شعار قسم مدونات

يا أبناء اليمن.. كفوا عن الاستهتار!

blogs كورونا

ذعر! يقال إن مرض كورونا قد سبب الذعر لدى الكثيرين، وأنّ ذلك الذعر رد فعل غير مرغوب، وله أضرار، ونتائج سلبية. وبما أن دولتنا إمكاناتها ضعيفة فكيف لنا أن نستقبل أخبار مخاوف أممية من انتشار المرض، وتسجيل حالات جديدة، بل ووفيات، ثمّ لا نشعر بالذعر، لا أعلم، لكن ما يظهر لي حقاً هو أننا فعلاً لم نصاب بالذعر! ولا حتى مؤشرات ذعر ولا بداية ذعر! بل كل ما أشاهده أمامي هو قلة احتراز ولا مبالة واستهتار وإنكار للمرض!

نحن هنا لا زلنا نصافح بعضنا البعض، ولازال بعضنا يقيم التجمعات، لازالت شوارعنا مزدحمة، وكذلك أسواقنا ومراكزنا التجارية، ولا زلنا نصلي التراويح في المساجد. حسناً، أنا لن أُلقي العتب على أولئك الذي خرجوا من البيوت إلى العمل، فالبقاء في المنزل ترف لا يملكونه، ولا على أولئك الذين خرجوا لشراء حاجياتهم ولا على طلاب العلم الذين اتخذوا من الشوارع مكان يذهبون إليه بدلاً من المدارس والجامعات التي أُغلقت، فبقائهم في بيوتهم الضيقة، الخالية من وسائل الترفيه، ضغط نفسي قد لا يحتملونه، ولا حتى على أولئك الباحثين عن القليل من الأكسجين أو ضوء الشمس ودفئها.

 

لكن كل اللوم ثم كل اللوم لمن هو مثل أولئك الرجال الذين رأيتهم يرفضون تعقيم أياديهم قبل دخولهم المتجر بعد أن طلب منهم الحارس ذلك، فاستهزأوا به، ومرّوا يتضاحكون، وأولئك الذين يستهزؤون بمن يرفض أن يصافحهم وينتقدونه لأنه يصدّق كلام الكفار، وأولئك الذين يصرون على إقامة التجمعات والمناسبات، وأولئك الذين يعطسون في الهواء، ناشرين رذاذ عطاسهم في كل مكان، وكأنّه لا ينبغي عليهم كبح فيروساتهم؛ فذلك تصرُّف سيء وإن لم توجد كورونا.

  

 undefined

 

دولة مثل دولتنا إمكانياتها ضعيفة، لن يكون من السهل عليها محاربة المرض والقضاء عليه، لذلك من الأفضل لنا منع انتشاره. لا أتحدث عن الجلوس في المنزل، لكن على الأقل الالتزام بتلك الأشياء التي في متناول الجميع: تجنّب الأماكن المزدحمة لغير الضرورة، غسل اليدين بالماء والصابون بشكل دائم أو تعقيمهما بالمطهرات الكحولية، تغطية الفم والأنف أثناء العطس، التوقف عن إقامة التجمعات وحضور مراسيم العزاء.

يبدو أننا نظن أنفسنا أبطالاً شجعان لا نخاف من المرض ولا من الموت! وتارة نظن أنفسنا مؤمنين أتقياء، يجعلنا إيماننا بالله نوقن بأنّ الله لن يدعه يصل إلينا! ناسيين أو جاهلين المعنى الحقيقي للشجاعة، فهل سنكون أشجع من سيدنا عمر بن الخطاب حين قال لأبو عبيدة: “نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ”قالها حين سأله أبو عبيدة قائلاً: “أفرارا من قدر الله؟” وذلك حين رأى سيدنا عمر ألا يدخل إلى الشام عندما سمع بنزول وباء الطاعون بها، سيدنا عمر رضي الله عنه يتقي المرض ولا يعتبر رفضه دخول دولة بها وباء منافي للشجاعة، أو قلة إيمان بالقضاء والقدر، ومن منّا أشجع من عمر وأكثر إيماناً بقضاء الله وقدره منه؟

أرجوكم، قضاء الله فوق كل شيء ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، فليس من الحكمة أن نرى ما يحدث في العالم ثمّ لا نحترز ولا نصدق ولا نبالي! نحمد الله أننا قد رأينا وقد سمعنا وقد وصلتنا كل الأحداث وكل أساليب الوقاية وكل وسائل الاحتراز. نحمد الله أنّ المرض لم يفاجئنا بغتة، بل وصل إلينا بعد أن شاهدنا ما يكفي عنه من معلومات وإحصاءات، وبما أنّ عدد الحالات المؤكدة إلى الآن لازالت قليلة، فمن الحكمة ألا نساعد في تضاعفها.

أن يهمل شخصاً اتباع اساليب الوقاية فهو لا يعرّض نفسه للمرض فقط، بل قد يعرض غيره للموت بسبب المساعدة على انتشار المرض وتمريره إلى أشخاص لن تحتمله أجسادهم؛ فلا تكن سبباً في موت شخص بسبب نقلك للفيروس. دع إعطاء نفسك حرية التصرّف هذه المرة ورفض إجراءات الوقاية من باب الاستهتار واللامبالاة وفكّر في كم حياة قد تذهب بسببك وكم شخص سيتأذى! ارجوكم حافظوا على سلامتكم وسلامة أهلكم وأفراد المجتمع الذي تعيشون فيه، فالمصائب التي جرّتها الحرب على المجتمع ليست بقليلة، فلا تزيدوا الوضع مأساوية وكفوا عن الاستهتار!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.