شعار قسم مدونات

لماذا تعشق صواريخ الحوثي الرياض أكثر من دبي؟

الهجوم على أرامكو بالسعودية.. الحوثيون يتبنونه والرياض تتهم طهران

تُرِك هذا السؤال في فضاء الحرب اليمنية، وعُقِدت من خلاله حَلقات تحليلية، ونقاشات – جدلية بيزنطية – لمحاولة فكفكة لغز البحث عن إجابة شيء مفقود يتشابه غموضه تشابه "مثلث برمودا العجيب" مراكز دراسات، وأبحاث تُحاول ضرب هذا السؤال بنظرية صاروخية جيوعقلانية! لو كُثّفت هذه الجهود الاستكشافيٌة لعلاج فيروس كورونا لكان أضمن لهذه المراكز بدلاً من الهراء السياسي الذي يخرج بقليل من التناقٌضات التحلِيلية، التي لا تزيد إلا سلسلة من طرح الاسئلة المجهولة، التي تُعقّد من يبحث عن رؤية المشهد السياسي بالطريقة التي يُفكر بها اللاعبون الدّوليّون والإقليميون، وتَوجهات نوايا الأطراف المحلية في الحرب لا بالطريقة التي يُفكر فيها عامة، الناس التي تُحاول التحليل بطريقة تمتاز بالسماجة والسذاجة، أقرب منها لإثارة الضحك والسخرية.

 

لم يكن هذا العنوان ابتزاز لعقل القارئ كما يبتز الحوثي السعودية، أكثر مما هو محاولات بث هجمات تحليلية في العمق السياسي، كما يلعب الدور الحوثي هجمات تكتيكية عند ضرب العمق العسكري لتترتب أوراقه السياسية على الأرض ليكسب المعركة إعلاميًا، ويبعثر النفسية القتالية للرياض وأدنى منها لشرعية الرئيس هادي.

مشهد حقيقي أم كوميديا سوداء؟؟

"المشهد السياسي اليمني" أو "الدراما التحالفية" إن صح التعبير كانت تخفي ملامح لقطات أشبه بالألغام التي زرعها الحوثي على ساحات القتال، وكأنه يزرع أشجار نخيل ليقطف ثمارها في مستقبل أيامه، وتصريح ذلك الذي يسمي نفسه ناشطًا حقوقياً – وهو أجهل من أن يكون كذلك – يقول: "إن إنتاج الألغام الأرضية يصنعها الحوثيون محلياً". وربما كان هذا هو التقدم التكنولوجي لدى الجماعة الذي سيبهر به أعين العالم.. لقطات مشاهد التحالف على الأرض كانت أخفى وأغمض من ألغام الحوثي، كانت ألغام سياسية تكتكية استراتيجية تتحرك على الأرض تحرك السلحفاة بلباس ثعلب يحاول أن يزرد (يبتلع) بفمه الصغير تاريخ اليمن؛ على حد تعبير قبيلي من قبائل اليمن البسطاء.

 بارود الحوثي يعشق الرياض فقط؟!

تَسارُع تحركات النظام الإماراتي للتقارب مع إيران بمعزل عن السعودية، أبرَزَ مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” [1] بتاريخ2019 عن تسارع تحركات النظام الإماراتي للتقارب مع إيران بمعزل عن حليفته المملكة العربية السعودية، وسبق أن كشف المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية "أمير موسوي" في حوار مع موقع "فرارو" [2] الإيراني، عن زيارات إماراتية متكررة إلى طهران وتقارب متواصل بين البلدين؛ زعم أمير موسوي أن أبوظبي "تعلم أن أي حركة صغيرة ضد إيران ستؤدي إلى انهيار منشآت وأمن هذه الدولة الزجاجية" على حد وصفه.

 

لم يكن من تفكيري لهذه التدوينة أن أحشوها بمصادر إخبارية، غير أن اقتصاري كان على جزء بسيط مما هو منشور في فضائيات الإعلام، وما هو مستور في أروقة ودهاليز السياسة، إلا أنه يجب على القارئ الكريم أنّ يعلم أن الإمارات ستمد يدها للشيطان إذا اضطر الأمر، ناهيك عن عقد التحالفات مع إيران.نقل عن الأمين العام للأمم المتحدة بأنه قال: "تحالف مع كل شي، حتى إذا اضطررت تحالف مع الشيطان إن استطعت".

تحالف شيطاني؟

لم يكن الكلام الذي قد تلى هذا السطر اعتباطي وتحريضي، وقد يقول قائل من حقها أن تقيم علاقات مع من تريد، لماذا هذا العداء للإمارات؟ وإذا قُيّدت أيديها تقولون لماذا لا تمد يديها؟ وإذا مدت يديها لتتصالح مع عدوها تقولون لماذا هذه المصحلة؟ ما هذا التناقض! بئست هذه العقول. نعم نحن مع عقد المصالحات وفتح الأحضان لأن ذلك يوفر أكبر قدر ممكن من السلام للمنطقة، ويجنبها الدخول في أتون حروب وصراعات تشق صفوف المنطقة، وتوغر الحقد والغل بين أبناء شعوب المنطقة.

 

ولكن؟ وهذا الذي يجب أن نتنبه له كثيرا، هل هذا التصالح الإماراتي مع إيران جاء لمصلحة المنطقة برمتها ليوقف نزيف شلالات الدماء وبراكين الطائفية؟ ونحن نعلم أن شرارات الصراع في المنطقة العربية كانت بذور إيران تسبق هذه الحروب! وهل كان هذا التصالح فيه خير للحرب في اليمن من أن تتوقف؟ وهل كان هذا التصالح هو مساعدة حلفيتها السعودية من أجل إنقاذها من فاتورة الحرب التي تدفعها يوماً بعد يوم ونتائج هذه الحرب أصحبت غير نافعة لجميع الأطراف؟ التصالح الإماراتي كان خص بها خوفًا من غضب إيران إذا غضبت، وهو يعتبر ضوء أخضر ليستمر مافيا عبث الإمارات من جديد، وكذلك لكي تنجو الإمارات من استهداف ضربات الحوثي مما يجعل هذا التقارب الإماراتي شفاعةً عند الحوثي وغيظ لدى السعودية.

 

Houthi supporters hold a poster of the Lebanese Hezbollah leader, Hassan Nasrallah (L), and Houthi leader, Abdul-Malik al-Houthi (R), during a rally protesting Saudi-led military operations against positions held by the Houthis and their allies, in Sana’a, Yemen, 24 August 2015. According to local reports thousands of Houthi supporters have once again taken to the streets of Sana'a to protest ground and air operations carried out by a Saudi led coalition which have bolstered anti-Houthi groups leading to fierce clashes and the reversal of gains made by the Houthis in the south and centre of the impoverished nation now facing a looming humanitarian crisis as a direct result of the prolonged fighting of which civilians are the main victims.

سرد وقائع الهجمات؟

عندما نستعرض الهجمات الصاروخية لدى مليشيا الحوثي منذ بداية خوض وحل الحرب، وشعاره الذي رفعه بجوار صرخته التي فيها تضرعات الموت بأن الحرب هي ضد عدوان خارجي، إلا أن الحرب أضحت تمثل عكس ذلك تماماً فهي حرب وطنية يمينة، وإن كان الطرف الخارجي فيها ضليع أساسي إلا أننا ننظر لاتجاهات وإرهاصات الواقع بعيداً عن الأحلام الوردية التي أصبحت – سوقاً للشعارات في اليمن [3] – كما عبر عنها عبد الرحمن البيضاني في سبعينيات القرن الماضي في كتابه الذي حمل عنوانه السابق.

 

قبل الإجابة عن سؤالنا المعروض أعلى هذه التدوينة، وربما قد أجبنا عن بعضه في شذرات سابقة في هذا التدوينة، والنظر للسؤال يتحتم علينا أن ننظر لدور الإمارات الذي هو كالحرباء المتلونة تفتح قلبها لإيران وتمد يديها للرياض، تحارب عدو إيران في اليمن، وتحالف إيران على الضفة الثانية من البحر، تعاني من "شيزوفرينيا سياسية" تنفع نفسها، وتضر بحلفيها الإستراتيجي السعودية أكثر من ضرر عداء إيران لها، وكم كان صادقاً ونستون تشرشل عندما قال: "في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة".

 

في حوار متلفز للسيد حسن نصر الله يعود بتاريخ 2019 [4] فيه يقول: "يجب على الإمارات أن تدرك بأنها عبارة عن مباني زجاجية".وكذلك ألقى عبد الملك الحوثي [5] خطاباً في نفس العام في خطابه الذي أعقب إعلان الإمارات خروج قواتها واستبدلتها بإعادة الإنتشار قالها بصريح العبارة: "ننصح الإمارات ونتوعد السعودية وما الإمارات إلا عبارة عن ركام زجاجي سريع الإنهيار".

 

وفي نفس العام خرج محمد البخيتي في لقاء له عبر شاشات البي البي سي البريطانية يستخف بالإمارات وبصاروخ واحد "تتساوى نطحاتها بتراب الأرض". وقبل ثلاثة أيام من إعلان الحوثي استهداف أجزاء حيوية من نجران وعسير، وكذلك الرياض كان من نصيبها إحدى هذه الهجمات. أطل علينا صحفي يدعى حسين البخيتي عبر قناة الجزيرة [6] في تغطية خاصة لحدث الاستهداف، وكان من ضمن الأسئلة عندما سألته مذيعة البرنامج "لماذا التركيز على الرياض أكثر من دبي؟" أجاب كما يجب أن يجيب وكما أجاب سابقوه: "بأن الإمارات زجاجة لن تصمد سريعة الانكسار".

People inspect the wreckage of a drone aircraft that Houthis say they shot down near the northwestern city of Saada, Yemen April 19, 2019. REUTERS/Naif Rahma

لماذا الخوف على هذه الزجاجة؟

الخوف على زجاج أبنية الإمارات كان خوفًا اقتصاديًا نشر المعهد الدولي للإحصاء "ايليا" [7]، احصائيات حول التجارة الإيرانية وحلفائها الرئيسيين في العالم، وجاءت دولة الإمارات في المرتبة الثانية عاليما والأولى عربيًا كحليف تجاري رئيسي للصادرات والواردات الإيرانية.

خلاصة قولنا

· إن أيّ صاروخ سيتم إطلاقه من الأراضي اليمنية على وجهات زجاجات دبي الاقتصادية ستتضرر إيران، وربما يصادف الصاروخ شركة استثمار إيرانية… على الرياض أن تفكر بالاستثمار مع إيران، وقد كان صادقاً عندما قال نيسلون مانديلا: "لنصنع السلام مع عدو لابد من العمل مع العدو، وهذا العدو يصبح شريك".

 

· التصالحات بين أبو ظبي وطهران جعل دبي تعيش حالة من الأمان، وجعلها تعيث أكثر في الأرض بسلامها الإيراني التي ربما السعودية بحاجة إليه أكثر من الإمارات لأن الثانية محصنه بالاستثمار الإيراني.

 

· وأما الأولى فهي متجردة من أي تحصينات، وهذا ما يجعل الحوثي يكثف ضرباته حتى تعلن الرياض المصالحات مع طهران، كما سابقت بذلك أختها الإمارات، وكما يقول الدكتور فيصل القاسم بلكنته الشامية: "حلال على الإمارات وحرام على الرياض".

 

· مافيا الإمارات لدى المجلس الانتقالي في جنوب اليمن تساعد الحوثي في تقسيم ما تبقى من قميص شرعية هادي، وتقوض سلطة الدولة، وتستهلك الشرعية في معارك جانبية تجعل الحوثي يتريث قليلاً في ضرب الإمارات لأنها تخدمه في الجنوب من زاوية زعزعة الأمان، فهو يفضل بقاءها وعدم إزعاجها والتضيق عليها.

 

· يدرك الحوثي أن الضربات التي ستتوجه صوب الإمارات لن تجدي تقدمًا في الساحة السياسية، فهو يفضل الرياض كونها خصم سياسي تاريخي، وكون الضغط على الرياض بهذه الهجمات لأنها تملك على عاتقها ملف شرعية هادي عكس الإمارات.

 

· الاستهانة بدولة الإمارات وتشباهها بالزجاجة القابلة للكسر تجعل نرجسية الحوثي لأنه قد لبس نظارة التميز من يقصف ومن لا يقصف.

ختاما..

يستخدم الحوثي مقولة الراحل جمال عبد الناصر: "إننا لا ننهمك في النظريات بحثاً عن الواقع، لكننا ننهمك في الواقع بحثاً عن النظريات"، وهذا الذي يجب أن تكون عليه السعودية، ولكنها تحاول الخروج من عنق زجاجة الحوثي الذي لا مفر منها إلا بسلام، وما عدا ذلك سيجعل الحوثي النظام السعودي يرى النجوم في عز الظهر كما يقول المثل العربي ……….؟؟

==========================================================

المصادر

1. http://emasc-uae.com/news/view/16060.

2. https://m.al-sharq.com/article/12/06/2017/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D9%84%D8%.

3. /news/politics/2019/8/4/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86.

4. https://yemenarchive.com/souqshaarat.html.

5. https://www.youtube.com/watch?v=fp3eNQOiogM.

6. https://www.alaraby.co.uk/politics/2019/7/14/%D9%87%D9%84-%D9%82%D8%B1%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D8%B7%D9%87%D8%B1.

7. نصر الله يهدد الإمارات . 13 7, 2019.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.