محمود الطناحي أتاه وقد سجل موضوع الدكتوراه في أمالي ابن الشجري، فمر به نقل من كتاب سيبويه، أراد أن يوثقه دون أن يهتدي إلى مكانه، فذهب إلى شاكر ليعرض عليه المشكلة "ذاكرا نص النقل الذي أورده ابن الشجري من كتاب سيبويه، وأنه بحث في الكتاب ولم يجده، فما كان من الشيخ محمود شاكر إلا أن قام وأحضر نسخته من كتاب سيبويه، وفتح صفحة من صفحات الكتاب، ودفعه إليه، وقال له: اقرأ؛ فإذا به يقع على النص الذي يبحث عنه. قال ناصحا: يا محمود (الطناحي)؛ لا بد لمن يعمل في التحقيق أن يعرف (ازاي) يقرأ الكتب لاستخراج ما يريده منها، وما كان من الطناحي إلا أن شكر الشيخ محمود، مع الدعاء له، متقبلا نصيحته بكل ترحاب" (ص52).

ولا أريد أن أستكثر من إيراد أمثال هذه النماذج، فهي حاضرة عتيدة لمن قرأ الكتاب، وأنا أراجعه وأبدي الرأي فيه؛ ليطالعه من يجد فيه العناية والاهتمام، ولكن يحسن أن نختم تلك النماذج بموقفين مهمين لشاكر؛ للدلالة على أن المؤلف استشهد بأشياء كثيرة من حياته الخاصة:

أولهما: إيمانه وخشوعه وهو يحج أو يعتمر، أو يزور الروضة الشريفة في المدينة المنورة؛ يقول عبد الله عسيلان "ومن عظيم تقديره (أي شاكر) لمكانة الحرم والكعبة المشرفة أنه كان لا يدخل بحذائه، وإنما يدعه عند الباب، وعند الانتهاء من مناسك العمرة ذهبنا إلى حيث وضع حذاءه فلم نجده؛ إما أنه سرق أو أخذ بالخطأ، ولم يأبه بذلك، ومشى حافيا إلى أحد الحوانيت التي تبيع الأحذية بجوار الحرم، وابتاع له حذاء. وإذا جاء إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تتهلل أساريره، وينشرح صدره، وإذا وقف أمام قبر الرسول صلى عليه وسلم وقف بكل أدب واحترام، وراح يردد عبارات السلام، ويكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم" (ص117).

والموقف الآخر يتعلق بما يثار عن شاكر بأنه كان رجلا شديد الانفعال، سريع الغضب، بالغ الحدة، وقد بين المؤلف أن شاكرا كان "جم التواضع، يحمل بين جنبيه قلبا حانيا، يفيض حبا وصفاء ونقاء، لا يعرف الحقد والصلف"، ولم يكن يغضب إلا حين "يجد أمامه من يغالط في الحقائق، ويحاول أن يلوي عنقها؛ إما مكابرة، وإما جهلا. ومن يعرفه عن كثب؛ يجد أنه سرعان ما يراجع نفسه، ويلومها على ما قد يبدر منه، أو ما يمليه عليه الموقف من انفعال، وتراه يسعى حثيثا للاعتذار" (ص129).

ومن أمثلة إسراع شاكر إلى الاعتذار أنه حينما قدم الرياض للحصول على جائزة الملك فيصل التي منحت له على كتابه "المتنبي"، فأقام في فندق الخزامى، "حضر إلى مجلسه في الفندق أحد أعلام الأدب والثقافة، ومن محبي الأستاذ محمود، وهو الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، ومعه صديق له وهو الأستاذ عبد الرحمن الباني، ومع هذا الصديق كتاب من تأليفه، عنوانه "الفلم القرآني"، وقدم نسخة منه للعلامة محمود شاكر، وما إن قرأ عنوان الكتاب حتى بدا عليه الغضب والاستنكار لهذا العنوان، ورفض أخذ الكتاب، قائلا "ليس هناك شيء اسمه (الفلم القرآني)، وينبغي أن ننزه كتاب الله عن مثل هذه العناوين التي لا تليق بكتاب الله"، فصمت الاثنان، وبعد هنيهة استأذنا وخرجا. وقد لاحظت على الأستاذ عبد العزيز الرفاعي شيئا من الإحراج والتأثر. وبعد أن خلا المجلس بادرني الأستاذ محمود بقوله: يا عبد الله؛ أرجو ألا أكون قد أخطأت على الأستاذ الرفاعي وضيفه. فقلت: كأني أحسست بشيء من التأثر عليه. فلام الأستاذ نفسه، وأصر على أن يذهب إليه في منزله؛ ليعتذر له لمجرد ما توقع من تأثره، وقد نفذ ذلك في الصباح الباكر من اليوم التالي، وانتهى الأمر إلى الاعتذار عن طيبة واختيار (ص130-131).

نختم النماذج من هذا الكتاب الممتع بهذه الحادثة التي ختمت بالاعتذار، ثم نعتذر إن خالفنا المؤلف في أنه ملأ كتابه بأشياء كان يحسن أن يخلو منها؛ لأنها لا تخدم الغرض الذي دفعه إلى التأليف، ولا يفيد القارئ في شيء كثير؛ لأن كل قارئ له هدف من قراءة الكتاب، يرسمه لنفسه من خلال العنوان، ولا يتناول القارئ هذا الكتاب إلا وهو يرجو من المؤلف أن يحدثه عن شاكر (كما عرفه هو)، وليس كما (كتب شاكر نفسه عن حياته)، فمكان هذا في مؤلفاته وكتبه؛ ولذلك لم يكن بالمؤلف الكريم حاجة مضطرة إلى أن يتحدث عن علاقة شاكر بشيخه سيد بن علي المرصفي (ص31)، ولا عن شغف شاكر بالرياضيات، وانتقاله منها إلى علوم اللغة العربية (ص34).

كما لم يكن المؤلف محتاجا إلى أن يتحدث عن شاعرية شاكر وتفاصيل شعره في الدواوين (ص61)، ولا عن طه حسين وقضية الشعر الجاهلي (ص103)، ولا عن قيمة الكلمة عند شاكر (ص126)، بالإضافة إلى مؤلفاته وتحقيقاته، وتفاصيل عباراتها اللغوية الطريفة، واستعمالاتها الأدبية النادرة (ص175)؛ لأن هذه الموضوعات لا يتطلبها القارئ في هذا الكتاب، ولا يعده لها مظنة ولا موضعا، ثم إن المؤلف لم يعلق عليها، وإنما سرد النصوص الواردة في هذه القضايا سردا من كتب شاكر نفسه، ثم مر عليها غير ناقد ولا معلق في الأغلب الأعم، وكان أولى به لو لم يجد بدا من الحديث عن هذه المسائل، أن يتناولها من ناحية آرائه فيها، أو من جهة الأقوال الخاصة التي ناجاه بها شاكر حول هذه الموضوعات إن وجدت، وإلا فهي لا تدخل في حيز الهدف الذي وضع الكتاب من أجل تحقيقه، ولا يزيد القارئ إلا تشتتا في استقراء سيرته الخاصة مع شاكر على نحو مفصل متصل مترابط، ولا سيما أن المؤلف الجليل خلط بين هذه الموضوعات وبين ذكرياته الخاصة، فقدم بعضها على بعض، وقد صرت في بعض الأحيان -وأنا أقرأ- لا أدري إن كنت أطالع ذكرى مضت، أو أتابع دراسة تقام.

وكذلك كرر المؤلف الحديث عن مكتبة شاكر، وليت حديثه عنها كان مجتمعا في مكان واحد دون أن يفصل بين أجزائه شيء، وكاد مثل هذا يقع في حديثه عن طلاب شاكر وقاصدي بيته من الأساتذة والعلماء، وأضيف إلى هذه الملاحظات أن المؤلف الكريم أجاد فوضع للقارئ صورا من رسائل شاكر إليه، وخط العلامة أبي فهر -رحمه الله- خط دقيق سريع مثل سرعة ذهنه الوضاء في تلقف المعلومات، فلا يقرأه من ليس خبيرا به إلا على عسر وصعوبة، فكنت أتمنى أن ينقلها المؤلف مكتوبة مطبوعة مثل سائر سطور الكتاب، ثم ينشر صور الرسائل -إن شاء- من باب الإيناس والاستدلال والإثبات، ولو زاد على ذلك أن يسجل رسائله هو أيضا، التي بعثها إلى شاكر ردا عليه، لكان ذلك في غاية الإحسان والإفادة، ولعل الأستاذ الجليل قادر على أن يستدرك ذلك في الطبعات القادمة.

تلك هي الملاحظات التي قيدتها على محتوى هذا الكتاب، وأزيدها الإشارة إلى شوق في نفسي لم يتحقق؛ فقد كنت أتطلع إلى أن أجد في الكتاب أحاديث ممتعة كافية عن حوادث طريفة وقعت بين شاكر وبين المؤلف، أو بينه وبين بعض تلامذته وهو شاهد عيان؛ لأن شاكرا في مجلسه كان طيبا ودودا كما يقول تلميذه الطناحي، "يؤنس جلساءه، ويجعل لكل منهم نصيبا مفروضا من وده وإقباله، لا يصنع وقارا كاذبا، فيطرب للنادرة المهذبة الحلوة، ويستزيد منها ويرويها"، فلا ريب أن المؤلف شهد بعضا من تلك المواقف الجميلة، وكذلك كنت أتطلع إلى أن يسجل النصائح العلمية أو دروس الحياة التي استفادها من شاكر، ولكن هذا الشوق ظل في صدري دون أن تشفى علته، وتروى غلته، ولعل للمؤلف عذرا وأنا لا أدري.

ومهما يكن من أمر، فإن هذا الكتاب كشف جوانب كثيرة من حياة شاكر الخاصة، وهو حري بأن ينصح به، جدير بالقراءة، وليس للأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان إلا أصدق تحية وأجزل شكر، مع الدعاء له بطول البقاء، وصفاء العافية، ودوام السلامة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.