شعار قسم مدونات

عبد الحق نوري.. أسطورة يافعة أبكت العالم

هذا عبد الحق نوري، اللاعب الهولندي الشاب ذي الأصول المغربية والناشط في نادي أياكس أمستردام، لعل عشاق الساحرة المستديرة يتفقون في تشبيهه بالأسطورة يوهان كرويف، نجم الفنيات الكروية والسحر التهديفي الذي يسرق أبصار المشاهدين.

 

لكن الأهم هو ما حصده هذا اللاعب ذي العشرين ربيعا فقط من عجابات وتصفيقات حارة، ومستقبل واعد بنجومية لا يمكن التكهن بحدودها. لاعب الوسط المهاجم كان من بين اكتشافات المدرب الحالي لأكابر الفريق ايريك تان هاغ سنة 2010 إلى جانب ماتييس دي ليخت وفرانكي دي يونغ ودوني فان دي بيك وغيرهم، ليشكل بهم فريقا من النجوم الشباب وليمثلوا نخبة الموهوبين في منتخب أقل من 21 سنة في هولندا.

 

كان ذلك قبل أن تحدث الكارثة التي حملت السيناريو الأسوء لعائلة عبد الحق، في صيف عام 2017، وخلال مباراة أياكس الودية ضد فريق فيردر بريمن، انهار اللاعب الصغير على أرضية الملعب مصابا بنوبة قلبية حادة. اضطر الحكم لإيقاف المباراة ثم إلغائها بعد أن تم علاج اللاعب بتجهيزات فورية وسريعة على أرضية الملعب، ثم نقله بطائرة هيليكوبتر إلى مستشفى أمستردام، أين تم تشخيص إصابته بتلف دائم في الدماغ بسبب نقص الأكسجين المرتبط بالمخ، أصبح عبد الحق نوري مقيما في مستشفى أمستردام، عاجزا عن الحركة أو الكلام، بعد غيبوبة دامت لأكثر من سنة ونصف، وهنا توقفت مسيرة موهبة كروية ساحرة ومميزة قبل أن تبدأ حتى.

نوري لاقى العديد من ردات الفعل الجماهيرية من حول العالم المتضامنة مع اللاعب وعائلته، كما وقفت جميع الدوريات والدول احتراما لهذا الصغير الذي بات يعاني من العجز الأبدي. كما كانت لقصته الحزينة أصداء عاتية في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، أين تضامنت معه شخصيات رياضية مشهورة وغير رياضية، من الساحة الفنية أو العلمية أو غيرها.

 

كل العالم وقف لأجل هذه الموهبة اليافعة التي لم تشأ الأقدار لها بأن تسطع في سماء العالم، وتبحر بين أمواج عالم النجومية والنجاح. كل البشر توحدوا خلف القدر لإلقاء تحية احترام لعبد الحق نوري، الذي نال شهرة غير متوقعة إزاء الرغبة الإلهية. ويجدر بالذكر أن فريق أياكس أمستردام – على الرغم من الحادثة – كان قد قام بتسجيل عبد الحق في الفريق الأول موسم 2018-2017.

 

كما تم إهداء بطولة 2019 للدوري لعائلة هذا اللاعب، وتسمية جائزة أفضل لاعب باسمه ليسلمها أبوه نيابة عنه في كل شهر في حفل حميمي بالأكاديمية الرياضية في أمستردام. إضافة إلى أن بلدية غوزينفيلد – أين تقيم عائلة نوري – قد قامت بتغيير اسم الساحة الرياضية من نايجل دي يونغ إلى ساحة عبد الحق نوري تكريما له ولموهبته التي – وإن لم نر منها إلا قبسا – ستبقى خالدة بأذهان محبي كرة القدم إلى الأبد.

 

عبد الحق نوري الهولندي المغربي المتدين، أفضل هداف لمنتخب هولندا تحت تسعة عشر عاما، أصغر لاعب يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الهولندي الدرجة الثانية، الفائز بجائزة أفضل لاعب في بطولة كأس المستقبل، المختار ضمن أفضل تشكيلة في بطولة أمم أوروبا تحت تسعة عشر عاما، هو أسطورة شابة ستبقى جزءا من ذاكرة الساحرة المستديرة.

 

ابق قويا، "آبي"!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.