شعار قسم مدونات

ماذا لو اختفى رغيف العيش من على سفرة المصريين؟

epa03615243 An Egyptian man carries a wood rack full of bread on his head on a bike, to distributed it to customers in Cairo, Egypt, 08 March 2013. Media reports state on 08 March, President for Foreign Relations Khaled Qazaz on a visit in Washington DC, said the IMF loan to Egypt will soon be announced which the government hopes it could alleviate the ailing economy. EPA/KHALED ELFIQI

يشعر المصريين في هذه الأيام بحزن شديد جراء بعض القرارات التي اتخذها السيسي من زيادة أسعار تذاكر المترو وبعض السلع الأخرى وزيادة ضرائب الاتصالات وغيرها من الزيادات التي يتم تقريرها كل فترة قصيرة، والحق أن هذا الشعور بالحزن العميق ليس بجديد على المصريين، فهو مصاحب لهم من سنوات ليست بالقليلة، لعلها تعدل فترتين رئاسيتين أو أقل قليلا، بيد أن الضربة القاضية والقاصمة والتي ساهمت في نشر هذا المناخ الكئيب هي تقليل وزن رغيف العيش (الخبز) من 110 جرام إلى 90 جراماً. وبمصاحبة هذا الأمر دعونا نتخيل ماذا سيحدث لو اختفى رغيف العيش (الخبز) من على سفرة المصريين أو حتى طبليتهم على اختلاف طبقاتهم، ولعله أمر غير متخيل لأن الخبز هو زينة السفرة عند المصريين، ولكن فلنتخيل الأمر ونرى.

 

أولا: هل يُعقل أن تأكل الفول بالملعقة؟ هل يمكن أن تتقبل أن يُقدم لك طبق الفول بدون خبز؟ ثم ماذا ستشعر حبات الفول داخل الصحن وهي تُسحب بغير الطريقة التي اعتادت أن تُسحب بها في كل مرة وهن اللائي كن تتصارعن مع بعضهن البعض لتدخل داخل لقيمة الخبز وكأنه الغطاء الحرير الذي يحميهن من البرد؟ أكاد أشفق على حبات الفول من هذا الشعور بالاغتراب.

 

ثانياً: عند اختفاء الخبز من على سفرة المصريين ستكون فرصة لن تتكرر للأرز لكي يستبد وينفرد بالطبيخ، فالبامية التي كانت تتأمع وتقف في كامل زينتها داخل صحنها وهي تسلب لُب من يأكلها وتجعله في حيرة من أمره، هل يأكل البامية بالأرز أم بالخبز؟ فتارة يأكلها بهذا وتارة يأكلها بذاك، وبعد أن كانت البامية تُحمل حملاً على كفوف راحة لقمة العيش، أصبحت الآن تُحمل على الملعقة لتصبح دخيلة على طبق الأرز ليختلطا ببعضهما البعض في استعداد للأكل، الآن قد أصبح الأرز هو بطل السفرة الأوحد وليس للبامية فحسب، فقس على ذلك الملوخية والبازلاء والفاصوليا واللوبيا وكل من كان فيه رمق من مرق.

 

ثالثاً: باختفاء الخبز ستنقرض بعض الأكلات المرتبطة به وجدانياً ولنقل أنهم في شراكة مع بعضهم البعض وقد سموا منتجهم باسم جديد، ومثال ذلك الشاورما والفتة والحواوشي، فستختفي هذه الأكلات ويندثر معها الاسم إلى الأبد.

رابعاً: إذا اختفى الخبز، ستبحث (الجبنة) على عمل آخر، فهي لا تؤكل بالملعقة كسابقاتها ولا هي كانت في شراكة مع الخبز فتأخذ نصيبها من الشركة لتصنع أكلة جديدة، فبدون الخبز ستصبح (الجبنة) أي شيء عدا أنها تؤكل، ربما تجد ضالتها كمعجون لسد تشققات الجدران والحوائط…. وبالتوفيق لكل أنواع الجبن .

 

خامساً: إذا اختفى الخبز، فستتضرر بعض الحيوانات أيضا جراء هذا الاختفاء، فمصطلح (ودن القطة) الذي كنا نتغنى به دائما ونعلم الناس به كيفية أكل الملوخية، هذا المصطلح إذا اختفى الخبز سيختفي للأبد من تراثنا وحينها تصبح (ودن القطة) لا قيمة لها في التشبيه وضرب المثل مثلها مثل أنف القطة وفم القطة، مجرد حاسة من الحواس.

 

كذلك البط سوف يُحرم من وجبته المميزة (العيش في الماء)، وستختفي هذه الوجبة من على سفرته تماما كما اختفى الخبز من على سفرة المصريين، لعل المثل المصري الدارج (يا واكل قوتي يا ناوي على موتي) هو أقرب وأفضل تعبير لهذه الحالة، فقد أكل السيسي قوت المصريين بعد أن نوى وعزم وأصر ولم يبق سوى أن نترحم عليهم.

رحم الله مصر وشعبها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.