شعار قسم مدونات

تاج محل.. قصر الهيام والغرام

تاج محل يخضع لأعمال ترميم
الميزة المركزية للمبنى هي القبر الملكي الذي يحتوي على ضريح شاه جهان وممتاز محل (الجزيرة)

يبقى أعجوبة في العيون وبحبوحة في الجنان حتى بعد 4.5 قرون من بنائه عام 1653 تحت قيادة المعماريين الشهيرين في ذلك الحين: الأستاذ عبد الكريم مأمور خان، والأستاذ أحمد لاحوري.

طالت مدة البناء إلى 22 عاما بمشاركة 10 آلاف من العمال. مست مناظره جدران قلوب الزوار والسياح حتى اليوم، لا بسبب معماريته فقط، بل ذاك السر الجذاب في جوه وهوائه المشتمل على ذكريات الهيام وقصص الغرام.

شرع شاه جهان في بنائه بعد سنة وفاة زوجته العزيزة ممتاز محل عند ولادة طفلهما الرابع عشر عام 1631، وكان الحدث أثقل من قدرة تحمله، وأدى إلى بناء النصب التاريخي الشهير.

ربما يخطر ببالنا أن الموت خسر أمام ذاك الحب الحقيقي، بينما نرى قبريهما متقاربين. فحقا نجد من رؤيته برد العين وراحة البال، فكلمات شاه جهان عن تاج محل دليل عليه.

ليكن هذا مستشفى للمذنبين، ولتطهر الذنوب بزيارته، وليكن معناه رأفة، ولتفض شموس وأقمار بنظرها دموعا، وهي تنادي عظمة الخالق بندائها.

أيضا نجد أروع الكلام عنه من الأديب الشهير ربينترنات تاكور في كتابه "هدية الحبيب" (lover’s Gift).

وهو الدموع الجارية على خدود الدهر

وقد أضيف إلى قائمة يونسكو مع أماكن التراث ومواقع تاريخية عام 1983.

الهندسة المعمارية في تاج محل

تاج محل، النصب التاريخي شهير بأسلوب هندسته المعمارية المغولية، مع اندماج بعض العناصر من العمارة الفارسية والتركية العثمانية والهندية، مع أنه مستوحى من بعض المباني التيمورية والمغولية مثل "جور-أمير" (gur-e-amir) قبر تيمور، سمرقند، وضريح اعتماد الدولة (baby taj’, agra) والمسجد الجامع في دلهي، لكن كان من الاختلافات الرئيسية أنه في حين أن المباني المغولية السابقة مبنية بشكل أساسي من الحجر الرملي الأحمر، اختار شاه جهان استخدام الرخام الأبيض المرصع بأحجار قيمة.

الميزة المركزية للمبنى هي القبر الملكي الذي يحتوي على ضريح شاه جهان وممتاز محل، محاطين بشاشة رخامية مثقوبة (يقع قبراهما الفعليين في غرفة تحت الأرض)، وهي مبنية من الطوب والركام، ومكسوة بالرخام الأبيض ومثبتة بمسامير معدنية، وتقف على قاعدة مربعة تتكون من مبنى له سقف داخلي مقبب ارتفاعه حوالي 80 قدما (24 مترا).

فوق هذه القبة الداخلية قبة خارجية على شكل بصل، يبلغ ارتفاعها حوالي 200 قدم (61 مترا)، تقع على أسطوانة مركزية محاطة بأربعة أبراج، يدعم كل منها سرادقا مقببا. القبة الخارجية تعلوها حلية نحاسية مذهبة بارتفاع 56 قدما، خليط من الأسلوبين الفارسي والهندي.

القبة على شكل بصل محاطة بأربعة مبان مقببة صغيرة (chattris) تقف عند أركانها، تنفتح من خلال سقف القبر وتوفر إضاءة إضافية للداخل. ويرتفع عدد من الأبراج الزخرفية الطويلة (guldastas) كاملة مع الحليات إلى أعلى من الجدران، وتعطي تأكيدا إضافيا لطول القبة، وهي تمزج بين العناصر الزخرفية التقليدية الفارسية والهندية.

مجمع المقبرة محاط من 3 جهات بجدران، مع ترك الجانب المواجه للنهر يامونا (yamuna) مفتوحا، ويقع فيه العديد من الأضرحة الأخرى التي بنيت لزوجات شاه جهان الأخريات، فضلا عن مسجد من الحجر الرملي الأحمر ومبنى متماثل في المقابل يعمل بمثابة مبنى خارجي.

البوابة الرئيسية (darwaza) للمجمع هي بناء كبير، أقواسها مزينة بنفس نمط الخط الذي يزين المقبرة، بينما تتميز أسقفها وجدرانها بتصميمات هندسية مماثلة لتلك الموجودة في المباني الرئيسية للمجمع. تقف عند أركان المجمع المستطيل للبوابة 4 منارات، حيث يزيد ارتفاع كل منها عن 130 قدما (40 مترا) ويستخدمها المؤذن لنداء الأذان في وقت الصلاة.

بشكل إجمالي، تعبر الهندسة المعمارية عن إحساس جميل بالانسجام والتوازن بين المباني الفردية، فضلا عن الشعور بالسلام الهائل. يعكس الرخام الأبيض المستخدم في جميع أنحاء تاج محل الضوء المتغير، مما يسمح بمجموعة دقيقة من الألوان التي تعطي للمجمع بأكمله هدوءا أثيريا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.