شعار قسم مدونات

بين حانا ومانا.. ووهان وماهان.. راح الإنسان!

blogs كورونا

لطالما رددنا مثلاً عربياً دارجاً في معظم إن لم نقل في كل الدول العربية بين حانا ومانا ضاعت لحانا، وقصة المثل العربي أن رجلاً كان متزوجاً من سيدتين الأولى حانا الصبية  التي لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً، والثانية مانا التي تعدّت الخمسين عاماً، وكان هذا الرجل حين يأوي إلى حانا تنزع شعرة بيضاء من لحيته بحجة أنه شاب، ولا يليق بك الشعر الأبيض، أما مانا فكان دورها نتف شعرة سوداء كل ليلة بحجة أنه رجل وقور ولا يليق به الشعر الأسود، وبعد فترة من الزمن نظر صاحبنا في المرآة فهاله ما رأى من فقدانه لشعر لحيته، فقال قولته المأثورة والتي ذهبت مثلاً بين حانا ومانا ضاعت لحانا..

 

اليوم الإنسان كله راح لكن بين واهان وماهان، فما قصة واهان وماهان، الأولى يعرفها الجميع وهي مدينة صينية مركز زلزال كورونا الذي عصف ولا يزال بالبشرية من أقصاها إلى أقصاها، ولا يزال هذا الفيروس الحقير يتفشى ويتفشى، وكثير من ضحاياه هم الأطباء والكادر الطبي، وربما هي المرة القليلة في تاريخ الأوبئة أن تصاب الكوادر الطبية بهذه الأعداد المفزعة موتاً وإصابة، أما ماهان فهي الخطوط الجوية الإيرانية التابعة لفيلق القدس الذي هو جزء من الحرس الثوري الإيراني والتي تتهم الآن بالمشتبه المباشر والرئيسي في نقل هذا الوباء من واهان إلى إيران ثم إلى خارج إيران بفعل عوامل السفر والتنقل الحر في العالم كله..

 

لكن الأخطر من هذا كله هو استمرار مثل هذه الرحلات إلى الدول التي تخضع اليوم للنفوذ الإيراني إن كان في العراق أو في سوريا ولبنان، وهو الأمر الذي يهدد بتفشي الفيروس في دول إما فاشلة وإما عاجزة عن مواجهة نكبات وأوبئة

بهرام بارسي عضو البرلمان الإيراني بحسب مجلة الفورين بوليسي التي كشفت القصة تحدث عن كون شركة الخطوط الجوية الإيرانية ماهان المشتبه الرئيسي في نقل الفيروس من بلدة واهان الصينية إلى إيران، وعلى الرغم من الحديث المبكر له عن هذا الأمر ثم حديث وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عن دور ماهان في العملية، وإعلان إدارة الطيران المدني الإيرانية عن توقيف الرحلات إلى الخارج، لكن ظلت شركة ماهان تقوم برحلاتها الاعتيادية من مطار الخميني إلى واهان لأسبوع كامل، فكان أسبوع عسل  للفيروس كورونا بأن يكسر الحظر المفروض عليه في واهان بالسفر إلى خارج الصين، ثم إلى العالم من بعده..

 

شركة ماهان الإيرانية التابعة للحرس الثوري كانت واشنطن قد فرضت عليها عقوبات دولية منذ بداية الثورة السورية نظراً لقيامها بنقل المعدات والجنود والمليشيات الطائفية من أفغانستان وإيران إلى المدن السورية الخاضعة للاحتلال الروسي والإيراني، ولكن ظلت تعمل بكل طاقتها على الرغم من دخول الثورة السورية عامها العاشر..

 

ومع التكتم الحاصل على انتشار الفيروس في إيران بالإضافة إلى عدم الجدية والصرامة في التعامل المبدئي مع الفيروس منذ البداية، كل ذلك عوامل ضاعفت من تفشيه وانتشاره، وفاقم الأمر أكثر وفكثر هو عدم إغلاق المدن المنكوبة، وعدم فرض الحظر المنزلي على الناس، فضلاً عن إغلاق المزارات الشيعية التي شكلت بنظر الخبراء بؤرة لتفشي الفيروس وانتشاره الكبير..

 

لكن الأخطر من هذا كله هو استمرار مثل هذه الرحلات إلى الدول التي تخضع اليوم للنفوذ الإيراني إن كان في العراق أو في سوريا ولبنان، وهو الأمر الذي يهدد بتفشي الفيروس في دول إما فاشلة وإما عاجزة عن مواجهة نكبات وأوبئة كهذه فضلاً عن نقل مليشيات إيرانية وغير إيرانية على احتكاك مع مناطق شبه منكوبة، مما يغدو تفشي المرض في تلك الدول إن لم يكن متفشياً بالأصل خطيراً ومهدداً بشكل كبير لسكان تلك الدول وللدول المجاورة..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.