شعار قسم مدونات

كورونا يعيد العملات الرقمية للواجهة

blogs البتكوين

 

 

في ظل الظروف الاقتصادية التي يشهدها النظام المالي العالمي حالياً من تحول جذري بسبب انتشار فيروس كورونا ورفع تصنيف هذا الوباء إلى "جائحة" من قبل منظمة الصحة العالمية، وتزامناً مع تراجع أسعار الخام لمستويات متدنية، ومع اتخاذ الحكومات في شتى أنحاء العالم إجراءات لمحاولة الحد من انتشار الفيروس واحتوائه وإغلاق بعض الدول لحدودها، نجدها جميعاً مؤشرات تصب نحو بداية لركود اقتصادي شديد.

 

إن انتشار فيروس كورونا سرع من بداية الانهيار الاقتصادي، والذي من شأنه قد يسمح بتغيرات اقتصادية على مستوى العالم حيث أن العالم لم ينسى بعد حينما بدأت مؤشرات الحرب التجارية والتي ليست ببعيدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، مما ساهم في ارتفاع بأسعار العملات الرقمية كالـ(بيتكوين) حيث توجه المستثمرون الذين قد يخشون من قيمة الدولار الأمريكي أو اليوان عن البحث على عملة ذات ملاذ آمن فكان التوجه من قبلهم نحو عملة الـ(بيتكوين) والعملات الرقمية المشفرة بشكل عام.

 

وهنا شهدت العملات الرقمية كالـ"البيتكوين، إيثريوم، لايتكوين، والريبل" وغيرها من العملات اقبال شديد، فعادةً ما تكون الحروب الاقتصادية بيئة خصبة للإقبال على مثل هذه العملات بحيث يلجأ اليها البعض في مثل هذه الظروف؛ فهل مع تفشي فيروس كورونا ووصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية من شأنه ان يسمح بتوسيع القاعدة والشعبية لمثل هذه العملات الرقمية بحيث تأخذ حيز ومكانة في الاقتصاد العالمي والتبادل التجاري؟ وهل سوف تنجح العملات الرقمية بكسب قوة وقبول عالمي في ظل مثل هذه الظروف؟ خاصةً أن بداية انتشار هذه العملات الرقمية بشكل واسع كان بعد ظهور الأزمة المالية العالمية التي طرأت في عام 2008، حيث نشـأت عملة البيتكوين عقب تلك الأزمة.

 

هل يبقى الدولار محافظ على مكانته على الرغم مما نشأ وقد ينشأ بسبب هذه الجائحة؟ وهل سيتكرر ما حدث بالدولار خلال الأزمة المالية وأزمة الرهن العقاري عام 2008 عندما انهار الدولار ووصل إلى أدنى مستوياته وهبط أمام غالبية العملات العالمية، على الرغم من تأثر جميع دول العالم هذه المرة بهذه الجائحة؟ وهل سوف نشهد ولادة لعملة رقمية جديدة تكون مغطاة بسلة عملات وتحظى بقبول واسع؟ إذ لا ننسى أن الدولار يحتل تلك المكانة في الاقتصاد العالمي كونه العملة الرئيسية للتداول أو التبادل التجاري عالمياً. لكن هذا لا يعني ألا نتسأل انه هل يبقى الدولار محافظاً على قوته لا سيما أن العالم أجمع يمر بنفس الجائحة حيث تم تسجيل وحسب منظمة الصحة العالمية وحتى اللحظة ما يقارب الـ(938) ألف إصابة بالفيروس و(47) ألف وفاة.

midan - البتكوين

هنا نجد أن فرصة دخول عملة رقمية مغطاة بسلة عملات وتحت إشراف ورقابة جهات حكومية سوف يعزز الفرص بحيث سوف تكتسب هذه العملة الثقة والقبول الواسع، خاصةً أن الصين وبعد أن بدأت بالسيطرة على الجائحة التي كانت نقطة بداية انتشارها للعالم من أحد مقاطعاتها، وأنه يوجد توجه سابق نحو إصدار عملة رقمية رسمية مغطاة ويمكن تتبعها عن طريق محفظة إلكترونية لتتبع جرائم غسيل الأموال وتمويل الارهاب، والتي قد تُعد فكرة جيدة ستحمي أموال الأفراد، فهل سوف نشهد تطبيق هذه الفكرة على عملة رقمية بالقريب العاجل؟ وهل سوف تكون السباقة في هذا الطرح؟

 

نجد هنا أن مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لموقع فيس بوك الاجتماعي لم يفوت الفرصة حيث أعلن عن تأسيس جمعية كالبيرا وبعملتها الرقمية الخاصة "ليبرا" التي أثارت الجدل بعد إعلان زوكريبرغ لها، حيث كان من المفترض الإعلان عن توفرها في منتصف عام 2020، لكن وعلى ما يبدو انه يوجد تغيير في اسلوب طرحها خاصة بعد انسحاب عدد من الشركات الشريكة، وتصريح زوكريبرغ أن هدف العملة بأن تكون وسيلة للدفع أكثر من كونها عملة رقمية، لكن تكمن قوة العملة كما أُعلن أنها ستكون مستقرة ومرتبطة بسلة عملات مما يجعل لها شعبية وقبول واسع كوسيلة للدفع. لكن من جانب أخر وبعد انسحاب عدد من الشركات الشريكة، والضغوط التي تواجه هذه العملة من قبل الدول، والمصارف المركزية والتي دفعت بشركة فيسبوك وبزوكيربرغ إلى خفض طموحاتهم لمشروع العملة المشفرة. فهل سيتخلى الفيسبوك عن عملته المشفرة كونه لا يوجد موافقات من قبل المؤسسات المنظمة حتى الآن رغم تصريح زوكريبيرغ أن "العالم لم يعد ينتظر، فالصين تتحرك بسرعة لإطلاق فكرة مماثلة خلال الأشهر المقبلة"، وأن هذه العملة ستعزز القيادة المالية الأمريكية في جميع أنحاء العالم!

 

هذا ما لم نشهده حتى اللحظة منذ بدأ تفشي جائحة فيروس كورونا في معظم دول العالم، حيث قام ويقوم بشل الاقتصاد العالمي حتى اللحظة، والذي من شأنه أن يلخص لنا أنه لا يمكن الاعتماد على العملات الرقمية حتى اللحظة. فهل نرى فشل لهذه العملات الرقمية في أن تكون الملاذ الآمن؛ خاصةً مع هبوط أسعار الخام لتصبح أرخص من الماء! أم هل سنشهد في المستقبل القريب عملة رقمية منافسة للعملة التقليدية الدولار، بحيث تحظى بقبول واسع وتكون مغطاة بسلة من العملات للحفاظ على عدم تأثرها بمعدلات التضخم إلى نوعاً ما؛ وكونها مرتبطة بسلة من العملات وعلى خلاف العملة التقليدية "الدولار". وبحيث تكون مدارة من قبل جهات حكومية ورقابية قادرة على جمع معلومات عن متداوليها، وربط هوياتهم بمحافظ، مما يجعل تتبعهم غير مجهول بالكامل على عكس عملة البيتكوين!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.