شعار قسم مدونات

صنّاع المحتوى.. بين الإفادة والتفاهة

المشاهير واستغلال منصات التواصل للإعلانات التجارية
هناك آلاف من صنّاع التفاهة وصلت مقاطعهم إلى مئات الملايين من المشاهدات (الجزيرة)

 

صناعة المحتوى أو إنشاء المحتوى هو المساهمة في نشر معلومات في سياقات محددة، عن طريق وسائط الإعلام الرقمي، وذلك لفائدة ما؛ معني بها الجمهور المستهدف. والمحتوى هو شيء يمكن التعبير عنه من خلال "الكلام أو الفيديو أو الصورة أو الكتابة".

وفي برامج التواصل الاجتماعي هناك ملايين من صنّاع المحتوى بمختلف المجالات والتوجهات، وكل منشئ محتوى -في أي حقل كان- يستخدم أسلوبا معينا لعرض الفكرة أو الموضوع حتى يصل للفئة المستهدفة.

 

صُنّاع التفاهة

ولأن مساحة حرية الطرح في مواقع التواصل الاجتماعي واسعة؛ فبتنا نرى الآلاف من صنّاع التفاهة تصدّروا تلك المواقع، ويحصدون يوميا ملايين من المشاهدات على فيديوهاتهم.

ويتزاحمون بين طامح بالشهرة، وراغب بالمال، وآخر يريد إفادة المجتمع، لكنَّ الغريب هنا، أنه يوجد آلاف من صنّاع التفاهة وصلت مقاطعهم إلى مئات الملايين من المشاهدات، وملايين المشتركين، وما يقدمونه باختصار "فيديوهات تفسد أخلاق المجتمع" يسمونها "ترفيهية".

أي ترفيه تأخذه من فيديو "مقالب الحب والزواج والخيانة" يصنعه أشخاص دون الـ20 عاما؟! ولم تفسد فيديوهاتهم عقول الشباب فقط، بل طالت الأطفال دون سن الـ18 من عمرهم.

ويصادفنا الكثير من القنوات التعليمية في علوم مختلفة، إلا أن مشاهداتها قد لا تتخطى الآلاف؛ بل المئات، وذلك نتيجة الغطاء السلبي الذي اخترق تفكير الشباب.

وما الفائدة أيضا من "تحدي الأندومي الحار" أو حتى المسلسلات الدرامية المصطنعة التي تفتقر لأدنى مقومات الأكاديمية أو المهنية في الإنتاج والتصوير وحتى التمثيل؟ ناهيك عن نشر الفضائح، وتحويل منصات التواصل لمرتع يتبادلون فيه التهم والمعارك الكلامية.

من المسؤول؟

إن المسؤول الأول عن انتشار المحتوى التافه هو أنت وليس الصانع، فالاهتمامات اليومية للشعوب تُحدد المحتوى الأكثر انتشارا، حيث ترتبط شبكات التواصل الاجتماعي بأرض الواقع، وجمهورها يختار نوع المحتوى المنتشر الذي يُعرض على شاشتك "الفيسبوكية" أو "اليوتيوبية"، فلا تكن مُروِّجا للمحتوى التافه ولا تساعد على نشره دون المحتوى الهادف.

ولأن المنشئ يستهدفك أنت لتكون الأداة التي تروج له؛ فكن أنت أحد لبِنات السد الذي يحيل بين صانع التفاهة وانتشارها.

إن الذي يمنع انتشار المحتوى الهادف بالمرتبة الأولى؛ هو المتتبعون والمستهلكون، حيث إن ارتباط شبكات التواصل الاجتماعي بأرض الواقع، يشكل نقطة محورية في نوع المحتوى المنتشر.

رسالة

يجب التفكير في العواقب التي ستخلفها هذه المشكلة، فالتفاهة ليست أمرا عاديا كما نظن، وإنما تتجاوز ذلك لتتحول إلى مشكلة معقّدة، بل إلى مجموعة من المشاكل التي لا تحمد عقباها والتي ستشكل تحديات فيما بعد للجميع.

وإن أولى هذه المشاكل هو هدر الوقت، إذ إن المحتويات التافهة تضيّع وقت الشخص الذي كان من الممكن أن يستغله في أشياء أخرى كالإبداع أو البحث أو التفكير أو قراءة ما هو مفيد، وما إلى ذلك من شؤون تستطيع أن تعود عليه بالنفع بدل ضياع الوقت في مثل هذه الأمور.

ولأنك أنت المسؤول يجب عليك أن توعّي الأسرى والأطفال والجيل الصاعد من متابعة هؤلاء، وأن تكون حذرا من أن تنقاد خلفهم، لأنك ستكون بعدها أحد المتسببين بهذه الظاهرة التي تجتاح المجتمعات.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.