شعار قسم مدونات

هل يمكن للفتاة أن تخترق عالم المحاسبة الريادي؟

طلبة الجامعات اليوم هم عناوين المجتمع الفعلية، ولا حياة لمجتمع يهمل ركيزته الأساسية ألا وهي الفتاة (الجزيرة)

تمتاز المحاسبة بأنها مزيج من العلم والفن، كونها تتطلب مهارات إبداعية، كما تتطلب من المحاسب التطور ومواكبة التحديثات المحاسبية لكي تتحسن العمليات الخاصة بها. فتتمثل أهمية المحاسبة في المساهمة في تقديم تحليل واضح للعمليات المالية، ومن ثم تسجيله في مستندات محاسبية قانونية، وهذا صلب الموضوع العلمي النظري الذي يمكن للجامعات والمعاهد أن تقدمه للطلبة على شكل مساقات جامعية متعددة الأسماء، وفي تخصصات أكاديمية مختلفة.

أين دور الفتاة؟

السؤال المركزي هنا: أين دور الفتاة في هذه المعادلة؟ وهل بإمكانها أن تخوض غمار هذا التحدي في ظل هذه المنافسة العنيفة بين المؤسسات المالية، وعلى مستوى الأفراد والمؤسسات؟

لقد بحثت -بحكم تخصصي الدراسي- في مجالات المحاسبة وعلومها وآفاقها الواقعية والمستقبلية، وقرأت الكثير من الأبحاث والدراسات بهذا الشأن، ومن خلال قراءتي اكتشفت أن وجود الفتاة في الجانب العملي للمحاسبة قليل من حيث الكم والريادة، بل يندر وجودها في المستويات العليا والمؤسسات الريادية على مستوى صناعة المؤسسات المالية والرؤى والتوجهات الخاصة بعالم المال والأعمال، مع العلم بأن الفتيات في التخصصات المحاسبية على اختلافها في الجامعات كثيرات من حيث العدد.

وباعتقادي، فإن اقتصار الجامعة على الجانب النظري للمحاسبة لم يتح الفرصة للفتاة لإظهار تميزها وإبداعها، وبسبب فكرة مجتمعاتنا العربية -على وجه العموم- عن دور ومكانة المرأة في سوق العمل، فقد ساهمت هذه النظرة في اقتصار هذا المجال على الرجل بصورة كبيرة وواضحة من حيث الإحصاءات والأرقام.

رسالتي في هذا اليوم هي للفتاة في المرحلة الجامعية على وجه التحديد، بأن تشمر عن سواعد الجد في البحث عن التخصصات العصرية في الجانب المحاسبي ومجالات التميز الفعلي التي ترقى بها على مستوى صناعة نجوميتها في مجال تخصصها المحاسبي

فطلبة الجامعات اليوم هم عناوين المجتمع الفعلية، ولا حياة لمجتمع يهمل ركيزته الأساسية ألا وهي الفتاة، ولا سيما إذا كانت شابة تنبض بالحياة، فالمرأة شريك أساسي لتحقيق الإنجازات، فهي محاسبة بالفطرة، وكيان اقتصادي متنقل، ومن طباعها أن تكون الوظائف المحاسبية أولى مجالاتها بحكم عملها، لوجودها في المجتمع أما، وأختا، وزوجة، وابنة وشريكة أساسية في عملية البناء والتنمية والنهضة المجتمعية. وهذا ما يحتم عليها أن تكون على مستوى المسؤولية في مجال بناء ذاتها الاقتصادية، لتتمكن من تجاوز تحديات الواقع، المتمثلة في قلة الفرص، واستمرارية التحدي، والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد تمثل عائقا في مسار تحقيقها لذاتها في مجتمع يضج بالتناقضات.

إن تجربتي الذاتية من خلال العمل والتدريب مع المؤسسات والشركات التي تفاعلت معها في الجوانب البحثية والعلمية، تقودني لأهمية تعمق الفتاة في الجانب العملي بهذا المجال، فهي قادرة على تحقيق ما يحققه الرجال، وسوف تضيف له العديد من المزايا والابداع. فالمجتمع طائر يطير بجناحين: الرجل والمرأة، وبذلك تحقق عملية التكامل الإيجابي.

إن رسالتي في هذا اليوم هي للفتاة في المرحلة الجامعية على وجه التحديد، بأن تشمر عن سواعد الجد في البحث عن التخصصات العصرية في الجانب المحاسبي ومجالات التميز الفعلي التي ترقى بها على مستوى صناعة نجوميتها في مجال تخصصها المحاسبي، فنحن اليوم بحاجة إلى مبدعات في مجال الجودة، والتكنولوجيا الأرقام، والحوكمة المحاسبية،  وبناء التحالفات والتكتلات النسوية المحاسبية التي تسهم بتعزيز وتطوير مكانة المرأة في هذا العالم الذي يمكن لها فيه أن تترك بصمة واضحة، ولا سيما إذا تحدثنا عن جهد جماعي وتكوين مستمر وتأهيل عصري؛ فهذا ما سيقودنا بالفعل إلى مرحلة جديدة تستطيع من خلالها المرأة أن تثبت وجودها بجهدها الشخصي، وإبداعها الذاتي، وأن ترسم خطتها المستقبلية على المستوى الفردي والجماعي بصورة ناضجة ومؤثرة.

إننا أحوج ما نكون اليوم إلى من يختصر علينا الطريق، ويبين لنا أفضل المسارات، ولذلك فإنني أرى أن النجاح الحقيقي يكمن في أن نبني نماذج النجاح الفردية، من خلال شخصيات ومؤسسات نسوية قادرة على هضم مصطلحات الواقع، والتعاطي معها بإيجابية مثمرة، تمكّن المرأة من انتزاع مكانتها في المجتمع بكل اقتدار.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.