شعار قسم مدونات

وجه بسوم وكلمات رضا

blogs تفكير

كلما نظرت لوجهه أرى رضا عجيب ويقين غريب، كلماته تقطر رضا بقسم الله له، رغم معرفتي لأمره وضيق حاله، فقد مر بكثير من ألم، من بين ضوائق مالية لا تنتهي، ومطاردة الظالمين له، وطول مرض، رحلة طويلة مع الألم، لكن مع الألم رضا ويقين، فيض الله له لا محالة، جالسته يوماً فكان الحمد قوله وفعله.

 

رضاه جلب طمأنينة النفس وهدوء البال، بل وبهجة لحياته، أما لو ترك رضاه فيكون في كدر وضيق بل وشد وجذب مع نفسه. وجاءت كورونا لتبث الرعب والخوق والهلع بين الناس، ذهبت إليه أنظر حاله، فكان كما تعودت، وجه بسوم وكلمات الرضا والصبر لا تفارقه، وقتها شعرت بطمأنينة تحل بحالي، فقمت من عنده داعياً ربىّ أن يكثر الله من أمثاله، فما أحوجنا لمثل هذه القلوب تثبتنا وقت الاهتزاز.

 

كلما زاد الرضا انخفض القَلَق والتوتُّر، وخفَّت آثارُ الضغوط اليومية على الأعصاب؛ مما له أثر على الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. هنا عرفت أن من مُلأ قلبه بالرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى ورضا

وعن حال الراضين يحكى الأصمعي: سألت بدوية من أحسن الناس وجهاً، لها زوج قبيح الوجه: أترضين أن تكوني زوجة هذا؟!

ردت: لعله أحسن فيما بينه وبين ربه فجعلني ثوابه، وأسأت فيما بيني وبين ربى فجعله عقابي، أفلا أرضى بما رضي الله به؟!

 

ولأنه بعيد المنال فكان من دعواته صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك الرضا بالقضاء". وعن الرضا يقول كرم الله وجهه: "يا ابن آدم، لا تحمل هم يومك الذي لم يأت، على يومك الذي أتى، فإنه إن يكن في عمرك، يأتك الله فيه بمحبتك، واعلم أنك لن تكسب شيئاً سوى قوتك، إلا كنت فيه خازناً لغيرك بعد موتك".

 

وأما خامس الخلفاء الراشدين فيعلن: "أصبحت وما لي سرور إلا في مواطن القضاء والقدر". وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فمقولته الخالدة والتي تدرس في الرضا والراضيين: "ماذا يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى رحلت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".

 

حاولت أن أفهم كيف وصل لما وصل، فرأيته دائماً يضع في حسبانه أن الله – سبحانه وتعالى – ما ابتلاه إلا ليقربه إليه وليرفع درجته زيادة ثوابه، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ الله إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ " رواه الترمذي.

 

يقولون: كلما زاد الرضا انخفض القَلَق والتوتُّر، وخفَّت آثارُ الضغوط اليومية على الأعصاب؛ مما له أثر على الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. هنا عرفت أن من مُلأ قلبه بالرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى ورضا وقناعه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.