شعار قسم مدونات

رسائل القلب في حب الأب

blogs الوالدين في الكبر
الحديث عن الأب أيضا له ذات الأهمية والمنزلة خصوصا وقد رزقني الله تعالى أبا عظيما توالت أفضاله علينا وعلى من حوله (مواقع التواصل الاجتماعي)

يتبارى العرب وما زالوا على مر العصور -جلهم أو أكثرهم- في الحديث عن فضل آبائهم وأمهاتهم، ويتداولون الأشعار في مدحهم والتغزل بهم، ووالله ما أوفوهم حقهم ولا معشار عطائهم.

وتوالى جل المديح وأكثره عن فضل الأم والأمومة وعطائها، وهو والله فضل عظيم لا مراء فيه، وصدق فيه قول الشاعر المعري مبينا فضل الأم على الأب:

وأعطِ أباكَ النِّصفَ حياً ومَيتا

وفضِّل عليهِ مِن كَرامَتِها الأمَّا

أقلَّكَ خِفّاً إذ أقَلَّتكَ مُثْقِلاً

وأرضَعت الحوْلينِ واحتَملَتْ تِمّا

وألقَتكَ عن جَهدٍ وألقاكَ لذّةً

وضمَّتْ وشمَّتْ مِثلَما ضَمَّ أو شَمَّا

لكن الحديث عن الأب أيضا له ذات الأهمية والمنزلة، خصوصا وقد رزقني الله تعالى أبا عظيما توالت أفضاله علينا وعلى من حوله حفظه الله.

وصدق الشاعر محمود سامي البارودي في قوله:

وأنتَ ابنهُ، والفرعُ يتبعُ أصلهُ

ومَا مِنْكُمَا إِلّا جَوَادُ رِهَانِ

هوَ الأولُ السَّبَّاقُ في كُلَّ حلبةٍ

وأنتَ لهُ دونَ البريةِ ثاني

سيرة طيبة

رزقني الله تعالى أبا سهل المعشر، محبا للخير، قليل التشكي، عظيم الهمة، وهو والله طيب القلب معطاء سخي في غير سرف.

كان شعلة من نشاط، كثير الحركة، ساعيا في قضاء حاجات غيره في صبر وجلد، دون مَنٍّ ولا أذى، وقد شببت على حب تلك الخصال، فشربتها بالفعل لا بالقول والتلقين، ورأيت أثرها كثيرا في حياتي، فعزمت قاصدا أن أتشبه بخصاله تلك ما استطعت، راجيا أن يجعل الله ثواب ذلك في ميزانه قبل ميزاني، وأن يُشهد علينا خيار خلقه بمحبته ورضوانه.

كان -شفاه الله- أحب أبناء جدتي إليها وألينهم جانبا وأكثرهم محبة في قلوب إخوته، فما كان من نزاع أو اختلاف بينهم إلا كان محبوبا من طرفيه، وكان أكثرهم تنازلا عن حقه إرضاء لأمه وسعيا إلى لمّ شمل عائلته.

مرض وصبر

توالت الأيام والسنون وقضى الله على أبي المرض فصبر ولم يجزع، ورضي ولم نجد له شكاية أو تأففا، فتداعى إليه محبوه في محنته ملفتين حوله داعين له شادين من أزره أن يمن الله عليه بالعافية والستر فكانت نعم السلوى.

تتتابع الاتصالات كل حين عليّ تسأل عن حاله وما آل إليه مرضه، وتنهمر الدعوات له بالصحة والعافية، فأجد لذلك راحة في صدري، وأتمنى أن يرزقني الله صحبة تتذكرني مثله بالدعاء كل حين.

فراق ومحبة

شاءت الأقدار يا أبتِ أن تقضي علينا بالتنائي بعد جمع، والفراق بعد لقاء، وقد تباعدت منا المسافات، لكن القلوب حاضرة والشوق متقد لا يفتر، وقد صرت أبا مثلك يعي جيدا هذا الشعور وتلك العاطفة، ولم أجد أدق وصفا غير شعر الأميري حين أنشد قائلا:

حتَّى إذا سَاروا وقَدْ نزعوا مِن أضلُعي قلباً بهم يجبُ

ألفيتني كالطِّفلِ عَاطِفةً فإذا بِه كالغَيثِ يَنسَكِبُ

قَد يَعجَبُ العُذالُ مِن رَجلٍ يَبكي، ولَو لَم أبكِ فالعَجَبُ!!

هيهات مَا كُلُّ البُكا خَورٌ؛ إني وبي عَزمُ الرِّجالِ أبُ!

أسأل الله تعالى يا أبتِ أن يمن عليك بنعمة العافية والستر، وأن يطيل عمرك ويحسن عملك، وأن يجعلك دوما نور دارنا الصغيرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.