شعار قسم مدونات

معركة ضد السلطة في نقابة الصحفيين!

مقر نقابة الصحفيين المصريين بوسط القاهرة/ 13 نوفمبر 2014

 

نعيش الآن أجواء الانتظار للانعقاد الثاني للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بمصر مارس/آذار الجاري، ورغم كل ما تعانيه مصر منذ سنوات من تأميم للحياة السياسية، وغياب تام لأي انتخابات حقيقية؛ إلا أن انتخابات نقابة الصحفيين هذا العام مختلفة، ويجب أن نتعامل معها في سياقها الحقيقي.

لقد دفعت الجماعة الصحفية في مصر ثمنا باهظا لسياسات مجالس النقابة المتعاقبة منذ 2013 حتى الآن، والتي كانت تمتاز بانتماء النقباء إلى مربع السلطة بشكل صريح، وكذلك غلبة مناصري السلطة العسكرية في مجلس النقابة أمام قلة ما زالت تنادي بحقوق الصحفيين، وتدافع عن المهنة في مواجهة التغول الأمني عليها.

عشرات الصحفيين في السجون، وإن أردنا الدقة، فمئات العاملين في حقل الإعلام من صحفيين ومصورين ومُنتجين وصانعي أفلام وثائقية، تعج بهم السجون، يكاد لا يخلو سجن في مصر من أحد العاملين في حقل الإعلام.

غياب تام للمعلومات، فلا يُسمح للصحافة في مصر أن تتداول إلا فتات المعلومات التي تلقي بها السُلطة، رغم ما بها من تناقضات وغموض وعدم اتساق؛ إلا أن أحدا من الصحفيين لا يجرؤ على القيام بدوره المهني في التفسير أو التقصي حول المعلومات المتاحة.

غلق للصحف، وإجبار على نقل ملكيتها للأجهزة الأمنية؛ لفرض السيطرة الكاملة على كل المنصات الإعلامية، ومحاصرة القلة الباقية بحبس مُلاكها، وحجبها على الإنترنت، ووقف صدورها وفرض غرامات باهظة بدون أي تهم موضوعية.
لقد اعتبرت السلطة العسكرية في مصر أن الصحافة خصم لها منذ اليوم الأول لاستيلائها على السلطة في يوليو/تموز 2013، ورغم خبرة العسكر في ترويض الصحافة خلال عقود سابقة بشكل أو بآخر؛ إلا أن العسكر اليوم لا يطيقون أي هامش للحرية أو للرأي، وقررت السلطة أن صراعها مع الصحافة هو صراع صفري، وأن الصحافة أحد أوجه التهديد الوجودية لها في سدة الحكم.

هذا ما يجب أن تعيه الجماعة الصحفية في مصر، وأن أسلوب التواؤم مع السلطة، وغض الطرف عن الانتهاكات في حق المهنة والعاملين بها، لم يسفر عن أي تقدم ملموس، فرغم ادعاء نقيب الصحفيين ضياء رشوان تدخله للإفراج عن بعض الصحفيين المعتقلين؛ إلا أن السجون ما تزال تعج بالعشرات، وما زالت المواقع الإخبارية محجوبة، وما زالت التشريعات تصدر بشكل دوري لتنص على حبس الصحفيين والتنكيل بهم.

الانتخابات الراهنة مثلت بريق أمل لأغلب العاملين بالمهنة، فلأول مرة نرى مرشحين يضعون إشكالية الصحفيين المعتقلين في برامجهم الانتخابية، فضلا عن ارتفاع عدد المرشحين الشباب عن الانتخابات السابقة، ما يتيح فرصة لتجديد الدماء، وانتخاب مجلس نقابة يغير من سياسته تجاه السلطة، ويخوض نضالا حقيقيا من أجل استعادة هيبة النقابة واستقلاليتها، والدفاع عن المهنة.

نحن لا نسعى لخلق صراع سياسي ضد السلطة في مصر لأهداف سياسية؛ لكننا نسعى لخوض نضال ضد السلطة على أساس مهني، للدفاع عن حقوقنا كصحفيين، وأدواتنا في هذا الصدد كثيرة، بدءا بالفضح الإعلامي للانتهاكات، مرورا بالاحتجاب وكسب التأييد والتضامن من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية، والمؤسسات المهتمة بالحريات الصحفية، وتحريك الدعاوى القضائية، وليس انتهاء بالاعتصام داخل النقابة؛ لأن المعركة لن تتوقف حتى تقرر السلطة نقل المعركة مع الصحافة من معركة صفرية إلى معركة بالنقاط، فنحصل على مساحات من الحرية، ونستكمل النضال من أجل أخرى على أقل تقدير.

المشكلة الحقيقية أمام الصحافة في مصر، هي غياب الإرادة لدى مجلس النقابة لخوض هذا النضال، وعلينا أن نقرر في هذه الانتخابات، هل نبحث عن مجلس يناضل من أجلنا، أم مجلس يقدم المزيد من التنازلات للسلطة؟

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.