شعار قسم مدونات

كيف استقبل الإيطاليين مساعدات السيسي لهم؟

blogs إيطاليا

3 فبراير 2016 جثة مشوهة لشاب عشريني ملقاة على جَنَبات طريق مصر اسكندرية الصحراوي، بعد التقصي عُرفت انها لباحث إيطالي يدعى جوليو ريجيني طالب الدكتوراة في جامعة كامبردج البريطانية، والذي كان قد اختفى في 25 يناير تزامنا مع ذكرى الثورة، كسور العظم والأسنان والحروق المتفرقة بجسده واستخدام القبضات والعصى في التعذيب تخبرك أن جهاز أمن الدولة في مصر هو المسؤول عن قتله لأن تلك أساليبه في التحقيق مع النشطاء السياسيين، والذي تبين بالفعل في آخر الأمر، بعد إنكار السلطات المصرية مسؤوليتها عن قتله ووصل حد الإنكار إلى أن قامت بقتل خمسة اشخاص ادعت أنهم من قتلوا ريجيني بهدف السرقة لكي تبعد عنها الشبهات.

  

وبعد ذلك علمت السلطات الإيطالية أن ريجيني قُبض عليه من قبل جهاز أمن الدولة وأن خمسة من قياداته متورطين في قتله مستخدمين معه التعذيب كوسيلة في التحقيق، وذلك بأمر من محمود السيسي نجل الرئيس المصري ونائب رئيس المخابرات العامة، لكن وبعد اربعة سنوات لم تتخذ إيطاليا أي رد فعل حقيقي سوى التنديد فقط، فمن يتابع صفقات الأسلحة والغواصات الحربية التي تٌعقد بين مصر وايطاليا، سيعرف لماذا لم تتخذ إيطاليا أي رد فعل إلى الآن ولن تأخذ إلا بعد أن يمتنع النظام المصري عن شراء تلك الأسلحة.

 

في عام 2019 أصدرت وزارة الخارجية الإيطالية وثيقة تقول فيها أن مصر حققت رقما قياسيا في عام 2018 على مستوى مشتريات الأسلحة والذخائر والنظم المعلوماتية الأمنية الإيطالية والتي تخطت الـ 69 مليون يورو، وهي أكبر صفقة سلاح حدثت بين مصر وايطاليا من بعد ثورة يناير، وفي عام 2020 اشترت مصر من ايطاليا سفينتين حربيتين بلغ ثمنهما 1.3 مليار دولار وهناك صفقات اخرى في الطريق، وهناك خبر يقول أن ثمة صفقة سلاح قريبة ستعقد بين مصر وايطاليا بـ 10 مليار دولار في 25 أبريل القادم، النظام المصري يفعل ذلك لشراء صمت إيطاليا لغلق قضية "ريجيني"، لكن السؤال هنا لماذا لم تتخذ إيطاليا أي خطوة جادة ضد النظام المصري وهي تعلم تورط رجاله وأجهزته في قتل أحد مواطنيها، ببساطة لأنها تستخدم قضية "ريجيني" كورقة ضغط من أجل بيع الأسلحة والمعدات العسكرية، الحكومة الإيطالية إلى الآن متواطئة مع النظام المصري في ضياع حق ريجيني.

   

  

النظام المصري يحاول بشتى الطرق أن يشتري صمت إيطاليا، في الوقت الذي يجتاح وباء الكورونا العالم ومع نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات المصرية ووفاة عدة أطباء وممرضين نتيجة لذلك النقص، أرسلت مصر بقيادة وزيرة الصحة شاحنات لمعدات طبية لمساعدة إيطاليا، لا اعترض على ارسال شاحنات مساعدات إلى ايطاليا أو إلى غيرها إذا كانت مصر لديها بالفعل اكتفاء ذاتي لكن أن يكون هناك نقص شديد فيها ويرسل مساعدات لكي يحمي نفسه ورجاله من المسائلة عن قتل الباحث الإيطالي فذلك يعد خيانة، لا توجد دولة يموت مواطنيها فتذهب لتمد يد العون لدولة اخرى، الحكومة الإيطالية ليست بالغبية فهي تعلم تماما لماذا تفعل الحكومة المصرية ذلك، وتعلم أيضاً أن عبدالفتاح السيسي ديكتاتوري وقاتل وليس سياسيا فوجدتها فرصة لاستغلال قضية ريجيني من أجل مصالح اقتصادية إلى أن يمتنع النظام المصري عن شراء الأسلحة حينها ستملئ الحكومة الايطالية الدنيا صراخ مطالبةً بحق "ريجيني".

 

تعليقات الإيطاليين

ذلك ليس رأيي فقط بل آراء كثير من الإيطاليين، فمنذ وصول شحنات المساعدات الطبية وهناك حالة من الغضب شهدتها بعض الصفحات الإيطالية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تخبرك أن الإيطاليين يرفضون تلك المساعدات ويرفضونها بل يهاجمون حكومتهم ويصفونها بالفاسدة لأنها قبلتها واعتبروها ثمنا لدم "ريجيني"، تسائل أحد الإيطاليين معلقا على خبر وصول شحنة الامدادات من مصر، هل كانت مساعدة الحكومة التي تعذب حتى الموت بحاجة إليها حقا؟ وآخر قال "جوليو ريجيني" هو أول شخص خطر ببالي عندما رأيت هذا الخبر، والآخر مساعدة من قاتل!، العدالة من أجل "جوليو ريجيني" لا أنسى، حتى نعرف الحقيقة يجب ألا نقبل أي مساعدة من الحكومة المصرية، فكرت فيك فوراً يا "جوليو"، القتلة، رغم حالنا الآن لا نريد من الرئيس المصري أي شيء، الصلاة من أجل ريجيني، لا شيء يتغير، عزيزي جوليو ريجيني أرقد بسلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.