شعار قسم مدونات

كيف تأثرت التجارة الإلكترونية في زمن الكورونا؟

blogs كورونا

تابعنا أحداث كورونا المستجد ومخلفاتها في الصين من شهر ديسمبر من العام الماضي، من إصابات ووفيات فكنا متفرجين إلى أن ظهرت أولى الحالات في أوروبا وإفريقيا وباقي العالم، فانتقلنا من المتفرج إلى المعايش للوضع بكل تفاصيله ورعبه وجبروته.. ابتدأ سيناريو كورونا المستجد في الصين وبالضبط في ووهان في أواخر العام الماضي، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بإصابة عشرات من الأشخاص في ووهان بنوع غير معروف من الإلتهاب الرئوي، وبعد عدة أيام قاموا بالتعرف على مسبب الخطر الجديد كورونا المستجد أو covid-19 أحد أفراد الفيروسات التاجية شديدة العدوى، والذي تفشى بسرعة كبيرة في الصين إلى أن وصل إلى كل العالم و عندها قامت منظمة الصحة العالمية بإعلان أن هناك جائحة.

لكن الأسئلة والاستفسارات كانت بسبب ظهوره، فهناك من يقول أنه بسبب أكل الخفافيش وآخرون يزعمون أنه تسرب من مختبر ووهان للأبحاث بسبب ضعف إجراءات الأمان، وهناك من يجزم أنه صُنع أساسا كسلاح بيولوجي!  فالسيطرة السريعة للصين على الفيروس وضعت الشك في نفوس العديد من الناس، خاصة مع انهيار الأنظمة الصحية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية واليابان تحت ضربات الفيروس، يجعل نظرية المؤامرة تعود للواجهة وخاصة مع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين!

فبعد أن خرجت الحكومة الصينية بتصريحات مثيرة للجدل تقول فيها أنها غير قادرة على السيطرة واحتواء الوضع، أدى إلى خوف المستثمرين الأوروبيين في الصين، فطرحوا أسهمهم للبيع واشترتها الصين كلها مما جعلها تحكم قبضتها على قطاعها الاقتصادي. لينتشر بعدها الڤيروس في العالم مسببا الهلع والخوف بالرغم من عدم خطورته مقارنة بالانفلونزا الموسمية إلا أن سرعة انتشاره تجعل منه خطيرا على اقتصاد أي دولة!

نجد أنه في ظل هذه الأوقات الصعبة التي يمر منها العالم، أن التجارة الإلكترونية تعد بصيص أمل للتجار من كل المجالات وباختلاف الثقافات، فالوضع يبشر بالخير كما ذكرنا في الكويت وفرنسا وأمريكا وغيرها

العالم قبل كورونا كان يقف على توازنات، هذه التوازنات مبنية على ثوابت اقتصادية وتحالفات استراتيجية معقدة، حيث أن من وضعوا هذه الثوابت لم يتصوروا واقعة بحجم كورونا، أو كان هذا أبعد من أن يكون في احتمالات القوى الاقتصادية وأغلب الدول، فحتى الأبناك المركزية أعتقد أنها لم تفكر سيأتي يوم وتتوقف عجلة الاقتصاد في جميع دول العالم في نفس الوقت إلى أجل غير مسمى، فهكذا سيناريو كان مستبعدا بل كان من الخيال العلمي، لأنه لم يوجد له شبيه أبدا في التاريخ الحديث، فحتى في الحرب العالمية كانت المصانع و بعض القطاعات تشتغل، ولم تتضرر حينها كل الدول..

لنفهم الوضعية الاقتصادية الحالية، فأغلب الدول قامت بتوقيف مؤقت لعجلة الاقتصاد، مركزة على وسائل الحماية التي تتطلب معايير سلامة وقائية ضرورية تقتضي التباعد الاجتماعي، وتركيزا على الجانب الصحي للقضاء على الجائحة من توفير معدات ومستشفيات وعدد كافي من أسرة الاستشفاء والعناية المركزة. ليس هذا فقط بل ستكون مضطرة أن تقوم بمساعدة المتضررين، من دفع إعانات ورواتب شهرية وإعفاء للشركات والمقاولات الصغرى من الضرائب، وتقديم حزمة مساعدات مادية مباشرة للشركات المتضررة من إقفال الأسواق العالمية ليس حبا فيها ولكن لتفادي انهيارها الذي سيسبب أزمة اقتصادية واجتماعية من جراء ارتفاع معدلات البطالة..

فالتجارة العالمية تلقت ضربة موجعة، وحالة أسواق الأسهم كارثية، وحتى الدول النفطية تعاني من انهيار سوق البترول! فنجد أنه حتى الدول العظمى تلقت الضربة من كورونا المستجد، فلا توجد أي دولة لديها القدرة المالية لتصرف على شعب بأكمله لمدة سنة، مما يؤدي بطبيعة الحال لأبغض الحلول وهو الاقتراض من البنك الدولي وصندوق النقد، ولا يخفى أن دول شمال أفريقيا وغيرها غارقة بسبب هذا المنقذ المهلك.

تأثير كورونا المستجد على التجارة الإلكترونية:

أصبح واضحا أن أسهم التجارة متقلبة ومتدهورة بسبب فيروس كورونا المستجد، ولهذا سنجد العديد من التجار يهرولون نحو التجارة عبر الإنترنت من أجل الحفاظ على أسهمهم ومجالهم التجاري ونجاحهم في السوق، فحسب منصة إكسباند كارت للتجارة الإلكترونية فالبيانات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة الأمريكية بخصوص التسوق عبر الأنترنت وتأثير فيروس كورونا على التجارة الإلكترونية والتجارة بشكل عام، تبين أنه من المتوقع زيادة نسبة التجارة عبر الأنترنت في هذا العام إلى 12٪؜ من السنة السابقة، وهذا بعد إحصاء مبدئي في ظل التطور المرعب لتأثير الڤيروس على العالم أجمع، لهذا يتوقع زيادة هذه النسبة بشكل كبير.

وحسب Sky News Arabia، فيروس كورونا المستجد ينعش التجارة الإلكترونية في الكويت، فقد ارتفع حجم التجارة الإلكترونية غي الكويت وانتعشت خدمة الطلبات الخارجية التي تعتبر السبيل الوحيد للتسوق والشراء، وذلك عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية. تقول رئيسة النادي العالمي للإعلام الإلكتروني هند الناهض أن حجم التجارة الإلكترونية في الكويت بلغ 1،1 مليار دولار. مع اتباع المزيد من الأفراد التعليمات الصحية للالتزام بالبيت، سوف يتجهون بشكل متزايد للتسوق عبر الأنترنت، فمن جهة ستكتسب التجارة الإلكترونية عملاء جدد من كبار السن الذين تعودوا على التسوق التقليدي عبر الأسواق والمحلات التجارية، ومن جهة ثانية شركات الشحن و التسليم ستعرف ازدهارا وتطورا.

وأيضا نجد أن أسهم المبيعات الخاصة بالتجارة الإلكترونية احتلت المراكز الأولى بالنسبة لتحقيق المبيعات والربح، خصوصا في مجال العناية الصحية مثل أقنعة الوجه، القفازات، والمعقمات وغيرها.. فقد ارتفعت نسبة أسهم المبيعات للأقنعة لـ 590٪؜، وأسهم مبيعات المطهر اليدوي لـ 420٪؜، والقفازات لـ 151٪؜، وصابون اليد لـ 33٪؜. ونحن نتحدث عن التجارة الإلكترونية لن ننسى عملاق التجارة الإلكترونية الأمريكية Amazon، فالفائز الأكبر في الأزمة الصحية حسب مواقع فرنسية وعالمية هو Amazon. فهذا الأخير يبحث لتوظيف 100000 موظف بدوام جزئي في جميع أنحاء العالم لمواجهة الطلب المتزايد للتسوق عبر الأنترنت. ففي تدوينة لجيف بيزوس يقول فيها: "نحن نشهد زيادة كبيرة في الطلب، مما يعني أن احتياجاتنا من الموظفين غير مسبوقة لهذا الوقت من العام". لكن على عكس Amazon لم يكن الفوز من نصيب موقع idvize الفرنسي للمنتجات الإستهلاكية الذي عرف انخفاضا، بسبب اندفاع الفرنسيين للمتاجر في منعكس للبقاء.

كخلاصة، نجد أنه في ظل هذه الأوقات الصعبة التي يمر منها العالم، أن التجارة الإلكترونية تعد بصيص أمل للتجار من كل المجالات وباختلاف الثقافات، فالوضع يبشر بالخير كما ذكرنا في الكويت وفرنسا وأمريكا وغيرها التي عرفت طفرة في التسوق الإلكتروني، فهذا النجاح يمكن أن يعتبر بوابة لمنعطف جديد للتجارة الإلكترونية في العالم حتى بعد فيروس كورونا. لم يتم اكتشاف لقاح ولا دواء لكورونا المستجد حتى الآن، لكن يمكن القول أن التجارة الإلكترونية قد تعتبر دواءً للعديد من الأسواق والمحلات التجارية والتي ستنقذها من الإفلاس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.