شعار قسم مدونات

كيف استطاعت الصين الانتصار على فيروس كورونا؟

blogs كورونا

عين فيروس كورونا على مدينة ووهان الصينية، وعيون كثيرين على طريقة إدارة الأزمة بأقل الأضرار في الأرواح والاقتصاد، هب فيروس كورونا حيث حصد الآف الضحايا في جل مدينة ووهان وذلك قبل أن ينتقل إلى تايلاند ومنها إلى باقي أصقاع العالم، لتبدأ الأمم تنأى عن بعضها البعض، وتغلق حدود ومطارات ومدارس وجامعات وتعزل مدن وفي المدن بيوت وفي البيوت يدخل كل فرد في فرديته. بعد أن حصد وفيات عددت بعشرات الآلاف. إلا الإرادة على الانتصار على العدو الخفي، كان يمكن حدوث الأسوء لو لم تصر السلطات الصينية على الدعوة لإلزام ملايين الناس في بيوتهم حول مدينة ووهان ومدن صينية أخرى. حتى تحولت الصين إلى أكبر حجر صحي في تاريخ البشرية، وحتى الموظفين أصبحوا يعملون عن بعد، في أداء وظائفهم حيث تحولت مدن بأكملها إلى مدن أشباح.

في ظل الصرامة في إلزام الناس مساكنهم حتى انتهاء كابوس فيروس كورونا. أعلن الرئيس الصيني تشي حالة الطوارئ في ووهان إجراء سيتيح الحد من انتشار الفيروس. كما استعانت الصين بمتطوعين لإيصال الدواء والطعام والشراب إلى ملايين الناس في بيوتهم، وتم نقل المئات من أعضاء الفرق العسكرية الطبية مع الإمدادات للمدن الموبوءة، مع تحول مرافق عامة و فنادق إلى مستشفيات، ناهيك عن بناء أربعة عشر مستشفى جديد خلال أسابيع فقط أحدهم بني في عشرة أيام لسعة تصل إلى ألف سرير. كما اعتمدت روبوتات لإيصال الطعام ورش المعقمات والقيام بالفحص الأولي، واستخدام طائرات مسيرة لأخذ العينات الطبية ولأخذ صور حرارية. مع تطبيقات الهواتف المخصصة لرصد صحة الأفراد، وتصنيفهم إلى ثلاثة ألوان مختلفة الأحمر والأخضر والأصفر والنتيجة تراجع عدد الإصابات إلى مستويات قياسية. حتى أصبحت الصين لم تسجل فيها إلا بضع إصابات في اليوم الواحد، هذا كله ناهيك عن عدم تسجيل أية حالة وفاة لمدة أسبوعين متتاليين.

الصين الآن بصدد إرجاع الحالة إلى سابق عهدها. هنا تساءل كثيرون ماذا سيكون المشهد لو كان فيروس كورونا سبق وأن ضرب إحدى دول العالم الثالث؟ هل سيتجاوزه كما تجاوز الملاريا وإيبولا؟ أم ربما البلد ومن فيه في خبر كان

قدر البعض حجم الخسائر الاقتصادية حتى الآن بمليارات الدولارات بسبب هذا الفيروس. ولسان حالهم يقول أن الآن قلقون على الأرواح لا بشأن التكلفة. وفق إحصائيات رسمية فإن أكثر من اثنين وثمانين ألفا أصيبوا فيما قتل أكثر من أربعة آلاف، وأكثر من سبعة وسبعين ألفا تماثلوا للشفاء. حتى أعلنت السلطات الإدارية في العاصمة بيجين عن بدأ افتتاح بعض الحدائق العامة أمام المواطنين مع احترام التعليمات الصحية واتخاذ الإجراءات التي أوصت بها السلطات في عموم البلاد. هذا كله مع عمل المختبرات الصينينة بشكل دائم منذ ظهور الفيروس سباق لإيجاد لقاح لردعه. حتى وصلت إلى حد إجراء تجارب سريرية لعدد من المتطوعين في البلاد. كل الإجراءات الإحترازية التي اتخذت نجحت بشكل أو بآخر في الحد من انتشار الوباء لإنقاذ أرواح الملايين.

في الصين بؤرة فيروس كورونا لن يترك شيء الصدفة والإرتجال أو تحميل القدر مسبقا مصائب الوباء، فالصين أعتمدت استراتيجية القوة الفضة التي تعد أضخم تجربة صحية في التاريخ الإنساني، حتى المناطق التي تحولت إلى مدن أشباح تسير فيها الشرطة وبعضا من قوات الجيش دوريات لمراقبة المخالفين لحظر التجول. الصين الآن بصدد إرجاع الحالة إلى سابق عهدها. هنا تساءل كثيرون ماذا سيكون المشهد لو كان فيروس كورونا سبق وأن ضرب إحدى دول العالم الثالث؟ هل سيتجاوزه كما تجاوز الملاريا وإيبولا؟ أم ربما البلد ومن فيه في خبر كان.

إدارة الأزمات الناتجة عن مثل هذه الحالات ثقافة مفقودة في كثير من دول العالم. نجحت الصين في مواجهة عدو لا يرى بالعين المجردة وإنما بتكبيره لمرات في المجهر، ضرب ولاية في حجم دولة أو أكبر في أماكن أخرى من العالم، عندما تكون هناك إرادة ومؤسسات حقيقية تخطط لكل شيء حتى فيروس كورونا مقدور على المواجهة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.