شعار قسم مدونات

التعليم الإلكتروني.. الشكل الجديد لما بعد كورونا

BLOGS مواقع التواصل

أسهمت جائحة كورونا على تغير الكثير من الممارسات والسياسات والسلوكيات على مستوى الشعوب والدول ويمكن اعتبار التعليم هو أهم القطاعات الأكثر تأثرا بهذه الجائحة حيث إضطرت أغلب دول العالم على غلق مؤسساتها ومدارسها وجامعتها للحد من تفشي فيروس كورونا في العالم بحكم أن المؤسسات التربوية أكثر الأمكان إزدحاما في العالم وبالتالي الأكثر عرضت للإصابة بهذا الفيروس. ولهذا سعت دول العالم إلى البحث عن حلول لاستكمال المسار الدراسي والتعليمي للتلاميذ والطلبة ولم تجد إلا ألية أساسية ألا وهي منصات التعليم الإلكتروني وهنا بدأ الحديث عن هذا النوع رغم أنه ليس جديد ولكن لا بد أن نقف عند نقطة أساسية وهي تحديد ماهية التعليم عن بعد وهو تبادل النشاط المعرفي والتعليمي بين المعلم أو المصدر سواء كان مؤسسة أو هيئة والمتلقي سواء تلميذ أو طالب أو باحث أو متدرب من خلال مقرر محدد المحتوى سلفا ووفق برنامج زمني.

هذا ما هو متعارف عليه حول التعليم عن بعد وهو موجود من قبل لكن بصورته التقليدية حيث كانت تتم العملية عبر المراسلة أي إرسال مقررات الدراسية للطلبة والتلاميذ بعد إتمام إجراءات التسجيـل سواء عبر مؤسسات حكومية أو خاصة ويتم إمتحان الطلبة عبر الحضور أو عن طريق المراسلة وتمنح شهادة نجاح أو إثبات مستوى للمتعلم بعد إتمام المدة والمقرر ونجاحه في الإمتحان والعديد من الدول لها تجارب في هذا المجال والجزائر تبنت هذا النوع من خلال ما يعرف بالتعليم عن بعد او بالمراسلة وهو معتمد رسميا وأيضا نجد هذا النوع في التعليم التقني والمهني في بعض التخصصات كالإعلام الألي والصحافة وبعض التخصصات التي تتطلب تدريب وليس محاضرات، وأعتبر هذا التعليم كنوع من أنواع التعليم الذي يساعد ويعطي فرص لفئات كبيرة من المجتمع لتلقي التعليم وتطوير نفسها.

هناك صعوبات تواجه هذا النوع من التعليم وهو ضعف القدرات لدى التلاميذ والطلبة سواء ضعف شبكة الإنترنت أو غياب وسائل التكنولوجية الحديثة أو الإقامة في مناطق ضعيفة التغطية

لكن مع تقدم التكنولوجيا والتطور العلمي خاصة شبكات التواصل الاجتماعي استثمرت العديد من الجامعات في إنشاء مؤسسات افتراضية وهنا نتحدث عن مؤسسات جامعية افتراضية وليس مواقع إلكترونية للجامعة حيث تقوم هذه الجامعات الافتراضية بفتح دورات تعليمية للطلبة والتسجيل فيها وتلقي المحاضرات والدروس عبر أقراص مضغوطة أو إرسالها عبر الإيميل للطلبة وفق برنامج محدد وفي تخصصات معينة وتوجد العديد من الجامعات لها تجربة متميزة في هذا المجال ومعترف بها دوليا ومن هنا بدأ التعليم عن بعد يتغير وأصبح يعرف بالتعليم الإلكتروني أو الإفتراضي والذي مكن أن نعرفه بأنه التعليم الذي يعتمد على الوسائط التكنولوجية وتوظيف المعلوماتية لتحقيق التبادل المعرفي دون الحاجة للإلتقاء الواقعي واستخدام الحضور السمعي البصري اللحظي لكن لم يلقى إستقطابا كبيرا بحكم منافسة وركون الناس للتعليم التقليدي أو عبر الحضور.

ثم بدأت الأمور تتطور بشكل كبير من خلال دمج التعليم الإلكتروني مع التقليدي وإستحداث منصات تعليمية تقوم على توظيف هذه المنصات من خلال رصد المواد التعليمية وتحميل الكتب والمحاضرات والأهم التواصل بشكل مباشر من خلال استخدام بعض التطبيقات التي تتيح التواصل عبر الكاميرات بشكل أني ومتعدد أو ما يعرف أيضا بالإجتماعات عبر الحضور السمعي البصري وبالتالي تنتقل العملية التعليمية من القسم الى البيت ويصبح الأستاذ متاح والتلميذ متاح والدروس متاحة وهذا ما تقوم به الدول الأن من خلال الاستثمار في هذا المجال.

لكن هناك صعوبات تواجه هذا النوع من التعليم وهو ضعف القدرات لدى التلاميذ والطلبة سواء ضعف شبكة الإنترنت أو غياب وسائل التكنولوجية الحديثة أو الإقامة في مناطق ضعيفة التغطية إلى غير ذلك من الأسباب الموضوعية والتقنية وحسب قدرة كل دولة ومدى تحكم الأستاذ والطالب في تكنولوجيا التعليم الإلكتروني. وهنا إتجهت الدول والحكومات إلى تصور أخر كحل لمواجهة هذه المعضلة وهي تقديم الدروس والمحاضرات عبر القنوات الفضائية والتلفزيونية عبر حصص يتم تسجيلها وبثها وفق مستويات تعليمية تشرف عليها وزارة التربية في الغالب، لكن هذا النوع يفتقر إلى عنصر التفاعل الذي توفر التطبيقات الحديثة والمنصات التعليمية مما يجعل الأمر يتوقف على كفاءة الأستاذ في الشرح وتقديم المعلومة وعلى نوع التعليم المعتمد في كل دولة هل يعتمد على التلقين أم الإستنتاج والإستنباط.

من خلال المعطيات الحالية نجد أن التعليم عبر المنصات سيصبح له شأن كبير بل سيصبح أحد الركائز التي تقوم عليها العملية التعليمية لأنه يوفر مزايا كثيرة لأنه يوفر الوقت والجهد والمال ويسهل التعليم عبر التفاعل بين المتعلم والمعلم ويمكن من تجاوز عقبات عدم توفر المدارس والتكلفة لبناء مؤسسات تعليمية فالأمر يحتاج إلى كمبيوتر وإنترنت ولكن هذا لا يلغي التعليم الحضوري ولا غني عنه خاصة في العديد من التخصصات التقنية والطبية التي تحتاج إلى ممارسة التطبيق والتجريب من طرف المتعلم. ويبقى العلم والتعلم عملية إنسانية في المقام الأول تقوم على تبادل المعلومات والمعرفة وهذا بأي شكل من الأشكال سواء عبر الطريقة الكلاسيكية أو الإلكترونية المهم إبقاء العملية التعليمية مستمرة وكسب العلم مستمرا على الأرض.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.