شعار قسم مدونات

محاربو الكورونا.. مبتكرو الأدوية يغزون العالم!

blogs طبيب

ما كاد يدخل علينا العام الجديد 2020 إلا وهو يحمل معه العديد من الأحداث الجسيمة الطبيعية منها والسياسية، مثل حرائق أستراليا ثم نذر الحرب الأمريكية الإيرانية وحرب النفط العالمية. لكن كل ذلك يهون مقابل الحدث الأبرز في هذا العام والذي لم يحدث له مثيل في التاريخ الحديث، الا وهو انتشار فيروس كوفيد 19 والمعروف عالميا بفيروس الكورونا، فمن السوق الصيني بمدينة ووهان خرج مرض جديد وانتشر كالنار في الهشيم في كافة ارجاء العالم، حتى تجاوزت وفياته المائة ألف إنسان وقت كتابة هذا المقال، ويقترب عدد المصابين رويدا رويدا من المليونين.

 

وقد أشبع الكتاب والمدونون والأطباء والساسة وعامة الناس هذا المرض كتابة وتنظيرا وتدوينا، حتى أصبح كل طفل صغير يعرف أساسيات الوقاية من المرض وانتشاره، عندها ثبت للعالم أجمع مدى أهمية الفرق الطبية من أطباء وصيادلة وممرضين الخ، حيث إنهم يعتبرون صمام الأمان وخط الدفاع الأول ضد هذا المرض. وبجانب مكافحة المرض فإنه في كل دول العالم توجد فرق تقوم بالأبحاث لتوفير أدوية أو لقاحات لهذا المرض، وهم يصلون الليل بالنهار لتسريع الأبحاث والتجارب من أجل ذلك، وتصرف مليارات الدولارات لتحقيق هذا الغرض، ولا زال البحث جاريا حتى الآن في كافة أرجاء المعمورة.

 

لكن.. مع انتشار هذا المرض انفجرت في وجهنا شلالات من الادعاءات عن أدوية ووجبات غذائية وتقنيات علاجية لمرض كورونا الجديد، بدأً من أدوية الهيدروكسي كلوروكوين والازيثرومايسين ومضادات الفيروسات ولقاح السل، ووصولا إلى الفول والثوم والبصل والعدس والشلولو، وانتهاء بالأجهزة التي تقوم بالمعالجة مثل الجهاز الجديد لعبدالعاطي كفتة وأمثاله، فما هو تقييم العلم لهذه الأدوية والأجهزة، وهل هناك دواء فعال مثلا؟

  

   

نظرة على أدوية الكورونا

يمكن تقسيم العلاجات المقترحة لمكافحة الكورونا إلى مجموعات وتقييم كل مجموعة كما يلي:

1- الأغذية ومقويات المناعة:

وتشمل كافة أنواع الأغذية التي تزيد في المناعة مثل الليمون والثوم والبصل وما اليها من الأغذية، ويدخل ضمن هذه المجموعة المكملات الغذائية التي تساعد في تقوية المناعة مثل بعض أنواع الفيتامينات أو الزنك وغيرها. وهذه المجموعة مفيدة بالتأكيد حيث أنها تزيد من مقاومة الجسم للمرض وتقوية الجهاز المناعي حتى يستطيع الجسم التغلب على العدوى، لكن هذه المجموعة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعتبر علاجا للمرض ولا يمكن أن تصنف على أنها علاج للكورونا بأي حال من الأحوال.

 

2- أدوية كيماوية ولقاحات:

هناك العديد من الدراسات الأولية على أن الكلوروكوين والهيدروكسي كلوروكوين أثبتت فعاليتها في شفاء مرضى الكورونا عند استخدامها مع الأزيثرومايسين وهو مضاد حيوي واسع الاستخدام، كما أن هناك العديد من الأدوية المضادة للفيروسات منها على سبيل المثال لا الحصر دواء الفافيبرافير Favipiravir الذي اثبتت العديد من التجارب السريرية فعاليته، وبجانب هذه الأدوية توجد تجارب لبعض اللقاحات التي يعتقد فعاليتها لعلاج الكورونا مثل لقاح السل، والذي يعتقد أنه من الأسباب الرئيسية لتقليل نسب الوفيات في دول العالم النامي مقارنة بالدول الأوروبية والأمريكية حيث لا زال يستخدم في مجموعة الدول النامية ولا يستخدم في المجموعة الثانية.

 

بالنظر للرسائل العلمية والتجارب السريرية التي يتم إجراؤها على هذه الأدوية فإن هذه المجموعة هي التي يعول عليها أن تكون فعلا ذات فائدة في علاج أو زيادة مقاومة الجسم ضد المرض، إلا أنه يجب التأكيد على أن كل هذه الأدوية لم تثبت فعاليتها بصورة قاطعة حتى الآن، ولا زالت التجارب غير مكتملة وما لم يثبت علميا وعمليا فعاليتها فلا يمكن التعويل عليها كعلاج للوباء. كما يجب التأكد مما إذا كانت المجموعة تعالج المرض فعلا أم أنها تعالج الأعراض التي قد تؤدي للوفاة. وسواء كانت هذه الأدوية تقضي على الفيروس أو تقلل من أعراض المرض حتى يتماثل المريض للشفاء فإنها ذات فائدة بالتأكيد.

 

3- مجموعة أجهزة ومعدات علاج الكورونا:

حيث انتشر بالعديد من الدول منتج اسمه أير دكتور Air Doctor ، كما ظهر لنا اللواء عبدالعاطي بجهازه الخاص بالكورونا بعد أسبوع من انتشار المرض، وينطبق على هذه المجموعة ما ينطبق على المجموعة الثانية من أنه يمكن أن تكون هنالك مجموعة من الأجهزة المساعدة للعلاج وقد توجد تقنيات خاصة تقضي على الفيروس، لكن مالم تجرى عليها تجارب كافية تثبت فعالية هذه التقنيات بالعلاج أو الوقاية، وتثبت سلامتها وأمنها للمستخدم، فإنه لا يمكن التعويل عليها واستخدامها حتى تتحقق فيها كافة الشروط. لذلك لا ينصح باستخدام أو تداول هذه التقنيات حتى تثبت فعاليتها ضد المرض.

  

undefined   

هل يوجد دواء فعال لمرض الكورونا الجديد (كوفيد19)؟

حتى الآن لم يثبت أي دواء أو لقاح أو تقنية فعاليتها لعلاج الكورونا، وكل ما يتداوله الإعلام ليس إلا مجرد تجارب، وأغلب الأدوية المدعاة ليس لها أي فائدة علاجية أو وقائية من المرض، لكن التجارب التي تجرى في كافة انحاء المعمورة ستقود حتما لعلاج ناجع أو لقاح فعال، لكن ما يعاب على بعض وسائل الإعلام التجارية نشرها لأخبار علاجات وهمية، واستضافتها لأشخاص لا علاقة لهم بالجوانب الطبية ممن يدعون اكتشافهم لعلاج الكورونا، حتى وصل الادعاء بأحدهم بأنه تحت التهديد بالتصفية الجسدية نظرا لاكتشافه علاج للكورونا، ومما يؤسف له ظهور شخصيات مؤثرة مثل وزراء في بعض الدول أو حتى رؤساء مثل ترامب للترويج لمثل هذه الأدوية، حتى وإن كانت هنالك نتائج مبشرة لأي دواء فلا يمكن نشره واستخدامه حتى يثبت فعاليته ضد المرض، وسلامته على المريض.

 

من جهة أخرى يجب على الجهات الرقابية على ترخيص الأدوية أن تسهل من تراخيص التجارب الأولية وتسهل من اجراء هذه التجارب بحيث تتقبل إجراء تجارب أقل مقارنة بالحالات العادية التي يحتاج فيها الدواء لعشر سنوات تقريبا حتى يتم ترخيصه، بحيث ان أي دواء تثبت فعاليته لعلاج المرض بنسب مقبولة وتكون آثاره الجانبية قليلة أو معدومة فلا بد أن يتم ترخيصه واعتماده بأقرب وقت ممكن، مع عدم التنازل عن الاساسيات التي لابد من عملها لأي دواء أو لقاح.

  

نقطة أخيرة: هذا المرض أثبت أنه خطير جدا، نظرا لسرعة انتشاره وعدد الوفيات التي تقارب 3 بالمائة من عدد المرضى، لكن بمجرد الحصول على علاج أو لقاح فعال له فسيصبح بإذن الله مجرد مرض عادي لا يوجد أي خطر من انتشاره، وبالتالي ستعود الحياة إلى طبيعتها وهذا هو الأمل الذي ينتظره الجميع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.