شعار قسم مدونات

من المستفيد من انسحاب محمد توفيق علاوي؟

blogs علاوي

في ظل الوضع المتدهور الذي يعيشه العراق، وتسارع الأحداث، يعيش الجميع في حالة تساؤل عن مستقبل العراق المجهول كلياً، فمنذ انطلاق ثورة تشرين في اكتوبر 2019 وإلى الآن والأحداث تتزايد وتتسارع يوماً تلو الآخر حتى بات أحنك الخبراء لا يستطيعون تخمين مستقبل العملية السياسية في العراق.

 

ففي الـ 29 من تشرين الثاني 2019 قدم رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي استقالته من منصبه على أثر المظاهرات الحاشدة وعدم المقدرة على احتواء الشارع العراقي، وعلى الرغم من إن تلك الاستقالة تُعتبر أول مطالب المتظاهرين المحققة، إلا إنها لم تكن الحل بل كانت بداية الأزمة الراهنة، أزمة الكُرسي الفارغ، والفراغ الدستوري.

 

على الرغم من طرح أكثر من اسم مرشح لرئاسة الوزراء إلا إنه في كل مرة يتم رفض المرشحين من قبل ساحات التظاهر، ويعود السبب الى المواصفات التي وضعها المتظاهرون في الشخص الذي يجب أن يشغل هذا المنصب -كفترة انتقالية- للإعداد للانتخابات المبكرة، فنشأت هذه المشكلة وباتت الطرق مغلقة أمام الأحزاب في تمرير أي اسم خوفاً من رد فعل الشارع العراقي، حيث إنه عندما تم تكليف محمد توفيق علاوي، رفضه الشارع بشدة، والآن هو ينسحب.

 

يجب على الشارع العراقي إدراك ووعي هذه الحقيقة، حيث إن انسحاب محمد علاوي من التكليف ليس انتصارا لأرادتهم كما ظنوا، بل إنه يؤجج الوضع أكثر ويؤخر تحقيق مطالبهم
ما سبب هذا الانسحاب؟ ومن المستفيد منه؟

بعد إقرار قانون الانتخابات الجديد، وانهيار العملية السياسية في العراق، وعدم سيطرة الأحزاب على المشهد بل وحتى عدم الاتفاق فيما بينهم، صار المنفذ الوحيد للأحزاب للنهوض بنفسها هو المماطلة والتسويف، فأصبح هدفهم هو إنهاء الدورة الانتخابية الحالية حتى نهايتها في أي شكل من الأشكال وعدم خوض انتخابات مبكرة قد تطيح بهم للأبد، وأيضاً، قانون الانتخابات ذو الجدل الواسع، فالأحزاب تخشى من إن هذا القانون قد يطيح بها ويؤدي الى صعود وجوه جديدة مستقلة للساحة السياسية.

 

لهذا السبب، لا ملجئ لديهم لكسب الوقت إلا بجدلية اختيار رئيس الوزراء التي استغلوها لصالحهم أبشع استغلال، فبينما الشباب يُقتلون في سوح التظاهر، تراهم يتصارعون فيما بينهم على هذا المنصب متجاهلين القمع والخطف والتغييب الذي يتعرض له المتظاهرون بلا حتى أدنى اهتمام! فلا هم المُحاسِبون، ولا هم المُستنكِرون، ولا المُهتَمون، هم فقط المُستغِلون، فبات من الواضح من هو المستفيد من تأخير وتأجيل اختيارا رئيس الوزراء، بلا شك هم الأحزاب لكسب الوقت الكافي لإكمال دورتهم الانتخابية، وعدم خوض غمار الانتخابات المبكرة ولا حتى الفترة الانتقالية، فهم يعلمون جيداً إن الكرة ليست في ملعبهم.

 

وإن تساءلت، من هو المستفيد الأكبر؟ بالطبع إيران! فهي المحرك الرئيسي للأحزاب، وهي من تسيطر على المشهد السياسي في العراق، فلا تريد أن تخسر هذه السيطرة بأي ثمن، حتى وإن كان الثمن دم الشباب العراقي، أو الانهيار السياسي، لأنها تعلم تماماً إذا سقطت الأحزاب الحالية ستسقط هيمنتها على العملية السياسية هناك، وهي بالطبع لا تريد ذلك.

  

ما المطلوب من الشارع العراقي؟

يجب على الشارع العراقي إدراك ووعي هذه الحقيقة، حيث إن انسحاب محمد علاوي من التكليف ليس انتصارا لأرادتهم كما ظنوا، بل إنه يؤجج الوضع أكثر ويؤخر تحقيق مطالبهم، فلا يجب أن ينتظروا اختيارا رئيس وزراء بالشروط التي وضعوها في ظل وجود الأحزاب، بل ستكون لحظة تحقيق مطالبهم هي الانتخابات المبكرة، لذلك يجب أن يتجهوا لها في أسرع وقت وعدم القبول بمراوغة الأحزاب لهم، والمهمة هنا تقع على عاتق رئيس الجمهورية الذي عليه أن يختار شخصية مستقلة في ال 15 يوم القادمة، وعدم تأخير المدة أكثر كما حدث في الفترة التي سبقت اختيارا محمد علاوي، وأيضاً يجب على البرلمان تمريره، فهل تتحقق مطالب المتظاهرين ويتوجه العراق الى مرحلة انتقالية وانتخابات مبكرة، أم ستستمر الأحزاب في التسويف وتضييع الوقت؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.