شعار قسم مدونات

"تشفير الأصول".. الموجة الصاعدة

تطبيق "تشفير الأصول" لا يقتصر على الاستثمار العقاري بل يمتد إلى كثير من القطاعات منها قطاع الفنون والقطاعات المعنية بحفظ المستندات (غيتي)

حتى بضع سنوات مضت كان مَن يُخبر الناس أن العملات المشفرة هي النقلة النوعية القادمة في عالم المال، وينصحهم بأن يدركوا القطار في محطاته الأولى كان يُتَّهم إما بالجهل أو التدليس، بل كان في أحيان كثيرة مثارًا للسخرية. اليوم وقد صار هذا القطاع المالي الضخم (3.25 تريليونات دولار حسب إحصائيات الشهر الماضي) واقعًا يكسب أرضًا جديدة يومًا بعد يوم أصبح من الطبيعي أن يقدم قيمة مضافة بعيدًا عن حسابات المكسب والخسارة.

"تشفير الأصول" وهو أحد التطورات الهامة الذي استطاع أن يغيّر الطريقة التي نستثمر بها في الأصول المادية!

هو حل يقسم ملكية أحد الأصول (مبنى إداري مثلًا) إلى أسهم مشفرة (Tokens) تعمل كـ"مشاركات".

 

 

هذا المفهوم يغيّر المعادلة في الاستثمار العقاري حيث عادةً ما يكون بيع العقارات عملية شاقة لمالكي المشروعات وفرصاً بعيدة المنال لصغار المستثمرين. أتاح "تشفير الأصول" للفئة الأولى توسيع دائرة الاستهداف بدلاً من قصرها على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة كما أتاح للفئة الثانية المشاركة فيما كان متعذّراً من قبل سواءً من حيث قيمة المشاركة أو قيود القوانين بغض النظر عن الموقع الجغرافي للمشروع. كما أنه يمكّن الأفراد من شراء وبيع العقارات بفئات صغيرة (حتى أجزاء من السهم المشفّر) وبتكاليف أقل كثيراً من الرسوم التقليدية. هذا بالإضافة إلى الاستغناء عن الوسيط وإلى السماح للمشترين والبائعين بنقل الملكية بشكل مباشر.

يتم تداول هذه الأسهم المشفّرة بأمان على شبكات البلوكتشين (سلسلة الكتل) وإتاحتها للمستثمرين في جميع أنحاء العالم وتَضْمن آلية تنفيذ العقد الإلكتروني (العقد الذكي) على كل سهم مشفّر حصول كل مالك على حصته من دخل إيجار المبنى أو حصته عند بيعه.

 

 

في الأساس توفر تقنية بلوكتشين تمثيلًا رقميًّا للملكية الكاملة أو المشتركة لأي كيان له قيمة محددة، والتطبيقات الشائعة على بلوكتشين واضحة في المدفوعات وتسوية المعاملات بين المشاركين، كما توفر الشبكة تمثيلًا للملكية المتعددة الأطراف للأصول غير القابلة للتجزئة، مثل الأعمال الفنية أو مقاطع الفيديو، ومن ثم توفر تبادلًا أسهل لملكية هذه الأصول. ويبلغ الحجم المتوقع لسوق "تشفير الأصول" 24 تريليون دولار بحلول عام ٢۰٢۷ (المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي).

وما يمنح هذا الحل قوتّه أن البلوكشين عبارة عن دفاتر أستاذ رقمية لامركزية معروفة بأمانها حيث يستحيل العبث ببياناتها لأن دفتر الأستاذ مشترك، ويمكن لجميع مستخدميه التحقق منه. ولا يقتصر إسهام هذه التقنية على الخدمات المالية حيث يمكن للمستشفيات مثلاً إستخدامها لحفظ سجلات المرضى كما يمكن للحكومات استخدامها لتسجيل الناخبين.

ولا يقتصر تطبيق "تشفير الأصول" على الاستثمار العقاري، إنما يمتد إلى كثير من القطاعات، منها قطاع الفنون والقطاعات المعنية بحفظ المستندات ومناجم الألماس والذهب.

ورغم أن معظم الدول العربية لم تُقنّن التعامل بالعملات المشفرة فإن خدمة "تشفير الأصول" أصبحت متاحة لأول مرة في الوطن العربي من خلال شركة FinTech ZENIQ Technologies Enterprises
www.zeniq.com كأول شركة بدأت أعمالها منذ شهور في قلب دبي بما يفتح باباً واسعاً للكثير من الجهات داخل الوطن العربي للاستفادة من هذه التقنية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.