شعار قسم مدونات

التفكير الزائد أخطر اضطرابات العصر

حمية العقل التفكير
المقصود بالتفكير المفرط هو انشغال العقل بالتفكير بطريقة مبالغ فيها في أمر أو عدة أمور لمدة طويلة (مواقع التواصل)

الإنسان بطبيعته يفكر في كل خطوة يقوم بها، وهذا أمر عادي لمواجهة تحديات الحياة وما تحتاجه من قرارات ومواقف مناسبة، لكن إذا بالغ الإنسان في التفكير يدخل في متاهة تسمى بالتفكير المفرط أو فرط التفكير (Overthinking).

هل تعرف هذا المصطلح؟ هل تعاني من إدمان التفكير؟

دعونا نتعرف أكثر على هذا الموضوع.. ما المقصود بالتفكير المفرط؟

هو انشغال العقل بالتفكير بطريقة مبالغ فيها في أمر أو عدة أمور، وذلك لمدة طويلة من الوقت، وله نوعان:

  • الطبيعي: ويكون مؤقتا لوجود قرار مهم أو مشكلة تحتاج حلا، وهذا النوع يمر به غالب الناس.. كقرار العمل أو الزواج أو اختيار التخصص.
  • غير الطبيعي: هو التفكير في عدة أمور، مثل استرجاع أحداث ماضية وتحليلها وتأنيب الذات حولها والندم أو القلق من المستقبل وما سيحدث فيه.

هل للتفكير الزائد أعراض معينة؟

بطبيعة الحال نلاحظ بشدة التالي:

  • نقص التركيز في كل ما يقوم به من يعاني من فرط التفكير.
  • مشاكل في النوم، حيث يردد الغالبية: جسدي نائم لكن أحس أن عقلي لا يهدأ.
  • الندم والتأنيب المستمر لمواقف ماضية محرجة.
  • عدم الاستمتاع بأي عمل أو مناسبة، وذلك للانشغال التام للعقل (حاضر بجسده غائب بعقله).
  • الإحساس بالقلق والخوف الدائم.
  • وجود أعراض جسدية متعددة.

 

 ما أسباب التفكير الزائد؟

  • نوع الشخصية: فكلما كانت شخصية الفرد تحليلية أو شخصية حساسة، كانت أكثر عرضة للتفكير الزائد. كما أن بيئة الشخص تؤثر جدا في ذلك، فكلما كانت البيئة تتمتع بالاستقلالية والمرونة في التعامل، نقص فرط التفكير، لأن الشخص المستقل المتمتع بحس المسؤولية ينجز ويفعل أكثر مما يفكر، والعكس صحيح، أي البيئة المنغلقة غالبا أفرادها يحتاجون للتفكير بشكل أكبر في كل أمر.
  • الصدمات السابقة: إذا ما لم يتم التكفل بها بشكل صحيح، تصبح مثل مرجعية يلجأ لها الفرد كلما مر بتجربة مشابهة، فيطيل التفكير ويحلل من كل الجوانب تجنبا لتكرار الموقف.
  • التوقعات العالية: هناك أشخاص يضعون توقعات عالية للمستقبل، ويحاولون بكل الطرق وضع خطة أو إيجاد حل للوصول لها، مما يجعلهم يدمنون التفكير.
  • المثالية المفرطة: البعض يسعى لتكون حياته وردوده وشكله مثاليا جدا، فتراه يفكر قبل كل موعد أو مناسبة بشكل جنوني، لتجنب أي موقف محرج يهز الصورة المثالية المرسومة.
  • وجود بعض الاضطرابات النفسية، كالقلق والخوف أو الوسواس القهري وغيرها.

 هل لإدمان التفكير آثار مضرة؟

بالتأكيد، بل تتعدد تأثيراته على الجانب النفسي والجسدي للإنسان، فعلى سبيل المثال نجد:

  • التأثيرات النفسية: كالخوف والأرق، إضافة لنقص التركيز والشعور بالملل وعدم الاستمتاع بالحياة.
  • التأثيرات الجسدية:
  1. اضطرابات الهضم، كالقولون العصبي ونقص الشهية وأمراض القلب والضغط.
  2. أمراض جلدية: كحب الشباب، والحكة.
  3. أمراض المناعة، بسب إفراز هرمون القلق (الكورتيزول).
  4. اضطرابات النوم، كالأرق أو كثرة النوم.

 

ما العلاجات المقترحة من المختصين في المجال و ما توصياتكم؟

في الحقيقة، تتعدد العلاجات، لكن من أهم الطرق:

  • تحديد المواضيع أو الأمور التي يتم التفكير فيها بشدة، والتعامل معها وتقبلها، فإن كانت تخص الماضي فيجب التصالح وتقبل ما مضى بتسامح وغفران للذات وللآخرين، بعيدا عن اللوم والندم، بل استخلاص الدروس وتقبل أن الخطأ سمة بشرية. وأما إذا كانت تخص المستقبل، فعلى الشخص ترك المستقبل لحين قدومه، والتهيؤ له بعيش الحاضر والسعي على حسب قدرته بمبدأ توكل لا تواكل.
  • حل كل المشاكل العالقة وعدم تركها حتى تتراكم وتتألم أكثر.
  • التذكر الدائم للأمور الإيجابية في الحياة، لأنه غالبا يتم التركيز على النواقص.
  • التدرب على توجيه عملية التفكير: بمعنى كل ما وجد الشخص نفسه يفرط بالتفكير، يوجه انتباهه وتركيزه لما يفعله الآن، وهي طريقة ناجعة مع التدريب المستمر عليها.
  • التدرب على تقنيات الاسترخاء والتأمل والكتابة التفريغية التي تحرر العقل من سموم الأفكار الكثيرة.
  • إشغال الذات بتنمية موهبة وممارستها، كما أن الرياضة -خاصة المشي- مفيدة جدا لتعديل المزاج.
  • التدرب على التفكير الإيجابي والابتعاد عن فكرة التحكم في مجريات الحياة كما يريد الإنسان، بل هناك مشيئة أكبر منا ومن تفكيرنا.
  • اللجوء إلى مختص: يبقى هذا الخيار من أفضل الحلول، لأنه يختصر عليك الوقت لوجود دعم وخطة علاجية من متخصص.

ومتى ما ارتفعت درجة التسليم والتقبل عند الإنسان لكل مجريات الحياة الماضية والقادمة، تحرر من فرط التفكير لتكون حياته أكثر مرونة ونجاحا.

وبعد تعرفك على فرط التفكير: هل أنت مصاب به؟ وإن كنت كذلك، فهل قررت اتخاذ خطوة حقيقية للعلاج؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.